القبول بين الناس؛ أسبابه وآثاره الطيبة

القبول بين الناس؛ أسبابه وآثاره الطيبة. 
بسم الله الرحمن الرحيم
🕌 الخُطْبَةُ الْأُولَى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَجْعَلُ لِلصَّادِقِينَ وَدًّا، وَيَغْرِسُ لَهُمْ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ قَبُولًا، وَيَرْفَعُ لَهُمْ ذِكْرًا حَسَنًا بَعْدَ الرَّحِيلِ. نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَنَشْكُرُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
 
أَمَّا بَعْدُ!
أُوصِيكُمْ—عِبَادَاللَّهِ—وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ؛ فَهِيَ زِينَةُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَعُمْدَةُ السَّرَائِرِ وَالظَّوَاهِرِ.
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
 
مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ!
مَا أَجْمَلَ أَنْ تَعِيشَ بَيْنَ النَّاسِ مَقْبُولًا مَحْبُوبًا؛ إِذَا حَضَرْتَ انْشَرَحَتِ الصُّدُورُ، وَإِذَا غِبْتَ سَارَ ذِكْرُكَ الطَّيِّبُ عَلَى الْأَلْسُنِ، وَإِذَا مُتَّ تَقَاسَمَ الْأَحِبَّةُ الدُّعَاءَ لَكَ! ذَاكَ مَقَامٌ عَالٍ لَا يُشْتَرَى بِمَالٍ، وَلَا يُنَالُ بِحِيلَةٍ وَاحْتِيَالٍ؛ إِنَّهُ «الْقَبُولُ» الَّذِي يَهَبُهُ الرَّحْمَنُ لِمَنْ صَدَقَتْ سَرِيرَتُهُ وَطَابَتْ سِيرَتُهُ.
 
قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: ٩٦].
وَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ فِي اجْتِمَاعِ الْقُلُوبِ وَائْتِلَافِهَا: ﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ [الأنفال: ٦٣].
 
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ… ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ».
فَالْقَبُولُ هِبَةٌ رَبَّانِيَّةٌ، لَكِنَّهَا لَا تُعْطَى إِلَّا لِمَنْ أَحْسَنَ التَّعَلُّقَ بِرَبِّهِ، وَأَحْسَنَ السُّلُوكَ مَعَ خَلْقِهِ.
 
وَمِنْ أَسْبَابِ الْقَبُولِ:
1. صِدْقُ اللِّسَانِ وَالْمُعَامَلَةِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩]. الصِّدْقُ يَسْتَجْلِبُ الثِّقَةَ، وَالْكَذِبُ يَهْدِمُ الْهَيْبَةَ.
2. الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: ٨٣]، وَقَالَ ﷺ: « مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
3. الْإِحْسَانُ إِلَى الْخَلْقِ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ»؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» [رَوَاهُ مُسْلِم].
4. حُسْنُ الْخُلُقِ وَاللِّينُ وَالرِّفْقُ: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٩]، وَقَالَ ﷺ: «مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ» [رَوَاهُ مُسْلِم].
5. السَّتْرُ وَالْعَفْوُ وَالْإِصْلَاحُ: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [فُصِّلَتْ: ٣٤]، وَ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ [الْحُجُرَاتِ: ١٠]
   وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ". رَوَاهُ مُسْلِم.
 
إِذَا طَهُرَتِ السَّرِيرَةُ أَثْمَرَتْ جَمَالَ السَّمْتِ وَبَهَاءَ الْمَنْطِقِ؛ وَإِذَا عَمَرَ الْقَلْبُ بِالذِّكْرِ أَسَالَ عَلَى اللِّسَانِ عَذْبَ «السَّلَامِ وَالِابْتِسَامِ». 
مِفْتَاحُ الْقُلُوبِ «إِحْسَانٌ وَصِدْقٌ وَرِفْقٌ»، وَمَنْ طَلَبَ الْقَبُولَ مِنَ النَّاسِ فَلْيَبْتَغِهِ أَوَّلًا عِنْدَ رَبِّ النَّاسِ.
 
