خطبة صلاة الاستسقاء
الشيخ منصور بن صالح الجاسر
(الْحَمدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ). لا إلَهَ إلا اللهُ مُغِيتُ الْمُسْتَغِيثينَ ومُجِيبُ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ كَاشِفُ الْكَرْبِ عَن الْمَكْرُوبين، وَرَافِعُ الْبَلاءِ عَنِ الْمُتَصَرِّرِينَ، عَظْمَ حِلْمُ رَبِّنَا وفَرَّج وبَسَطَ يَدَيْهِ بالعَطَاءِ فَأَكْثَر، نِعَمُ رَبِّي لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى، سُبحَانَك رَبَّنا مَا أَكْرَمَك، سُبحَانَك رَبَّنا مَا أَعْظَمَك سُبْحَانَك رَبَّنا مَا أَحْلَمَك، سُبحَانَك وبِحَمْدِكَ سُبحَانَك علَى عِلْمِك بَعْدَ حِلْمِك سُبحَانَك يا ذا الْجَلال والإكرَامِ. وأَشْهدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا وحَبِيبَنَا وقُدْوَتَنا مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ حَاتَمُ الأنْبِيَاءِ وإمامُ المرسَلِينَ أمَّا بَعْدُ:
فاللهَ اللهَ في التَّقوَى؛ فتَقْوَى اللهِ خَيْرُ لِبَاسٍ ((وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ))، مَن رام عِزٌّا فلا يَكُونُ إلا بِتَقْوَى اللهِ جلَّ وعَلا.
ألا إنما التَّقوَى هِي الْعِز والكَرَمُ وحُبُّكَ لِلدُّنيا هُوَ الذُّلُّ والسَّقَم
عِبادَ اللهِ: مَا أَصَابَ أَهْلَ الأرْضِ مِن شِدَّةٍ ومَا وَقَعَ مِن مِحْنَةٍ إلا وَسَبَبُهُ الذُّنُوبِ، فَهُو بِتَقْدير اللهِ عزَّ وجلَّ يَبْتَلِي سُبْحانَهُ وتعَالى بالْمَصَائِب تَارَةً ويُعاقِبُهُم علَى أَعْمَالِهم تَارَةً ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )).
أَستغفِرُ اللهَ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ.
أيُّها المسلمون : التَّقصِيرُ في الْفَرائِضِ، وفُشُوُّ الْمُنْكَرَاتُ يُؤَدِّي إلى سَلْبِ نُورِ الْقَلْبِ وخُبُوتِ جَذْوَةِ الإيمانِ (( وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )).
إنَّ الْمُنْكَراتِ إذا كَثُرتْ على الْقَلْبِ، وكَثُرَ وُرُودُها عليه وكَثُرَ في الْعَيْنِ شُهُودُها ذَهَبَ مِن القُلُوبِ حَيَاتُها، وصَحَبَ النُّفُوسَ الْكَسَلُ وَالْبُعْدُ عن طَاعَةِ اللهِ، وكَفَى عُقُوبَةً مِن الذَّنْبِ أنْ لا يُحِسَّ الْمُعَاقَبُ ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلَكِن أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) .
أَسْتَغفِرُ اللهَ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ، اسْتَغْفِرُ اللهَ.
حَضَرَاتِ المسلمينَ: الْمَاءُ مِن نِعَمِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وأَحْسَنَ على عبادِهِ بِهِ ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ ) ، وَإِذَا تَأخَّرَ نُزُولُ الْمَطَرِ ضَجَّ الْعِبَادُ وهَلَكَ الزَّرعُ ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) .
أَسْتَغفِرُ اللهَ، اسْتَغْفِرُ اللهَ، أَسْتَغْفِرُ الله.
إنَّ الْبَلاءَ مِن اللهِ لِيَعْلَمَ مَن يُطِيعُه ومَن يَعْصِيهِ، وَمَن يَشْكُرُ ومَن يَكْفُرُ .
عبادَ اللهِ: وفي حَالِ انْقِطَاعِ الْمَطَر شُرِعَ لَنَا صَلاةُ الاسْتِسْقَاءِ، وَلَمَّا أَجْدَبَتْ الأَرْضُ دَعَا النَّبيُّ ﷺ رَبَّهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو رَبَّهُ ﷺ حَتَّى جَاءَتْ سَحَابَةٌ وأَمْطَرَتْ سَبْتًا.
نَعَمْ ... إنَّهم قَوْمٌ أَغَاثُوا قُلُوبَهم وأغَاثَ اللَّهُ أَرْضَهم. أَغَاثُوا قُلُوبَهم بالتَّوبَةِ والاسْتِغْفَارِ والتَّطْهِيرِ مِن الذُّنُوبِ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُم، وَكَانَ سَلفُنَا يَبْحِثُونَ عَن مَوَاطِنِ الْعَطَبِ وأَسْبَابِ الخَلَلِ وَمَوَانِعِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ
فهَذَا سَعْدٌ بنُ أبِي وَقَّاصٍ يَرْفَع الشَّكوَى إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَيَقُولُ لَهُ ﷺ : أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتجَابَ الدَّعوَةِ (١).
