خطبة في فضل الصحابة رضي الله عنهم

صالح محمد السعوي
1447/04/25 - 2025/10/17 22:45PM

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة في فضل الصحابة رضي الله عنهم

بقلم وتأليف / صالح بن محمد بن سليمان السعوي     /  إمام وخطيب جامع المريدسية

الحمد لله الذي امتن بالهداية للصحابة الكرام، وعونهم على ملازمة صحبة خير الأنام، وتقوية عزائمهم لجهاد أعداء الإسلام. 

أحمده تعالى على جزيل الانعام. وأشكره سبحانه وبالشكر يتواصل الفضل على الدوام. 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك القدوس السلام.

وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله خاتم الرسل الكرام.

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأئمة الأعلام وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعلموا أن الله فاضل بين خلقه، فأفضل الناس وأكرمهم على الله الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وأفضلهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وخير الأمم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأفضلهم الصحابة رضي الله عنهم الذين منَّ الله عليهم بسابقة الإسلام وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

وقد بايعوه على السمع والطاعة والنصرة والمؤازرة والجهاد في سبيل الله والنصح لكل مسلم، والله يقول: ((إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله فسيؤتيه أجراً عظيماً)).

وقال الله عز وجل: ((لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا*وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا))

ويخبر الله عنهم بقوله: ((مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)) 

وقال جلا وعلا: ((إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقاتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْآن ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ ۚ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُم بِهِۦ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ))

ومواقف الصحابة رضي الله عنهم مشهورة ومشكورون عليها.

ومن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار أصحابه في غزوة بدر، فأشاروا عليه بالمضي لما أمره الله به من قتال المشركين.

قال المقداد بن عمرو رضي الله عنه يا رسول الله امض لما أمرك الله به فنحن معك والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: ((اذهب أنت وربٌّك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون)) ولكن نقاتل عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك انتهى.

وقال سعد بن معاذ الأنصاري سيد الأوس رضي الله عنه يا رسول الله: لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقاً عليها أن لا تنصرك إلا في ديارهم وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم، فاظعن حيث شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، واعطنا منها ما شئت، وما أخذت منا كان أحبَّ إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا فيه تبع لأمرك فوالله لئن سرت بنا حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك ولئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لنخوضنه معك وما نكره أن تكون تلقى العدو بنا غداً، إننا لصبرٌ عند الحرب صدقٌ عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك انتهى.

ولما سمع عمير بن الحمام الأنصاري رضي الله عنه حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجهاد قام عمير وبيده تمرات يأكلهن فقال: يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم) قال: بخ بخ يا رسول الله ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، ثم ألقى التمرات وقاتل حتى قتل رضي الله عنه انتهى.

وعن أنس رضي الله عنه قال: غاب عمي أنس بن النضر رضي الله عنه عن قتال بدر فقال: يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون، فقال: اللهم أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني أصحابه وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال:

 يا سعد بن معاذ الجنةُ وربِّ النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربةً بالسيف. أو طعنة برمح أو رمية بسهم. ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون فما عرفه أحدٌ إلا أخته ببنانه، متفق عليه.

والله جزاهم الرضا والجنة. 

قال سبحانه: ((وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)).

وقال صلى الله عليه وسلم: «لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة» أو: «فقد غفرت لكم» متفق عليه.

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.

اللهم أحينا على محبتك ومحبة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم ومحبة الصحابة وأصلح لنا وللمسلمين الذراري والنساء وقهم الفتن والأسواء.

اللهم أصلح إمامنا وانصر به الدين، وأصلح ولي عهده والعلماء والأمناء والحراس والمستشارين وشد عضده بهم يا رب العالمين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)).

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

 

الخطبة الأخيرة في فضل الصحابة رضي الله عنهم

الحمد لله الذي أكرم الصحابة بإجابة دعوة مبلغ الرسالة.

أحمده تعالى أن رفع قدر أوليائه.

وأشكره سبحانه ويا فوز من لزم شكره

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليم بما يصلح عباده.

وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الذي هدى به من الضلالة.

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه، وتذكروا ما أكرم الله به الصحابة.

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكرموا أصحابي فإنهم خياركم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» الحديث رواه النسائي وإسناده صحيح.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدَ أحدهم ولا نصيفه» متفق عليه.

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النجوم أمنةٌ للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنةٌ لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون» رواه مسلم.

وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا رأيتم الذين يسبون أصحابي فقولوا: لعنة الله على شر كم» رواه الترمذي.

وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: لا تسبوا أصحاب محمد، فلَمَقام أحدهم ساعة يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم خير من عمل أحدكم أربعين سنة. رواه ابن بطة.

وفي رواية وكيع: خير من عبادة أحدكم عمره انتهى.

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن الله تعالى نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه، وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه. فما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوه سيئاً فهو عند الله سيء. أخرجه الأمام أحمد وغيره انتهى.

ولنأخذ بقول الله عز وجل: ((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ))

وصلوا على المبعوث رحمة للعالمين فالله يقول: ((إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)) وقد أكرمه الله أن من صلى عليه واحدة صلى الله عليه عشراً.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الستة الباقين من العشرة المفضلين، وعن بنات نبينا وزوجاته أمهات المؤمنين وعن جميع الصحابة والتابعين، واجعلنا ممن تبعهم واقتفى أثرهم واحشرنا في زمرتهم يا أرحم الراحمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحم حوزة

الدين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين واكف المسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا، وعم بصلاح القلوب والأعمال الزوجات والأولاد وجميع المسلمين.

اللهم أصلح ولاة أمورنا وكل من تولى للمسلمين أمراً. وخص إمامنا بالحفظ والتوفيق والعون والتسديد، وأصلح له البطانة من ولي عهده والعلماء وخيرة المؤمنين الصالحين المصلحين، اللهم احفظ لنا إيماننا وقادتنا ورجال أمننا، وادفع عنهم كل سوء وبلاء، واجعلنا عوناً صالحاً لهم فيما يحقق الأمن والاطمئنان.

اللهم ارحمنا وارحم عبادك المستضعفين، واغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المرفقات

1760730044_خطبة في فضل الصحابة رضي الله عنهم.pdf

المشاهدات 19 | التعليقات 0