خطبة الحج
الشيخ منصور بن صالح الجاسر
( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدين ). وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لاُ شريكَ له وليُّ الصالحين، وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ وعلى آلهِ وأصحابِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا. أَمَّا بَعْدُ:
فاتقوَا اللهَ يا عبادَ اللهِ، واستمسِكوا من الإسلامِ بالعُروةِ الوثقى، واعلموا أنَّ يدَ اللهِ مع الجماعةِ ومنْ شَذَّ شَذَّ في النارِ.
أيًّها المؤمنون: في هذِهِ الأيامِ يَفِدُ الحجاجُ والعمَّارُ مِن شتَّى بِقاعِ العَالمِ جوًّا وبحرًا وبرًّا لباسُهم واحدٌ، وشعارُهم واحدٌ : " لبيكَ اللهم لبيكَ. لبيكَ لا شريكَ لك لبيكَ. إنَّ الحمدَ، والنِّعمةَ لك والملكَ لا شريك لك " . اتجاهُهُم واحدٌ في بيتِ اللهِ الحرامِ يريدون مرضاتِ ربِّهم جلَّ وعلا. نسألُ اللهَ عز وجل أن يحفظَ حُجاجَ بيتِ اللهِ عز وجل من كلِّ سوءٍ، وأنْ يردَّهُم إلى بيوتِهم سالمين غانمينَ.
لِذا أيُّها الأخوةُ: سنُخصصُ الخطبَ القادمةَ عن قطوفٍ وشَذَرَاتٍ عن الكعبةِ والبيتِ الحرامِ والحجِّ، وما يحتاجُه الحجاجُ في ذلكَ، وكذلك عن الأضاحِي وأحكامِها، ولعلنا نبدأُ بالبيتِ الحرامِ وشيءٍ من تاريخِ هذا البيتِ المعظمِ الذي تَهفو إليه القلوبُ، وتشتاقُ له النفوُس وتتمنى أنْ تكتحلَ به العيونُ، فإنك لترى عجبًا من حبِّ الناسِ لهذا البيتِ، وبذلهم الغاليَ والنفيسَ من أجلِ ذِهابِهم لهذا البيتِ، ولنبدأَ منذُ بناءِ هذا البيتِ.
بناءُ إبراهيمَ عليه السلام للبيتِ يقول ربُّنا: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ))، جاءَ إبراهيم عليه السلام بِهاجرَ وابنِهِ، وهي تُرضعُهُ ووضعَهُما عندَ البيتِ، وليس بمكةَ يومئذٍ أحدٌ وليس فيها ماءٌ، فوضعَهما هناكَ ووضعَ عندَهما جِرابًا فيه تمرٌ وسِقاءً فيه ماءٌ بأمرِ اللهِ عز وجل، ثم انطلقَ إبراهيمُ راجعًا، فتبعتْهُ أمُ إسماعيلَ فقالتْ: يا إبراهيمُ أينَ تذهبُ، وتتركُنا في الوادي الذي ليسَ فيه إنسٌ ولا شيء؟"، فجعلَ إبراهيمُ لا يلتفتُ إليها. فكررتْ عليه ذلك مِرارًا، فلم يلتفتْ إبراهيم عليه السلام إليها، ولم يَردْ لها شيئًا، قالتْ هاجرُ: "اللهُ أمركَ بِهذا ". قال: "نعم". قالتْ المرأَةُ المؤمنةُ المتوكلةُ على ربِّها: "إذًا لا يضيعُنا اللهُ"، ورجعتْ إلى ولدِها، وانطلق إبراهيم عليه السلام حتى إذا كانَ في مكانٍ مرتفعٍ لا يرونَهُ استقبَلَ بوجهِهِ تجاهَ البيتِ، ثم رفعَ يديْهِ يدعو بِهذه الكلماتِ وهو يقولُ :
(( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ )).
