خطبة محبّة النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة توجب الجنّة لا النار

حسين بن حمزة حسين
1447/03/05 - 2025/08/28 14:50PM
إخوة الإيمان : اتقوا الله عباد الله، واعلموا أنّ أعظمَ نعمةٍ أنعم الله بها على أهلِ الأرض قاطبةً، بعثةُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ليس يوْمُ موْلده، افترضَ الله على أهل الأرض طاعته، وأمرهم بامتثال أمره، واجتناب نهيه، قال تعالى ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ)، سدّ الله الجنّة أن تفتح لأحدٍ إلا من طريقه، فأقام الله به الدّين وأكمله، قال تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )، وقال صلى الله عليه وسلم ( تركتُكم على البيضاءِ ليلِها كنهارِها لا يزيغُ عنها بعدي إلا هالِكٌ، ومن يَعِشْ منكم فسَيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرَفتُم من سُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ المهدِيِّينَ الرَّاشدينَ )، فالاعتصام بالكتاب والسنة على نهج وفهم سلف الأمة هو الطريق القويم والصراط المستقيم الواجب السّيْر عليه، وهو المنجاةُ من الوقوع في البدع والضّلال التي يُبْغِضْها اللهُ ورسولُه، قال تعالى ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِه)، وقال تعالى محذّرا من مخالفة نبيّه صلى الله عليه وسلم وسمّى ذلك عصياناً نعوذ بالله ( وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ )، وقال تعالى ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )، وقال صلى الله عليه وسلم ( من أحدَث في أمرِنا أو دينِنا هذا ما ليس فيه فهو رَدٌّ . وفي لفظٍ: من عمل عملًا ليس عليه أمرِنا فهو رَدٌّ) رواه البخاري ومسلم، فهذا الحديثُ قاعدةٌ عَظيمةٌ مِن قَواعدِ الإسلامِ، وهو مِن جَوامعِ كَلِمِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فإنَّه صَريحٌ في ردِّ كلِّ البِدَعِ، وأنَّ المِقياسَ في معرفة العمل مُحدَثًا أو غيرَ مُحدَثٍ؛ هو القرآنِ والسُّنةِ، قال الإمام مالك رحمه الله: "ما لم يكن ديناً في عهْد محمدٍ صلى الله عليه وسلم، لا يكون ديناً إلى يوم القيامة". إخوة الإيمان: ومن البدعِ المحدثة في الدّين والواجبِ التحذيرِ منها، بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، والتي أصبحت يروَّج لها وتنتشر كما تنتشر النار في الهشيم، ولْنعْلم يقيناً أنّ يوم الثاني عشر من شهر ربيعٍ الأوّل لم بثْبت أنه موعد ولادته صلى الله عليه وسلم كما وضح ذلك أهل التحقيق، بل يقيناً وإجماعاً هو تاريخُ يومُ وفاته وموْته صلى الله عليه وسلم، كما أنه ليس لنا الحقّ بالنياحة والبكاء على يومِ وفاته، فإنّه ليس لنا الحقّ بالاحتفال بيوم ولادته صلى الله عليه وسلم هذا لو ثبت أصلاً، كما أنه ليس لنا الحق بالاحتفال بيوم بعثته صلى الله عليه وسلم، فالاحتفال بالمولد النبوي هذا بدعة منكرة، لم يرد في كتاب الله تعالى ولا في سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يفعله النبيّ صلى الله عليه وسلم ولا أصحابُه ولا التابعون لهم بإحسان، ولتعلم عن الأمر أنظر من أيْن نشأ ومتى بدأ ؟، نشأت هذه البدعة في القرن الرابع الهجري على يد الرافضة العُبَيْديّين، قال ابن كثير رحمه الله عنهم في كتابه البداية والنهاية ( كفارٌ، فسّاقٌ، فجّار، ملْحدون، زنادقة، معطّلون للإسلام، ولمذهب المجوسيّة معتقدون، عطّلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وأحَلّوا الخمر، وسفكوا الدماء، وسبّوا الأنبياء، ولعنوا السّلف، وادعوا الربوبية، هم أول من أنشأ القباب على القبور، وأظهر الضرائح وبدع القبور) إخوة الإيمان: هؤلاء هم أوّلُ من أقام هذه البدعة، والمصيبة فيمن يتّبعهم من المسلمين، ويترك هدْي السلف الصالح من الصحابة والتابعين، بل يوالي ويعادي على هذه البدعة - نعوذ بالله من الخذلان-، ثمّ لا ننسى نحن أهلُ المدينة، سكانُ طيبةَ الطيبة، واجبُ الطاعةِ والامتثال عليْنا أعظم، وواجب محاربة البدع منّا أكبر، وارتكاب البدع منّا أشدُّ قبْحاً وأكبرُ شناعةً وخصوصا في المدينة، حاشا أهل المدينة غير الوفاء والطاعة والامتثال. الخطبة الثانية: إخوة الإيمان: في بدعة المولد من المنكرات ما دينُ الله تعالى منه بريءٌ من الرّقص والتمايل مع آلات اللهو والطرب والأناشيد والمدائح التي فيها من الغلوّ والشرك الأكْبر ما لوْ أنّ الإنسان اعتقده ما يكون به كافراً خارجاً من دين الله، بل وبعضُهم في بعض البلدان من يجْعلون مكاناً فارغاً في مجلس احتفالهم ويدّعون كذِباً وزوراً حضورَ النبي صلى الله عليه وسلم بشخصه معهم،-نسأل الله السلامة-، ثم لا يخْلو عادةَ بدعة المولد من قراءة قصيدة البردة للبوصيري، وهي وإن كانت تفيض بمحبّةِ النبيِّ ﷺ وتعظيمِه، إلاّ أنّ فيها أبياتًا اشتملت على الشرك الأكبر والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم بما لا ينبغي أن يكون إلا لله عز وجل ومن ذلك قوله : يا أَكْرَمَ الخَلْقِ ما لي مَن أَلوذُ بهِ *** سِواكَ عِندَ حُدوثِ الحادِثِ العَمَمِ فَإِنَّ مِن جُودِكَ الدُّنيا وَضَرَّتَها *** وَمِنْ عُلُومِكَ عِلمَ اللَّوحِ وَالقَلَمِ إِنْ لَمْ تَكُنْ في مَعادِي آخِذًا بِيَدي *** فَضْلًا وَإلّا فَقُلْ يا زَلَّةَ القَدَمِ يقول الشيخ عبد المحسن العبّاد حفظه الله وأمدّه بالصحة والعافية: لو قال القائل يا خالق الخلق لَاسْتقام الكلام: يا خالق الخَلْقِ ما لي مَن أَلوذُ بهِ *** سِواكَ عِندَ حُدوثِ الحادِثِ العَمَمِ فَإِنَّ مِن جُودِكَ الدُّنيا وَضَرَّتَها *** وَمِنْ عُلُومِكَ عِلمَ اللَّوحِ وَالقَلَمِ إِنْ لَمْ تَكُنْ في مَعادِي آخِذًا بِيَدي *** فَضْلًا وَإلّا فَقُلْ يا زَلَّةَ القَدَمِ إخوة الإيمان: محبّته صلى الله عليه وسلم تكفّل الله بزرعها في قلوبنا بشرعه ودينه، إنما تكون باتباع سنته واقتفاء أثره، وهجر المحدثات والبدع، نسأل الله تعالى العلم النافع والعمل الصالح والقول السديد وأن يقبضنا على التوحيد والسنة غير مغيّرين ولا مبدلين.  
المشاهدات 179 | التعليقات 0