تأملات في سورة الفاتحة
الشيخ د نواف بن معيض الحارثي
الخطبة الأولى: تأملات في سورة الفاتحة
الحمدُ للَّـهِ ربِّ العالَمِين، الرَّحمنِ الرَّحيمِ، مالكِ يومِ الدِّينِ، اللَّهُمَّ صلِّ على محمَّدٍ ما تعاقب الليلُ والنَّهار، وصلِّ على محمَّدٍ وعلى المُهاجرين والأنصارِ، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ القرارِ، وسلِّمْ تسليماً كثيراً. أمَّا بعدُ:
فأوصيكم ....
مرَّ رَسولُ اللَّـهِ e علَى أُبَىِّ بنَ كَعبٍ، فقال :أتُحِبُّ أن أُعَلِّمَكَ سورَةً لَم ينزَل في التَّوراةِ، ولا في الإنجيلِ، ولا في الزَّبورِ، ولا في الفُرقانِ مِثلُها ؟ قلتُ: نَعَم، يا رسولَ اللَّـهِ، قال : فَكيفَ تَقرَأُ في الصَّلاةِ ؟ فقَرَأتُ عليهِ أُمَّ الكتابِ..." أحمد وغيرُه.
عبادَ اللـهِ:سورةٌ يقرؤُها المُسلمُ كلَّ يومٍ سَبْعَ عشْرَةَ مرَّةً -على الأقلِّ-، ومعَ هذا فقليلٌ من يدركُ مَعناها، وأقلُّ منهم مَن يعملُ بمُقْتضاها.
إنها سورةُ الفاتحةِ؛ هي فاتحةُ الكتابِ، والسَّبْعُ المَثاني، والقرآنُ العظيمُ، وأُمُّ القرآنِ، والصلاةُ، إنها أعظمُ سورةٍ في كتابِ اللَّـهِ، فعن أبي سعيدِ بنِ المُعَلَّى t أنَّ رسولَ اللـهِ ﷺ قال له: «أَلَا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ؟» قال: فَأَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ إِنَّكَ قُلْتَ: لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ، «قَالَ: الْـحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ الْـمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ» خ.
هي السورةُ التي لا تصحُّ صلاةُ مَن لم يَقرأْها، فهي رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، قال ﷺ: «لَا صَلَاةَ لِمَن لَّمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» متَّفقٌ عليه.
وهي السورةُ التي بُشِّر بها النَّبيُّ ﷺ: «أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا، لَمْ يُؤْتَهُـمَا نَبِىٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلاَّ أُعْطِيتَهُ» م.
فأَخبَر أنَّها نورٌ، وأنَّها نزلت خاصةً بالنبيِّ ﷺ دونَ سائرِ الأنبياءِ، ووُعِدَ ﷺ بأن يُعطَى ما حوتْهُ من فضائلَ وخصائصَ، وهو وعدٌ له ولأمَّتِه، على حسَبِ إخلاصِهم للَّـهِ، ومتابعتِهم لرسولِه ﷺ.
عبادَ اللـهِ: إنَّ سورةً هذه مكانتُها، وتلك مَنْزِلَتُها؛ لَخَلِيقٌ بكلِّ مسلمٍ أن يرعاها حقَّ رعايتِها، تعلُّماً لمَعانِيها، وتدبُّراً لمَثانِيها، وعملاً بما فيها.
لقد افتتح اللَّـهُ هذه السـورةَ بحمدِ نفسِه سبحانَه وتعالى، والحمدُ: هو ذكرُ المَحمودِ بصفاتِ الكمالِ والجمالِ، مع المَحبَّةِ للمَحمودِ، والحمدُ للَّـهِ يكونُ في جميعِ الأحوالِ، حتى عندَ نزولِ المَصائبِ، ووقوعِ المَتاعِبِ. ثمَّ ذكر سبحانه وتعالى أسباباً يستحقُّ بها الحمدَ المُطلَقَ الخالصَ، على جميعِ الأحوالِ
فالسببُ الأولُ: أنه ربُّ العالَمِين، أيْ: ربُّ كلِّ المَخلوقين، وكلُّ مربوبٍ فهو ضعيفٌ إلى ربِّه، محتاجٌ إليه غايةَ الحاجةِ، لا يستغني عن ربِّه طرفةَ عينٍ، وكلُّ الخَلْقِ مَرْبُوبُون له سبحانه، فكيف يكونُ أحدٌ أحقَّ بالحمدِ منه؟!