وجعلتْ أمُّ إسماعيلَ تُرضِعُ إسماعيلَ وتشربُ من ذلك الماءِ حتَّى إذا نفذَ ما في السِّقاءِ عطَشَتْ وعطَش ابنُها، وجعلتْ تنظُر إلى إسماعيلَ وهو يتلوَّى فانطلقتْ كارهةٌ تنظرُ لعلَّها تجدُ شيئًا فاتجهتْ إلى جبلٍ وهو الصفا حتى إذا بلغتْ الوادي رفعتْ ذراعَها حينما أصبحتْ لا ترى ولدَها، ثم سعتْ سعيًا شديدًا حتى إذا جاوزتْ الوادي، ثم أتَتْ المروةَ فقامتْ عليها ونظرتْ هل ترى أحدًا فلمْ تَرَ أحدًا، ففعلت ذلك سبعَ مراتٍ قال ﷺ: "ولذلكَ سعى الناسُ بينهما" أي بين الصفا والمروةَ، فلما أشرفتْ على المروةِ سمعتْ صوتًا. فقالتْ: صَهْ تريدُ نفَسها، ثم تسمَّعتْ فسمِعتْ. فقالتْ: صَهْ فإذا جبريلُ عليه السلام يأتي إلى اسماعيلَ ويتلوَّى فيضربُ بيديْهِ بين قدميْهِ، فخرجتْ زَمزمُ فجعلتْ تحوفُهُ وتقولُ زَمْ زَمْ قالَ ﷺ "يَرحمُ اللهُ أمَّ إسماعيلَ لو تركتْ زَمزمَ، أو قالَ لو لم تغرفْ من الماءِ لكانتْ عينًا معينًا" .
فشربتْ -رضي اللهُ عنها- وأرضعتْ ولدَها، ثم قالَ لها الملَكُ: "لا تَخافوا الضيعةَ فإنَّ ها هُنا بيتُ اللهِ يبنيِ هذا الغلامُ وأبوه إنَّ اللهَ لا يُضيِّعُ أهلَهُ، فكانت كذلك حتى مرتْ بهم رُفقةُ جُرهُم مقبلين فنزلوا مكةَ فرأوا طائرًا، فقالوا: إن هذا الطائرَ لا يدورُ إلا على ماءٍ، ولم نعهدْ في هذا الوادي ماءٌ فأرسلوا إلى هذا الماءِ، فوجدوا هاجرَ
-رضى اللهُ عنها- فقالوا: أتأذنِين لنا أنْ ننزلَ عندَكِ؟ قالتْ: "نعَمْ لكنْ لا حقَّ لكم في الماءِ" قالوا: "نَعم".
قالَ ابنُ عباسٍ -رضي الله عنهما - قال ﷺ : "فأنَسَ ذلك أمُّ إسماعيلَ وهي تحبُّ الأنْسَ"، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم وشبَّ الغلامُ. أي: إسماعيلُ وتعلمَ منهم العربيةَ وأعجبَهم هذا الشابُّ، فلما أدركَ إسماعيلُ زوَّجوه امرأةً منهم، وماتتْ أمُّ إسماعيلَ، وجاءَ إبراهيمُ عليه السلام بعدما تزوَّج إسماعيلُ عليه السلام فلما جاء فإذا إسماعيلُ يرمي نبلًا تحتَ دوحةٍ قريبةٍ من زمزمَ، فلما رأى إسماعيلُ إبراهيمَ عليه السلام قامَ إليه، وصنعَ كما يصنعُ الولدُ بِوالدِهِ والوالدُ بولدِهِ، ثم قال: "يا إسماعيلُ إنَّ اللهَ أمرني بأمرِ، قال: فاصنعْ ما أمركَ اللهُ قال: أَفتُعينُني قال: أُعينُك، قال: فإنَّ اللهَ أمرني أنْ أبنِي ها هنا بيتًا، وأَشارَ إلى أَكَمَةٍ مرتفعةٍ على ما حولَها".
فعندَ ذلك رفعَا القواعدَ من البيتِ، فجعلَ إسماعيلُ يأتي بالحجارةِ، وإبراهيمُ يبني حتَّى إذا ارتفعَ البناءُ جِيءَ بِهذا الحجرِ، فقامَ عليه وهو يبني، وإسماعيلُ يناولُهُ الحجارةَ، وهما يقولانِ: "ربَّنا تقبلْ منَّا إنَّك أنت السَّمِيعُ العَلِيمُ".
