توقير الكبار… وفاءٌ يورث البركة

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا، وَوَصَّى بِذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ، وَأَمَرَ بِتَرْكِ الْعُقُوقِ وَالْجَفَاءِ، وَجَعَلَ تَوْقِيرَ الْكَبِيرِ وَالْإِحْسَانَ إِلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ رِفْعَةِ الدَّرَجَاتِ وَحُسْنِ الْخَاتِمَةِ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَمَرَ بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَجَعَلَ ذٰلِكَ مَقْرُونًا بِعِبَادَتِهِ، فَقَالَ ]وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا[ وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، اَلَّذِي قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا" اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ وَالْعَقِيدَةِ.. جَعَلَ الْإِسْلَامُ تَوْقِيرَ الْكَبِيرِ مِنْ دَلَائِلِ الْإِيمَانِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ" فَتَوْقِيرُ الْكَبِيرِ لَيْسَ مُجَرَّدَ عَادَةٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ أَوْ خُلُقٍ عَابِرٍ، بَلْ هُوَ عِبَادَةٌ نَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللهِ، لِأَنَّهُ مِنْ إِجْلَالِ اللهِ نَفْسِهِ.

فَمِنْ صُوَرُ تَوْقِيرِ الْكِبَارِ: أَنْ نُظْهِرَ لَهُمْ مَكَانَتَهُمْ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَالنَّبْرَةِ الْهَادِئَةِ وَالْجُلُوسِ مَعَهُمْ بِإِجْلَالٍ.

وَمِنْ صُوَرُ تَوْقِيرِ الْكِبَارِ: رِعَايَتُهُمْ فِي شَيْخُوخَتِهِمْ وَضَعْفِهِمْ، كَمَا كَانُوا يَرْعَوْنَنَا وَنَحْنُ صِغَارٌ.

وَمِنْ صُوَرُ تَوْقِيرِ الْكِبَارِ: تَقْدِيمُهُمْ فِي الْمَجَالِسِ وَالْحُقُوقِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "لِيَلِينِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى".

لَمَّا جَاءَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ t بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "هَلَّا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيَهُ" فَانْظُرُوا إِلَى رَحْمَةِ النَّبِيِّ ﷺ وَتَقْدِيرِهِ لِكِبَرِ السِّنِّ.

وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ t إِذَا رَأَى شَيْخًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ: مَا أَنْصَفْنَاكَ، أَخَذْنَا مِنْكَ الْجِزْيَةَ فِي شَبَابِكَ، ثُمَّ ضَيَّعْنَاكَ فِي كِبَرِكَ. ثُمَّ يَفْرِضُ لَهُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.

عِبَادَ اللهِ.. إِنَّ تَوْقِيرَ الْكِبَارِ وَبَذْلَ الرِّعَايَةِ لَهُمْ يَزْرَعُ فِي الْقُلُوبِ الْمَحَبَّةَ وَالرَّحْمَةَ، وَيَجْعَلُ الْجِيلَ الصَّغِيرَ يَتَعَلَّمُ الْوَفَاءَ وَالْبِرَّ. وَمَا أَجْمَلَ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ: "بَرُّوا آبَاءَكُمْ تَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ".

لِيَكُنْ شِعَارُنَا مَعَ كِبَارِنَا: الرَّحْمَةُ، وَالدُّعَاءُ، وَالْبِرُّ، وَالرِّعَايَةُ. فَمَنْ وَقَّرَ كَبِيرًا الْيَوْمَ، وُقِّرَ غَدًا.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِينَ الشَّاكِرِينَ، وَمِنَ الْبَارِّينَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، وَمِنَ الْمُحْسِنِينَ إِلَى كِبَارِنَا، وَالرُّحَمَاءِ بِصِغَارِنَا. اللَّهُمَّ اجْعَلْ تَوْقِيرَ الْكِبَارِ فِي قُلُوبِنَا عِبَادَةً نَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَيْكَ، وَأَجْرًا نَلْقَاهُ يَوْمَ نَلْقَاكَ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ.. اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى حَقَّ التُّقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ تَوْقِيرَ كِبَارِ السِّنِّ عِبَادَةٌ جَلِيلَةٌ، وَعَمَلٌ صَالِحٌ، يَرْفَعُ اللهُ بِهِ الدَّرَجَاتِ، وَيَمْحُو بِهِ السَّيِّئَاتِ. قَالَ ﷺ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا".

فَلْنَكُنْ رُحَمَاءَ بِكِبَارِنَا، بَارِّينَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، حَرِيصِينَ عَلَى خِدْمَتِهِمْ وَقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ؛ فَإِنَّ ذٰلِكَ سَبَبٌ لِسَعَةِ الرِّزْقِ وَطُولِ الْعُمْرِ وَحُسْنِ الْخَاتِمَةِ.

عَجَبًا لِبَعْضِ الْأَبْنَاءِ؛ يَقْضُونَ أَوْقَاتَهُمْ الطَّوِيلَةَ أَمَامَ شَاشَاتِ الْجَوَّالِ، وَيَبْخَلُونَ بِلَحْظَاتٍ يَسِيرَةٍ يَجْلِسُونَ فِيهَا مَعَ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَهُمْ فِي أَشَدِّ الْحَاجَةِ إِلَى بَرِّهِمْ وَعَطْفِهِمْ. كَمْ مِنْ وَالِدٍ أَوْ وَالِدَةٍ يَنْظُرَانِ إِلَى أَوْلَادِهِمْ وَهُمْ مَشْغُولُونَ بِالْهَوَاتِفِ، فَيَشْعُرَانِ بِالْوَحْدَةِ وَالْغُرْبَةِ فِي بُيُوتِهِمْ، وَهُمْ الَّذِينَ أَفْنَوْا أَعْمَارَهُمْ فِي رِعَايَتِهِمْ. وَإِنَّ مِنْ أَلَمِ الْعُقُوقِ أَنْ يَجِدَ الْوَالِدَانِ أَبْنَاءَهُمْ يَقْضُونَ اللَّيَالِي مَعَ الْأَصْدِقَاءِ وَالْأَجْهِزَةِ، وَيَبْخَلُونَ بِسَاعَةٍ يَسْمَعُونَ فِيهَا كَلِمَةَ حَاجَةٍ مِنْ أَبٍ مُسِنٍّ أَوْ دَمْعَةَ وَجْدٍ مِنْ أُمٍّ كَبِيرَةٍ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الْبَارِّينَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، الْمُحْسِنِينَ إِلَى كِبَارِنَا، الرُّحَمَاءِ بِصِغَارِنَا. اللَّهُمَّ اجْعَلْ هٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

المرفقات

1757020041_توقير كبار السن.pdf

1757020052_توقير كبار السن.docx

المشاهدات 442 | التعليقات 0