هَلِ الْقَبُولُ يَعْنِي التَّمَلُّقَ وَالتَّكَلُّفَ لِلنَّاسِ؟ كَلَّا! بَلْ هُوَ نَتِيجَةُ إِخْلَاصٍ لِلرَّبِّ، ثُمَّ إِحْسَانٍ لِلْخَلْقِ. وَدَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَاهِدَةٌ: ﴿وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾ [الشُّعَرَاءِ: ٨٤].
 
عِبَادَ اللَّهِ! 
إِذَا أُغْلِقَ كِتَابُ عَمَلِكَ بَقِيَ «كِتَابُ آثَارِكَ» فَهَلْ لَاجْتَهَدْتَ أَنْ تَجْعَلَ أَثَرًا حَسَنًا يُقْرَأُ مِنْ بَعْدِكَ!؟ صَدَقَاتٌ جَارِيَةٌ، وَدَعَوَاتٌ تُسَعِّدُكَ فِي قَبْرِكَ.
فَكَمْ مِنْ مَيِّتٍ؛ حَيٍّ بَيْنَنَا 
وَكَمْ مِنْ حَيٍّ؛ مَيِّتٍ بَيْنَنَا 
إِنَّهُ الذِّكْرُ الْحَسَنُ، وَإِنَّهَا نَتِيجَةُ الْعَمَلِ! 
وَيَبْقَى لِأَهْلِ الْقَبُولِ «سَيْلُ دُعَاءِ الْأَيْدِي» يَصِلُهُمْ صَبَاحًا وَمَسَاءً.
أَخِي فِي اللَّهِ!
طَهِّرْ قَلْبَكَ—يُطَهِّرِ اللَّهُ ذِكْرَكَ، وَأَحْسِنْ لِخَلْقِهِ—يُحْسِنِ النَّاسُ إِلَى سِيرَتِكَ، وَاصْدُقْ فِي تَعَامُلِكَ لِيَثْقُلَ مِيزَانُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
 
اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ وَاجْعَلْنَا مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ. 
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ…
 
🕌 الخُطْبَةُ الثَّانِيَة
 
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.
 
عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي الْمِيزَانِ، وَبِهِ يُدْرِكُ الْعَبْدُ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ. وَمِنْ دَلَائِلِهِ: لِينُ الْجَانِبِ، وَطِيبُ الْمَنْطِقِ، وَسَعَةُ الصَّدْرِ، وَسَتْرُ الْعَيْبِ، وَشُكْرُ النِّعْمَةِ، وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ. ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٥٣].
 
وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى حُسْنِ الْخُلُقِ كَثْرَةُ الذِّكْرِ وَاسْتِشْعَارُ الْحَيَاءِ مَعَ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ؛ فَمَنِ اسْتَشْعَرَ أَنَّ اللَّهَ مَعَهُ اسْتَحَى أَنْ يَفْعَلَ أَوْ يَقُولَ مَا يُسْخِطُهُ وَلَنْ يَتَحَلَّى الْمَرْءُ بِالْحَيَاءِ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ غَافِلٌ عَنْ ذِكْرِهِ؛ فَأَكْثَرُ النَّاسِ حَيَاءً مِنَ اللَّهِ هُمْ أَكْثَرُهُمْ ذِكْرًا لَهُ جَلَّ عَلَاهُ.
 
