خطبة عن إكرام الإسلام للمرأة

خطبة جمعة : عن تكريم الإسلام للمرأة   كتبها : خالد بن خضران الدلبحي العتيبي   الجمش – الدوادمي
 

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

لقد كان الناس قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم يعيشون في جاهلية عظيمة وفوضاً كبيرة في كل شيء في عقائدهم وفي معاملاتهم وفي أخلاقهم وفي جميع شؤون حياتهم ومن ذلك ما يتعلق بالمرأة فكانت المرأة قبل الإسلام تعيش وقعاً مؤلماً فلا حقوق لها في حياتها ولا حقوق لها بعد موتها .

فكانوا ينظرون إلى المرأة نظرة بؤس وتعاسة من حين ولادتها بل قبل أن تولد يكون الأب على أحر من الجمر هل يكون المولود ذكراً فيفرح أو أنثى فيضيق صدره ويسود وجهه  .

وبعضهم إذا وُلد له بنت دفنها وهي حية أو يبقيها وهو يرى أنه في خزي وعار يقول تعالى () وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ [ أي حزين ]

( 58 ) يَتَوَارَى [ يختفي منهم لأنه يرى أن هذا ذلك وعار ]  مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ  أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ [ هل يبقي على البنت وهي أهانة أم يدفنها في التراب ]  أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ) 0

ويقول تعالى ((وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ) (التكوير : 8 ) (بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) (التكوير : 9 )

الموؤدة هي المدفونة حية يسألها الله سبحانه وتعالى لتوبيخ قاتلها يوم القيامة  .

وكانت المرأة قبل الإسلام ليس حقوقٌ مالية حقوقُها ضائعة فكانوا لا يجعلونها ترث بل إنهم يجعلونها متاعاً ومالاً يورث بعد موت زوجها فيرثها أبناء زوجها أو أقاربه فمن شاء منهم نكحها أو منعها النكاح وجاء الإسلام فنهى عن ذلك قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ ) (النساء : 19 )

فجاء الإسلام والمرأة على هذه الحال المخزية فأخرجها من وقعها المنحط إلى ما فيه عزها وتشريفها فعطف القلوب عليها وهي صغيرة جاء في صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه )

وعطف القلوب عليها وهي زوجة فقد جاء في الترمذي من حديث عائشة وهو حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )

وعطف القلوب القلوب عليها وهي أماً فقال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ( 23 ) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ( 24 ) .

ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن كلفها بالعبادة كالرجل ووعدها بالحياة الطيبة في الدنيا وكذلك في الآخرة قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (النحل : 97 )

ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أنه حرم إكراها على النكاح ممن لا ترضاه في  صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول الله وكيف إذنها ؟ قال أن تسكت )

ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أنها راعي الفوارق بينها وبين الرجل فلم يكلفها ما لا تطيق فالمرأة ليست مكلفة بالجهاد كالرجل جاء في  مسند أحمد بن حنبل

عن عائشة قالت قلت : يا رسول الله هل على النساء من جهاد قال نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة )

ومن صور تكريم المرأة في الإسلام أنها جعلها شخصية مميزة عن غيرها فأمرها بالحجاب عن الرجال الأجانب حفاظاً عليها وعلى عفتها ونهاها عن الخلوة والاختلاط بالرجال الأجانب والخضوع بالقول لأن في ذلك ضررٌ عليها  .

هذه بعض صور تكريم المرأة في الإسلام فليتأمل المسلم العاقل في ذلك وليتأمل ما عليه المجتمعات التي هي بعيدة عن الإسلام كيف أصبح حال المرأة فيها .

عباد الله إن دور المرأة في بيتها دور عظيم فهي المربية للأجيال جاء صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( المرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها )

وكذلك فإن دين الإسلام لا يمنع المرأة من العمل إذا كان العمل يتوافق مع دينها وقدراتها ولا يترتب عليه إهمال لزوجها  

سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن عمل المرأة ؟

فأجابت : يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل فيما يناسبها شرعاً في حدود ما يصون عرضها ويحفظ كرامتها ولا يكون مثار فتنة في المجتمع ولا سبباً في انتشار الفساد ولا ضياع حقوق زوجها وأولادها الواجبة عليها فإنها راعية في بيت  زوجها ومسؤلة عن رعيتها أ . هـ

أسأل الله أن يغفر لي ولكم وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

 

 

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

عبادَ الله من شروط النكاح رضا الزوجيين فلا يجوز أن يجبر الزوجين على النكاح إذا كانا بالغين أما بالنسبة للثيب وهي التي سبق لها الزواج فإنه لا بد من رضاها يقول شيخ الإسلام ( البالغ الثيب لا يجوز تزويجها بغير إذنها لا الأب ولا غيره بإجماع المسلمين ) .

وأما بالنسبة للبالغ البكر فالذي تدل عليه السنة أنه لا يجوز تزويجها إلا بإذنها حتى ولو كان الولي الأب فلا يجوز إكراهها على الزواج ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال أن تسكت )

وبعض الناس يقولون فلان لا يرد الكلمة للنساء يعني أنه لا يستأذن البنت في النكاح أو يقول هو أنا كلمتي واحدة يعني حتى لو لم ترضَ البنت فالزواج حاصل وهذا الولي جاهل ظالم فلا بد من رضا البنت ولكن الأب له أن يمتنع من تزويجها من ليس كفؤاً لها ولو كانت راضية  .

 ومن المسائل التي أريد التنبيه عليها في مسألة الولي أن الولي إذا عضل المرأة تنتقل الولاية لمن بعده ومعنى العضل أن يمنع الولي المرأة من الزواج بمن هو كفء  .

والعضل موجود في المجتمع وهو من الظلم العظيم للمرأة وله صور كثيرة أذكر منها صورتين :

الأولى : بعض الأولياء إذا تقدم للمرأة رجل من خارج القبيلة يعني ليس من أبناء عمها فإنه لا يزوجه وإن كان كفئاً للمرأة فبعض الأسر لا تزوج من كان من أسرة أخرى وبعضهم يقول البنت ما تخرج عن أبناء عمها وكل هذا ظلم للمرأة  .

الثانية : بعض الأولياء لا يزوج الصغيرة حتى تتزوج الكبيرة فيأتي الخطَّاب للصغيرة ويردهم بحجة أن الكبيرة لم تتزوج إلى الآن وهذا ظلم للصغيرة وكذلك سفه في العقل فبدل أن تجلس واحدة بدون زواج أصبح عنده اثنتان بدون زواج  .

فاحرصوا عبادَ الله على تطبيق سنة نبيكم ففي ذلك الخيرُ العظيم واحذروا الظلم فالظلم ظلمات يوم القيامة .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدورنا وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم أعنا على ذكر وشكرك وحسن عبادتك اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا هداة مهتدين .

اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا واجعلنا هداة مهتدين اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم ارض الصحابة أجمعين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمدُ لله رب العالمين .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المرفقات

1765458838_خطبة عن إكرام الإسلام للمرأة.docx

المشاهدات 361 | التعليقات 0