ثمَّ ذكر تعالى السببَ الثانيَ والثالثَ لاستحقاقِه الحمدَ كلَّه، فقال سبحانه: (ٱلرَّحمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ)، فالرحمنُ: اسمٌ للَّـهِ تعالى، يدلُّ على أنَّ الرحمةَ وصفٌ ذاتيٌّ له، والرحيمُ: اسمٌ للَّـهِ تعالى، يدلُّ على إيصالِه الرحمةَ إلى عبادِه، فالرحيمُ رحمتُه الفعليَّةُ، التي يفعلُها متى شاءَ تعالى.
ثمَّ ذكر جلَّ وعلا السببَ الرابعَ لاستحقاقِه الحمدَ كلَّه، فقال تعالى: (مَٰلِكِ يَومِ ٱلدِّينِ)، والدِّينُ في هذا السِّياقِ هو الجزاءُ بالعدلِ، فاللَّـهُ سبحانه مالكُ يومِ الجزاءِ، وهو يومُ القيامةِ، وهذا داعٍ قويٌّ ليتعلَّقَ العبدُ بربِّه، حتى يُنَجِّيَه اللَّـهُ يومَ الدِّينِ، فيجتهدُ في طاعةِ اللَّـهِ، ولا يشركُ بعبادةِ ربِّه أحداً.
وقد ذكر بعضُ العلماءِ أنَّ الآياتِ الثلاثَ الأولى فيها أركانُ العبادةِ، وهي المَحبَّةُ والرجاءُ والخوفُ؛ فالمَحبَّةُ في قولِه: (ٱلحَمدُ لِلَّـهِ ربِّ ٱلعَٰلَمِينَ)، والرَّجاءُ في قولِه: (ٱلرَّحمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ)، والخوفُ في قولِه: (مَٰلِكِ يَومِ ٱلدِّينِ).
معاشرَ المُسلمين: بعدَ الثناءِ بأحسنِ الصفاتِ على اللَّـهِ تعالى، أعقبها العبدُ كما علَّمه اللَّـهُ بأحسنِ ما ينبغي له تُجاه ربِّه المَوصوفِ بهذه الصفاتِ الحُسنى، فقال: (إِيَّاكَ نَعبُدُ وَإِيَّاكَ نَستَعِينُ)، وهذه الآيةُ منقسمةٌ بين العبدِ وربِّه، كما في الحديثِ القُدْسيِّ، الذي قال اللَّـهُ تعالى فيه: «قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِى وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: (ٱلحَمدُ لِلَّـهِ ربِّ ٱلعَٰلَمِينَ)، قَالَ اللَّـهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: (ٱلرَّحمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ)، قَالَ اللَّـهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: (مَٰلِكِ يَومِ ٱلدِّينِ)، قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي -وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَىَّ عَبْدِي-، فَإِذَا قَالَ: (إِيَّاكَ نَعبُدُ وَإِيَّاكَ نَستَعِينُ)، قَالَ هَذَا بَيْنِى وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: ﴿ٱهدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلمُستَقِيمَ صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم غَيرِ ٱلمَغضُوبِ عَلَيهِم وَلاَ ٱلضَّالِّينَ)، قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» م.