ثم أمر اللهُ إبراهيمَ عليه السلام أن يؤذِّنَ في الناسِ بالحجِّ، فقال إبراهيمُ: صوتي ضعيفٌ، فقال اللهُ عز وجل: عليك النِّداءُ، وعلينا الْبَلاغُ، وأَذَّنْ في الناسِ بالحجِّ، فما من حيِّ إلا وقال: "لبيكَ اللَّهم لبيكَ. لبيكَ لا شريكَ لكَ إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لكَ والملكَ لا شريكَ لكَ ، ربِّنا تقبلْ منَّا إنَّكَ أنتَ السَّميعُ العليمُ، واغفرْ لنا إنكَ أنتَ الغفُورُ الرَّحيمُ".
أقولُ ما تسمعونَ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم، فاستغفروهُ إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وليِّ الصالحين، وإلَهِ العالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ صلَّى الله عليه، وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وسلَّمِ تسليمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ:
فاتقوا اللهَ يا عبادَ اللهِ، واعلموا أنَّ تقوى اللهِ في خيرُ ما أسررتُم، وأجملُ ما أظهرتُم رزقنا اللهُ وإياكم حسنَها.
عبادَ اللهِ : هذا هو بناءُ البيتِ الذي بناهُ إبراهيمُ ، وهذا الثَابتُ، وهناكُ بعضُ البناياتِ للكعبةِ المشرفة أذكرُها من باب ذكر التاريخ، فمنْ أنَّ الكعبةَ المشرفةَ بنتْهَا الملائكةُ، ودليلُ ذلكَ قولُه تعالى: (( إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ )).
ومن البناياتِ: ما بناهُ إبراهيمُ وإسماعيلُ عليهما السَّلامُ، قال تعالى: ﴿ وَإذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإسْمَاعِيلُ ) .
ومن ذلك : بناءُ قريشٍ في الجاهليةِ قبلَ المبعثِ النبويِّ الشريفِ. حينما أصابَ الكعبةَ حريقٌ صدَّع بنايتَهَا وصدَّع حجارتَها وحارتْ . قريشٌ في أمرِها وتردَّدُوا في هدمِها واشترطوُا في بنائِها النفقةَ الصالحةَ، وتقدمَ الوليدُ بنُ المغيرةَ فاقتلعَ أوَّلَ حجارةٍ منها، وشاركَ النبيُّ ﷺ هذا البناءَ في نقلِ حجارتِها مع الناقلين، وهو ﷺ الذي وضع الحجرَ الأسودَ في مكانِهِ فاستقرَّ ببركةِ جهودِهِ بعدَ أنْ اختلفَ القبائلُ واحتكموا إليه ﷺ فأشارَ إليهم أنْ يأتُوا برداءٍ ذا أربعةِ أطرافٍ وأعطَى كلَّ طرفٍ إلى قبيلةٍ وعندما رفعوا الرداءَ أخذ النبيُّ ﷺ بيديه الحجرَ الأسودَ ووضعَهُ في مكانِهِ في قصةِ ترويها كتبُ السيرةِ.