أيها المؤمنون! 
وَمِمَّا يُحَقِّقُ الْقَبُولَ عِنْدَ النَّاسِ:
مُلَازِمَةُ«الْبِشْرِ وَالتَّبَسُّمِ»؛ فَ«تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ».
فَالِابْتِسَامَةُ بَلْسَمٌ لِلرُّوحِ وَدَوَاءٌ لِلنَّفْسِ وَبَرِيدُ الْمَحَبَّةِ وَالصَّفَاءِ، فَمَا أَجْمَلَ أَنْ تَلْتَقِيَ بِالْآخَرِينَ بِوَجْهٍ بَسَّامٍ وَبِابْتِسَامَةٍ صَافِيَةٍ، فَهُوَ سُرُورٌ تَغْرِسُهُ فِي قُلُوبِ النَّاسِ وَمَوَدَّةٌ تَزْرَعُهَا فِيهِمْ.
وَقِيلَ فِي الِابْتِسَامَةِ: إِنَّهَا هِيَ اللَّغَةُ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَرْجَمَةٍ، وَهِيَ جَوَازُ السَّفَرِ إِلَى الْقُلُوبِ، وَكَمِ اقْتَصَرَتِ الِابْتِسَامَاتُ كَثِيرًا مِنَ الْعِبَارَاتِ؛ فَابْتَسِمْ ولا تكن بخيلا بابتسامتك فَذَلِكَ نُورٌ فِي وَجْهِكَ، وَصِحَّةٌ لِقَلْبِكَ، وَسَعَادَةٌ لِمَنْ حَوْلَكَ، وَصَدَقَةٌ فِي مَوَازِينِكَ، وَأَوْلَى النَّاسِ بِهَا مِنْكَ.. أُسْرَتُكَ. 
وَكَانَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَثِيرَ التَّبَسُّمِ مَعَ أَصْحَابِهِ فَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي، إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
 
وَكَذَلِكَ مِمَّا يُحَقِّقُ الْقَبُولَ عِنْدَ النَّاسِ سَعْيُكَ فِي «قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ» وَكَمْ مِنْ شَخْصٍ مُوَفَّقٍ قَضَى حَاجَةً لِأَحَدِهِمْ وَمَضَى وَنَسِيَ؛ وَبَقِيَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَدْعُو لَهُ عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَيَذْكُرُهُ بِخَيْرٍ..
 
وَمِمَّا يُحَقِّقُ الْقَبُولَ حِفْظُ اللِّسَانِ فَكَمْ مِنْ شَخْصٍ زَلَّ بِلِسَانِهِ بِكَلِمَةٍ كَانَتْ فِي مَزْحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهَدَمَ بِذَلِكَ جِسْرَ الْقَبُولِ عِنْدَ غَيْرِهِ فَاحْفَظْ لِسَانَكَ وَزِنْ كَلِمَاتِكَ وَلَا تَقُلْ إِلَّا خَيْرًا أَوِ اصْمُتْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ.
 
وَمِمَّا يُحَقِّقُ الْقَبُولَ؛ حِرْصُكَ عَلَى إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ؛ فَـ هَنِيئًا لِمَنْ عَمِلَ عَلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ وَالْمُتَدَابِرِينَ من الْمُسْلِمِينَ فَذَلِكَ أَجْرٌ عَظِيمٌ وَقَبُولٌ يَبْقَى لَكَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ«إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ» أَفْضَلُ مِنْ نَوَافِلِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.
 
وَمِمَّا يُحَقِّقُ الْقَبُولَ عِنْدَ النَّاسِ أَنْ تَدْعُوَ لَهُمْ بِظَهْرِ الْغَيْبِ؛ فَالدُّعَاءُ لَهُمْ يَرْفَعُكَ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ رَبِّهِمْ وَسُبْحَانَ اللَّهِ قَدْ جَرَّبَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ فَتَجِدُهُ يَدْعُو فِي ظَهْرِ الْغَيْبِ لِفُلَانٍ مِنَ النَّاسِ ثُمَّ إِذَا الْتَقَاهُ وَجَدَهُ يَحْتَفِي بِهِ حَفَاوَةً كَبِيرَةً وَذَلِكَ عَلَامَةٌ عَلَى مَحَبَّتِهِ الْكَبِيرَةِ لَهُ وَمَا ذَاكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَثَرُ تِلْكَ الدَّعَوَاتِ الَّتِي كَانَتْ فِي ظَهْرِ الْغَيْبِ.
 