فهذه الآيةُ نصفُها للَّـهِ ونصفُها للعبدِ، فالنصفُ الذي للَّـهِ هو قولُه: (إِيَّاكَ نَعبُدُ): وهو ثناءٌ على اللَّـهِ، حيثُ حصر الداعي عبادتَه للَّـهِ وحدَه دونَ غيرِه، وأمَّا النصفُ الذي للعبدِ فهو قولُه: (وَإِيَّاكَ نَستَعِينُ): وهو دعاءٌ للَّـهِ، حيثُ يسألُ العبدُ ربَّه الإعانةَ، وفيه تبرؤُ العبدِ من حولِه وقوَّتِه، حيثُ حصرَ استعانتَه باللَّـهِ وحدَه دونَ غيرِه، قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ: «تأمَّلتُ أنفعَ الدُّعاءِ، فإذا هو سؤالُ العَوْنِ على مرضاتِه، ثمَّ رأيتُه في الفاتحةِ في (إِيَّاكَ نَعبُدُ وَإِيَّاكَ نَستَعِينُ)» اهـ .
عبادَ اللـهِ: ختم اللَّـهُ هذه السورةَ بتعليمِ عبادِه سؤالَ ما يحتاجونه، بل هم مضطرُّون إليه غايةَ الِاضطرارِ، وهو سؤالُ اللَّـهِ هدايتَهم الصراطَ المُستقيمَ، وهو الإخلاصُ للَّـهِ تعالى، ومتابعةُ رسولِه ﷺ، -وهو الإسلامُ-ثمَّ بيَّنَ أنَّ هذا الصراطَ المُستقيمَ هو صراطُ الذين أنعم اللَّـهُ عليهم، وهم النبيُّون والصدِّيقيُّون والشهداءُ والصالحون، وفيه ترغيبٌ للدَّاعي أن يُشابهَ هذه القُدُواتِ الحسنةَ من خيارِ الخَلْقِ، ثمَّ بيَّن أنَّ هذا الصراطَ المُستقيمَ هو غيرُ صراطِ المَغضوبِ عليهم -وهم كلُّ مَن عَلِمَ الحقَّ ولم يعملْ به، وعلى رأسِهمُ اليهودُ، وبيَّن سبحانه أنَّ الصراطَ المُستقيمَ هو غيرُ صراطِ الضالِّين وهم كلُّ مَن عمل بلا علمٍ، وعلى رأسِهمُ النَّصارى.
فعُلِمَ ممَّا سبق أنَّ صراطَ الذين أنعم اللَّـهُ عليهم هو العلمُ النافعُ والعملُ الصالحُ معاً، وأنَّ مَن جانب أحدَهما لم يكن على صراطٍ مستقيمٍ، فمَن علم ولم يعملْ ففيه شَبَهٌ من اليهودَ، ومَن عمل بلا علمٍ ففيه شَبَهٌ من النصارى. ولكم أن تعجبوا -يا عبادَ اللَّـهِ- ممَّن يسألُ اللَّـهَ الهدايةَ كلَّ يومٍ سبْعَ عشْرَةَ مرَّةً -على الأقلِّ-، وقد وَعَدَه اللَّـهُ أن يهديَه إذا استهداه، ومع ذلك ليس هو على جادَّةِ المُهتدينَ، فأين الخَلَلُ يا تُرى؟
إنَّ الخَلَلَ في ذلك العبدِ نفسِه، يسألُ اللَّـهَ الهدايةَ بغيرِ صدقٍ، ولو سألها بصدقٍ لبلغَهُ اللَّـهُ منازلَ المُهتدين، وجنَّبهُ صراطَ المَغضوبِ عليهم والضالِّين .
قال شيخُ الإسلامِ: "وَلِهَذَا كَانَ أَنفَعُ الدُّعَاءِ وَأَعظَمُهُ وَأَحكَمُهُ دُعَاءَ الفَاتِحَةِ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْـمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَإِنَّهُ إِذَا هَدَاهُ هَذَا الصِّرَاطَ أَعَانَهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَتَركِ مَعصِيَتِهِ، فَلَم يُصِبْهُ شَرٌّ لا في الدُّنيا وَلا في الآخِرَةِ..."