ومنْ بناءِ الكعبة: بناءُ ابنِ الزبيرِ عندما أبطأَ الزبيرُ عن بيعةِ يزيدَ بنِ الوليد وتخلَّفَ خشِيَ منهم ولَحِقَ بِمكةَ ليَحتَمِيَ بالحرمِ، فأرسلَ يزيدُ الجيشَ إلى عبدِ اللهِ ليأتوا به فجَمعَ الزبيرُ أصحابَهُ وتَحصَّنَ بالمسجدِ الحرامِ وحولَ الكعبةِ ونتيجةً لكثرةِ الخيامِ حولَ الكعبةِ احترقَتْ إحدَى الخيام، وكانَ هناكَ رِيحٌ شديدةٌ ، فاحترقَتْ كُسْوةُ الكعبةِ وضعُفتْ جدرانُ الكعبةِ حتَّى إنَّها بدأت تتساقطُ، ففزِعَ لذلكَ أهلُ مكةَ وأهلُ الشَّامِ جميعًا ، وعندَ ذلكَ دَعَا ابنُ الزبيرِ وجوهَ الناسِ وأشرافَهُم وشاوَرَهم في هدْمِ الكعبةِ، فأشارَ عليهِ الناسُ غيرَ كثيرٍ بِهدمِها وأبَى أكثرُ الناسِ هدمَها، فقالَ ابنُ الزبيرِ : واللهِ ما يرضى أحدُكمْ أنْ يرقَّعَ بيتُ أبيهِ وأمِّهِ. فكيفَ يرقَّعُ بيتُ اللهِ وأنا أنظرُ إليها وهيَ تنتفِضُ ؟ حتَّى إنَّ الحَمامَ ليقعُ عليها فتتناثرَ حجارتُها، فأقامَ ابنُ الزبيرِ أيامًا ثم أجمعَ أمرَهٌ على هدْمِهَا، وهدَمَها ابنُ الزبيرِ وأرجعَها -رضيَ الله عنْهُ وأرضاهُ - إلى قواعِد إبراهيمَ عليه السلام، وأنتم تعرفُونَ أنَّ قريشًا قد قصُرتْ عليها النَّفقةُ وأدخلَ الحِجرَ أيْ الزبيرُ إلى البيتِ، فلمَّا قُتِلَ ابنُ الزبيرِ جاءَ الحجاجُ وهدمَها وأرجعَها إلى الذي كانتْ عليه في أيامِ قريشٍ، فجاءَ هارونُ الرشيدُ وأرادَ أنْ يُرجِعَهَا إلى قواعدِ إبراهيمَ، قالَ له الإمامُ مالكٌ كلمةً عظيمةً سطَّرَها التاريخُ: "أرى أن لا تفعلَ حتَّى لا يكونَ البيتُ أُلعوبةً للملوكِ يأتي هذا فيهدمَها ويأتي آخرٌ ويُرجعُها".
فاصبحَ البيتُ مكانًا للناسِ ومثابةُ وأصبحتْ تُبحَّلُ وتُشرَّفُ وأصبحَ الملوكُ والرؤساءُ في صدرِ الإسلامِ يتنافسونَ في خدمةِ هذا البيتِ الحرامِ، فكانتْ تُكْسَى وقيل أنَّ أوَّلَ مَن كسَاها: إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ عليهما السَّلامُ، وقيل: أنَّ عدنانَ الجدُّ الأعلى لرسولِ اللهِ ﷺ أولُ من كسَاها، وأصبحَ الملوكُ والأمراءُ والحُكامُ يتنافسونَ في خدمةِ هذا البيتِ الحرامِ يُقدِّمون ما لديْهِم من غَالٍ ونفِيسٍ من أجلِ هذا البيتِ الحرامِ الذي أحبَّهُ عبادُ اللهِ واشْتَاقَتْ إليه نُفُوسُهم، فأصبحَ كلٌّ يُقَدِّمُ لهذا البيتِ حتَّى هذا العهْدِ الزَّاهِرِ الذي أصبحَ البيتُ فيه نُموذجًا إسلاميًا تُقدَّمُ فيه جميعُ الخدماتِ، وفَّقَ اللهُ الجهودَ وسدَّدَ اللهُ الخُطَى.
عبدَ الله: إنَّ هذا البيتَ واجبٌ عليكَ أنْ تزورَهُ مرَّةً في عمرِكَ ، فإيَّاكَ وتأخيرَ الحجِّ، فإنَّ بعضَ الناسِ يجدونَ الزَّادَ والرَّاحلةَ ومع ذلكَ يتأخَّرونَ في حجِّ بيتِ اللهِ الحرامِ، قالَ تعالَى: ﴿ وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )
وقال ﷺ : "يا أيَّها الناسُ إنَّ اللهَ قد كَتبَ عَليكُمُ الْحَجَّ، فحُجُّوا". وقال ﷺ : "تعجَّلُوا الْحَجَّ فإنَّ أحدَكم لا يَدْرِي ما يَعرِضُ لهُ" .
وقالَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رضي الله عنه : "حينما أَمرَ بأنْ يُنظَرَ في الأمْصَارِ، فمنْ وَجَدَ مالًا وَسَعةً فلمْ يَحُجَ فَلْتُفرضْ عليهِ الجزيةُ ما هُمْ بِمُسلِمِينَ". قالَ سعيدُ بنُ جبيرٍ: "ماتَ في جارٌ مسلمٌ لَمْ يَحُجَ، فلمْ أُصلِّ عليهِ"
فاتَّقوا اللهَ يا عبادَ اللهِ مَنْ وجدَ الزَّادَ والرَّاحلَةَ فلْيُبادِرْ بالحجِّ، فالحذرَ الحذرَ مِنَ التأخيرِ، فإنَّ بعضَ الناسِ أعطاهُ اللهُ المالَ فَيُسَوِّفُ في ذلكَ ويعتذرُ بِاعْذارٍ واهيةٍ ، فبَادِرْ يا عبدَ اللهِ بالحجِ، فإنَّكَ لا تَضْمنُ عمرَكَ ولا تَدْرِي مَتى تَتخَطَّفُكَ المنيةُ، فَبَادرْ بالحجِّ يا رَعاكَ اللهُ. "يَا أيُّها النَّاسُ إنَّ اللهَ كتبَ عليْكُم الحجَّ ، فحُجُّوا مَنْ وجَدَ مالًا وراحلةً فَلْيُبادِرْ، فإنَّك لا تعلمُ ما يَعْرضُ للإنْسَانِ في ذلكَ".
وعلى أولياءِ أُمورِ النِّساءِ أنْ يًبادِرُوا في تَحجِيجِ مَنْ تَحتَ أيدِيهِم إن كَانَ عندَهُم سَعَةٌ ومالٌ فإنَّ ذلكَ مِن الإحسَانِ في التَّربيَةِ خاصةً: "مَن حجَّ فلم يرفُثْ ولَمْ يفْسُقْ رجَعَ من ذُنُوبِهِ كيومِ ولدَتْهُ أمُّهُ"، "الحجُّ المبرورُ ليسَ له جزاءٌ إلا الجنةَ" .
هذا وصلُّوا وسلِّموا على مَن أمرَكم اللهُ بالصَّلاةِ والسَّلامِ عليه. اللهم صلَّ وسلِّم وبارِكْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ وارضَ اللَّهم عن الخلفاءِ الأربعةِ وعن سَائرِ الصَّحابةِ الأطهَارِ مِنَ الْمُهاجِرينَ والأنصَارِ، وعنَّا معهم بفضلِكَ وإحسانِكَ وجودِكَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ.
اللَّهم وفقنا لما تحبُّ وترضَى ويَسِّرنا لليُسرى وجنِّبنَا العُسرَى. اللَّهم اغفرْ لنا ذنوبَنا كلَّها دِقَّهَا وجِلَّهَا، خَطأَها وعَمْدَها.
اللَّهم احفظْ حجاجَ بيتِكَ الحرامِ. اللَّهم احفظْهُم من كلِّ سوءٍ يا ذا الجلال والإكرام، اللَّهم مَن أرادَ بِهِم سوءًا فأشغِلْهُ بنفسِهِ، واجعلْ تدبيرَهُ تدميرًا عليهِ يا ذا الجلال والإكرام يا حيُّ يا قيومُ، اللَّهم ردَّهم إلى أهلِيهم سالمين غانمين يا حيُّ يا قيومُ يا أكرم الأكرمين.
اللَّهم وفِّقْ وليَّ أمرِنَا لما تحبُّ وترضَى، وخذْ بناصيتِهِ للبرِّ والتقوى وأعنْهُ على أمورِ دينِهِ ودنياهُ يا ذا الجلال والإكرام. اللَّهم وفقْهُ إلى ما فيه صلاحُ البلادِ والعِبادِ. اللَّهم وفِّقه لخدمةِ حجاجِ بيتِك الحرامِ ، اللَّهم اجعلْ وِلايَتَنا فيمنْ خافَك واتَّقاكَ واتَّبعَ رِضاكَ يا ذا الجلال والإكرام.
(( رَبَّنَا آنِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) ، (( وسُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ )) ، وصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
المرفقات
1765371919_خطبة الحج.docx
1765371928_خطبة الحج.pdf