وَمِمَّا يُحَقِّقُ الْقَبُولَ عِنْدَ النَّاسِ الِاحْتِفَاءُ بِهِمْ وَإِظْهَارُ الِاهْتِمَامِ وَالتَّقْدِيرِ لَهُمْ وَإِخْبَارُهُمْ بِأَنَّنَا نُحِبُّهُمْ وَكُلُّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حَتَّى أَنَّ الصَّحَابَةَ احتَارُوا فِي أَيِّهِمْ أَكْثَرُ مَحَبَّةً عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِعَظِيمِ تَقْدِيرِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
 
وَمِمَّا يُحَقِّقُ الْقَبُولَ عِنْدَ النَّاسِ: التَّبَسُّطُ مَعَهُمْ، وَالْقُرْبُ مِنْهُمْ، وَتَرْكُ التَّكَلُّفِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكُلْفَةِ تُذْهِبُ الْأُلْفَةَ.
 
عِبَادَ اللَّهِ! 
تَأَمَّلُوا حَالَ مَنْ مَاتَ عَنْكُمْ.. 
وَاسْتَشْعِرُوا أَنَّنَا يَوْمًا سَنَكُونُ مِثْلَهُمْ.. 
فَكَمْ نَصِيبُنَا مِنْ «دَعَوَاتِ الْخَلْقِ» بَعْدَ الْمَوْتِ؛ هَلْ نَكُونُ مِمَّنْ يَتَذَكَّرُونَ إِحْسَانَهُ، وَيَسْأَلُونَ لَهُ الرَّحْمَةَ، وَهَلْ يُبْقِي اللَّهُ لَنَا فِي الْأَرْضِ «أَثَرًا جَمِيلًا» وَفِي السَّمَاءِ «ذِكْرًا طَيِّبًا»!؟ 
 
"أَلَا فَصَلُّوا وَسَلِّمُوا -عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى مَنْ كَانَ أَعْظَمَ النَّاسِ قَبُولًا، وَأَكْمَلَهُمْ خُلُقًا، وَأَحَبَّهُمْ إِلَى الْقُلُوبِ؛ عَلَى مَنْ أَبْقَى اللَّهُ لَهُ فِي الْأَرْضِ ذِكْرًا جَمِيلًا، وَفِي السَّمَاءِ مَقَامًا عَظِيمًا. فَقَدْ قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
 
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
 
اللَّهُمَّ طَهِّرْ قُلُوبَنَا، وَزَكِّ أَلْسِنَتَنَا، وَحَبِّبْ إِلَيْنَا حُسْنَ الْخُلُقِ، وَارْزُقْنَا صِدْقَ اللِّسَانِ وَوَفَاءَ الْعَهْدِ، وَاجْعَلْ لَنَا فِي الْأَرْضِ قَبُولًا، وَفِي السَّمَاءِ ذِكْرًا، وَبَعْدَ الْمَمَاتِ دُعَاءً صَالِحًا لَا يَنْقَطِعُ.
اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَاصْرِفْ عَنَّا الشَّقَاقَ وَالنِّفَاقَ، وَارْزُقْنَا نَفْعًا لِعِبَادِكَ وَقَبُولًا عِنْدَكَ.
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ الْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي يُقَرِّبُنَا إِلَى حُبِّكَ.
اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَيْنَا نِعْمَةَ الْأَمْنِ وَالْأَمَانِ، وَعُمَّ بِهَا جَمِيعَ أَوْطَانِ الْمُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُورِنَا وَرِجَالَ أَمْنِنَا لِكُلِّ خَيْرٍ، وَسَدِّدْ خُطَاهُمْ، وَاحْفَظْنَا وَإِيَّاهُمْ بِرِعَايَتِكَ وَعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِلَادَنَا فِي خَيْرٍ وَعَافِيَةٍ، وَعَمَّ بِالْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ بِلَادَنَا وَجَمِيعِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ. 
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَقِمِ الصَّلَاةَ.
المرفقات

1760634262_القبول بين الناس؛ أسبابه وآثاره الطيبة..docx

1760634263_القبول بين الناس؛ أسبابه وآثاره الطيبة..pdf

المشاهدات 585 | التعليقات 0