اللهم اهدنا فيمن هديتَ وتولنا فيمن تولت وبارك لنا فيما أعطيت...
أقول قولي ...
الخطبةُ الثانيةُ
الحمدُ للـهِ ...أمَّا بعدُ: فمعاشرَ المُسلمين:
سُورَةُ الْفَاتِحَةِ شَافِيَةٌ كَافِيَةٌ، بمعنى أنَّها شَافِيَةٌ لأمراضِ القلوبِ والأبدانِ، وبيانُ ذلكَ أنَّ أمراضَ القلوبِ ترجِعُ لأمرينِ: فَسَادُ الْعِلْمِ، وفَسَادُ الْعَمَل، فالأَوَّلُ سببٌ للضَّلَالِ، والثَّاني مُوجِبٌ لِغَضَبِ اللـهِ عزَّ وجلَّ فكانَ عِلَاجُ ذلكَ في قولِهِ تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْـمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)
وأمَّا شِفَاؤُهَا للأبدانِ، فقدْ صَحَّ أنَّ نَاسًا مِنْ أصْحابِ النبيِّ ﷺ أتَوْا على حَيٍّ مِن أحْياءِ العَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ، إذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ، فَقالوا: هلْ معكُمْ مِن دَواءٍ أوْ راقٍ؟ فَقالوا: إنّكُمْ لَمْ تَقْرُونا، ولا نَفْعَلُ حتّى تَجْعَلُوا لَنا جُعْلًا، فَجَعَلُوا لهمْ قَطِيعًا مِنَ الشّاءِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بأُمِّ القُرْآنِ، ويَجْمَعُ بُزاقَهُ ويَتْفِلُ، فَبَرَأَ فأتَوْا بالشّاءِ، فَقالوا: لا نَأْخُذُهُ حتّى نَسْأَلَ النبيَّ ﷺ، فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وقالَ: (وما أدْراكَ أنّها رُقْيَةٌ، خُذُوهَا واضْرِبُوا لي بسَهْمٍ .خ.
أيها المؤمنون: اعْلَمُوا أنَّ مِنْ أَسْرَارِ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ ابْتِدَاؤُهَا بِالْـحَمْدِ للـهِ ربِّ العالمينَ، وخَتْمُهَا بقولِهِ تَعَالَى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْـمُسْتَقِيم صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْـمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) وفِي بَدْءِ السُّورَةِ مُوَافَقَةٌ لِخِتَامِهَا؛ لأنَّ (الْـحَمْدَ للـهِ) دُعَاءٌ. وخِتَامُ السُّورَةِ دُعَاءٌ أيْضًا، وفي هذا دلالةٌ على أنّ مَنْ بَدَأَ دُعَاءَهُ بالْـحَمْدِ، والثَّنَاءِ على اللـهِ عزَّ وجلَّ، كانَ هذا أَحْرَى بالإِجَابَةِ، وأَجْدَرُ بالقبُولِ.
وفي الختامِ يُشرعُ في خاتِـمَةِ الفاتحةِ أن يُؤَمِّنَ المُصلِّي على ذلكَ الدعاءِ العظيمِ، ومعنى (آمين): اللَّهُمَّ استجبْ لنا، فإذا أمَّنْتَ -يا عبدَ اللَّـهِ- فأمِّن بقلبٍ حاضرٍ، فإنَّ المُؤَمِّنَ كالداعي.
قال e: «إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّ الْـمَلاَئِكَةَ تُؤَمِّـنُ، فَمَـنْ وَافَـقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِـينَ الْـمَلاَئِكَةِ غُفِــرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» خ.م .
ألا فاحرصوا -رحمكم اللَّـهُ- على إدراكِ التأمينِ مع الإمامِ؛ لتدركوا هذا الفضلَ الكبيرَ ..ثم صلوا ...
المرفقات
1757561342_خطبة تأملات في سورة الفاتحة-نوااف.doc
1757561342_خطبة تأملات في سورة الفاتحة-نوااف.pdf