وطَهَّرُوا أمْوَالَهُم مِن أَكْلِ الرِّبَا والرِّشْوَةِ والْغِشِّ فِي الْمُعَامَلاتِ، فَقَّدْ كَانَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ إذَا أَجْدَبَتْ الأَرْضَ وقَحَطَتْ، خَرجَ المسلمون إلى الصَّلاةِ شُيُوخًا ونِسَاءً، فَلا تَسْمَعُ إلا التَّهْليلَ والتَّكْبِيرَ والاسْتِغْفَارَ؛ عُيُونٌ بَاكِيَةٌ وجَوَارِحُ ذَلِيلَةٌ وصَدَقَاتٌ كَثِيرَةٌ، خُضُوعٌ وتَوَاضُعٌ وسَكِينَةٌ فَيَسْتَجِيبُ اللهُ عزَّ وجلَّ لَهُم، وقَلَّمَا أنْ يَعُودُوا إِلى الصَّلاةِ مَرَّةً أُخْرَى؛ لأنَّ اللهَ تَفَضَّلَ عَلَيْهِم بالْغَيْثَ.
أَسْتَغْفِرُ الله، اسْتَغفِرُ اللهَ اسْتَغْفِرُ الله.
عِبادَ اللهِ: يَجِبُ عَلَينَا أنْ نُصْلِحَ مَا فَسَدَ مِن أَعْمَالِنَا وأنْ نَقْتَرِبَ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، فَرَبُّنَا قَرِيبٌ يَعْجَبُ مِن قُنُوطٍ عِبادِهِ، يَنْظُرُ إِلَيْهِم وَهُم أَزِيلِينَ قَنِطينِ فَيَظَلُ يُضْحَكُ يَعْلَمُ أنَّ فَرَجَهُ لَهُم قَرِيبٌ، ولَنْ نَعْدَمَ مِن رَبِّ يَضْحَكُ خَيْرًا.
أسْتَغفِرُ اللهَ ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ ، أَسْتَغْفِرُ الله .
عِبادَ اللهِ: وهَا أَنْتُم خَرَجْتُم تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُم اقْتِدَاءٌ بِنَبِيِّكُم وامْتِثَالًا لِدَعْوَةِ وَلِيٌ أَمْرِكُم، فَأَكْثِرُوا مِن الاسْتِغْفَارِ والتَّوْبَةِ، وَالانْطِرَاحِ بَيْنَ يَدَيْ اللهِ عزَّ وجلَّ، واسْتَغْفِرُوا اللهَ حَقِيقَةٌ لَيْسَ بِأَلْفَاظِ تُرَدَّدُ، وَاسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم وارْفَعُوا أَكُفَّ الضَّرَاعَةِ إلى رَبِّكُم، فَرَبُّكُم حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِّ مِن عِبَادِهِ إِذَا رَفَعُوا أَيْدِيَهم إليه أنْ يَردَّهَا صِفْرًا، فَألِحُّوا فِي الْمَسْأَلَةِ فَرَبُّكُم يُجِيبُ الدَّعْوَةَ.
اللَّهم أَغِثْنَا، اللَّهم أَغِثْنَا، اللَّهم أَغْثِنَا، لا إلَهَ إلا اللهُ الْكَريمُ، لا إلَهَ إلا اللهُ الْحَلِيمُ، لا إلَهَ إلا اُلله يَفْعَلُ رَبُّنَا مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، لا إلَهَ إلا اللهُ عَظُمَ وحَلُمَ رَبُّنَا فَغَفَرَ، عَظُمَ وحَلْمَ رَبُّنَا فَسَتَرَ، اللَّهم أَغِثَنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا غَدَقًا سَحُّا عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ.
اللَّهم انْشُرْ رَحْمَتَك بين الْبِلادِ والْعِبادِ، اللَّهم أَغِثْنا، اللَّهم أَغِثْنَا، اللَّهم أَغِثْنَا ، اللَّهم أَغِثْنَا ، اللَّهم أَغِثْنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهم انْشُرُ رَحْمَتَك بين الْبِلادِ والْعِبَادَ يَا مَن إليه الْمَعَادُ، اللَّهم أَغِثْنا، اللَّهم أَغِثْنَا، اللَّهم أَغِثْنَا ، اللَّهم أَغِثْنَا ، اللَّهم أَغِثْنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مرينا، اللَّهم أَغِثْنَا يَا رَبَّنَا، اللهم أَغِثْنَا.
اللَّهم إنَّك أَمَرْتَنَا بالدُّعَاءِ ووَعدْتَنَا بالإجَابَةِ، فَهَذَا دُعَاؤُنَا وعَلَيْكَ اتِّكَالُنَا فَأَغِثْنَا يَا رَبَّنَا اللَّهم أَغِثْنَا، اللَّهم أَغِثْنَا ، اللَّهم أَغِثْنَا. اللَّهم صّلِّ وسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
عِبادَ اللهِ: وَاقْلِبُوا أَرْدِيَتَكُم تَفَاؤُلًا بِتَغَيُّرِ الأَحْوَالِ ، كَمَا كَانَ نَبِيُّكُم محَمَّدٌ ﷺ يَفْعَلُ ذَلِكَ .
المرفقات
1761134143_صلاة الاستسقاء.docx
1761134155_صلاة الاستسقاء.pdf