(خطبة) حقوق المرأة والعناية بها
خالد الشايع
الخطبة الأولى ( حقوق المرأة في الإسلام والعناية بها) 21 جماد الآخر 1447
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ فَوْزٌ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ بِحِفْظِ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ، وَصِيَانَةِ كَرَامَتِهَا، وَإِعْطَائِهَا حَقَّهَا الَّذِي ضَلَّ مُهْدَرًا بَيْنَ الْأُمَمِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الْإِسْرَاء: 70]، فَالْمَرْأَةُ دَاخِلَةٌ فِي هٰذَا التَّكْرِيمِ. وَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ لَهَا مَكَانَتَهَا فِي الدِّينِ، فقد أخرج أبوداود في سننه من حديث عائشة َقَالَ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»
وَمِنْ عِنَايَةِ الْإِسْلَامِ بِالْمَرْأَةِ: أَنْ جَعَلَ لَهَا حَقَّ التَّعْلِيمِ، وَالتَّمَلُّكِ، وَالْإِرْثِ، وَاخْتِيَارِ الزَّوْجِ، وَأَوْجَبَ لَهَا النَّفَقَةَ، وَالْمَعَامَلَةَ الْحَسَنَةَ، وَحَرَّمَ ظُلْمَهَا وَلَوْ بِكَلِمَةٍ.
وحَثَّ الْإِسْلَامُ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَرْأَةِ وَالرِّفْقِ بِهَا، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النِّسَاء: 19].
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث جابر قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا»
وَمِنْ هَدْيِهِ ﷺ أَنَّهُ كَانَ أَرْفَقَ النَّاسِ بِأَهْلِهِ، كما في صحيح البخاري قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ».
وأخرج الترمذي في جامعه من حديث عائشة َقَالَ ﷺ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»
وَاعْلَمُوا أَنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وقد نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ عَضْلِ الْمَرْأَةِ فِي الزَّوَاجِ، فَقَالَ: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ [الْبَقَرَة: 232].
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «الْعَضْلُ هُوَ أَنْ يَمْنَعَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ مِنَ التَّزْوِيجِ لِكَرَاهِيَةِ الرَّجُلِ أَوْ يُرِيدَ أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرَهُ».
وَإِنَّ مِمَّا تَبْتَلِي بِهِ بَعْضُ النِّسَاءِ الْيَوْمَ: حَبْسُهُنَّ وَرَدُّ الْخُطَّابِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِجْبَارُهُنَّ عَلَى مَنْ لَا يُرِدْنَهُ، وَكُلُّ ذٰلِكَ ظُلْمٌ مُحَرَّمٌ.
وإن مما يشيع عند البعض ، حرمان النساء من نصيبهن من الميراث ، كله أو بعضه ، قَالَ تَعَالَى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ… وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ… نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ [النِّسَاء: 7].
فَمَنْ حَرَمَ الْمَرْأَةَ مِيرَاثَهَا فَقَدْ أَكَلَ الْحَرَامَ، وَقَطَعَ الرَّحِمَ، وَخَالَفَ نَصَّ الْكِتَابِ. وَكَانَ السَّلَفُ يَتَوَرَّعُونَ مِنْ هٰذَا أَشَدَّ الْوَرَعِ، حَتَّى قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي الْفَرَائِضِ».
وإن من إحسان الإسلام للمرأة أن رفع شأنها ، وأوصي بها أشد الوصاية ، جاعلا من وراء القيام بحقوقهن الثواب العظيم .
فلا تكره أن رزقك الله البنات ، فثوابهن أعظم من ثواب الذكور ، والعبد لا يدري في أي ذريته الخير ، قال سبحانه ( آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا )
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هٰذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ» .
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ: «الْبَنَاتُ حَسَنَاتٌ، وَالْبَنُونَ نِعَمٌ، وَالْحَسَنَاتُ يُثَابُ عَلَيْهَا».
فاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ فِي نِسَائِكُمْ: أُمَّهَاتِكُمْ، وَزَوْجَاتِكُمْ، وَأَخَوَاتِكُمْ، وَبَنَاتِكُمْ. أَعْطُوهُنَّ حُقُوقَهُنَّ، وَأَحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ، وَكُونُوا قُدْوَةً فِي الْعَدْلِ وَالرَّحْمَةِ.
عِبَادَ اللَّهِ، هٰذَا دِينٌ عَظِيمٌ رَفَعَ قَدْرَ الْمَرْأَةِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِيهِنَّ، وَأَحْسِنُوا إِلَى نِسَائِكُمْ، وَكُونُوا لَهُنَّ عَوْنًا وَسَنَدًا. أَقُولُ قولي هذا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
أَمَّا بَعْدُ فيا معاشر الأولياء : لقد حذر المصطفى صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء وأخبر أنهن من أعظم الفتن للرجال أخرج أبو داود في سننه من حديث ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم : ــ ما رأيت من ناقصات عقل و لا دين أغلب لذي لب منكن .
ولهذا حرص أعداء الدين في استغلال هذه المرأة بما يستطيعون من أساليب .
فيا أيها الناس اتقوا الله ربكم وغاروا على نساءكم ومحارمكم فإن الغيرة صفة إلهية وخليقة نبوية وسجية في المؤمنين كريمة مرضية ففي الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
إن الإسلام حمى المرأة بكل الطرق فلا يتساهل أحد في تلك الحمى إلا وانخرقت عليه الفتن من كل حدب وصوب لأنه خالف حدود الله ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه .
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ نِسَاءَنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي بَنَاتِنَا، وَاجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ.
المرفقات
1765460045_حقوق المرأة في الإسلام.docx