خُطْبَةٌ مُخْتَصَرَةٍ عَنْ شَهْرِ رَجَبٍ-تَهْنِئَةِ الْكُفَّارِ بِالْكِرِيسْمَاس
محمد البدر
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
عِبَادَ اللهِ:قَالَ تَعَالَى﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾وَقَالَﷺ«إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»متفقٌ عَلَيْهِ.فحرّم اللهُ ظلمَ النفسِ في كلِّ الشهورِ ولكنْ في الأشهرِ الحُرُمِ يكونُ أشدَّ تَحْريماً وأشدَّ تعظيماً وإن من أشدِّ وأقبح الظلم وأشنعه الشرك بالله,قَالَﷺ«الظُّلْمُ ثَلَاثةٌ: فَظُلْمٌ لَا يَغْفِرُهُ اللهُ،وَظُلْمٌ يَغْفِرُهُ، وَظُلْمٌ لَا يَتْرُكُهُ،فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ،فَالشِّرْكُ,قَالَ اللهُ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي يَغْفِرُهُ،فَظُلْمُ العِبَادِ أَنْفُسَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ-عز وجل-وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يَتْرُكُهُ،فَظُلْمُ العِبَادِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا,حَتَّى يُدَبِّرُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ»حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.فكل صور الظلم محرمةٌ على العباد,فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّﷺفِيمَا يَرْوِيه عَنْ رَبِّهِ قَالَ«يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي،وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ «الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.فَمِنَ الظلمِ:ظُلمُ النفْسِ بالبِدَعِ والمعاصِي والذنُوبِ، وَالشِّرْكَ.قَالَ تَعَالَى﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ﴾ ومِن الظلمِ:ظلمُ الناسِ بِأَخْذِ حُقوقِهِمْ الخاصَّةِ والعامَّةِ.قَالَ تَعَالَى﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾.
عِبَادَ اللهِ:وأما تحري صيام شهر رجب فلم يرد شيء من السنة ولا من سنة الخلفاء الراشدين ولم ينقل شيء عن ذلك من السلف الصالح وإنما الصيام من أعمال الخير في كل وقت دون تخصيص شهر بعينه الا رمضان يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلاَم ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ:فَاتِّخَاذُهُ مَوْسِمًا بِحَيْثُ يُفرَدُ بالصَّومِ،مَكْرُوهٌ عِنْدَ الإِمَامُ أَحمَدُ وغيرِه،كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَأَبي بَكرَةَ وَغَيْرِهِمَا مَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.إلخ.وَيَقُولُ شَيْخُ الإِسْلاَم ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ:(ولم يثبت عن النَّبِيُّﷺفي فضل رجب حديث آخر،بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النَّبِيُّﷺكلها كذب).إلخ.وأما الحديث المشهور «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ»ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ.
عبادَ الله:فَمِنْ الأمورِ الْمُحْدَثةِ فِي شَهْرُ رَجَب الاحتِفالِ بِحَادِثَةِ الإِسرَاءِ والمِعرَاجِ،قَالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ:لَم يَقُم دَليلٌ مَعلُومٌ لا على شَهرِها ولا على عَشرِها ولا على عَينِها،بل النُّقُولُ في ذَلِكَ مُنقَطِعَةٌ مُختَلِفَةٌ.إلخ. أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ،وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى﴿لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾وَقَالَﷺ«لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ،شِبْرًا بِشِبْرٍ،وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا:يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ:فَمَنْ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ:وَأَمَّا تَهنِئَتُهُم بِشَعَائِرِ الكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهم فَحَرَامٌ بِالاتِّفَاقِ،فهذا إنْ سَلِمَ قَائِلُه من الكُفْرِ فَهوَ مِن الْمُحَرَّمَاتِ، وهو بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ.إلخ.وَقَالَت اللَّجنةِ الدَّائِمةِ: (لا تجوزُ إقامةُ الأعيادِ البِدْعيَّةِ ولا الاحتِفالُ بها،ولا مُشارَكةُ أهلِها وتهنِئَتُهم بمناسبتِها؛لأنَّ هذا من التعاونِ على الإثمِ والعُدوانِ.إلخ.فيا أهل التَّوْحِيْدِ والسنة والعقيدة الصافية اياكم أن تشاركوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى في احتفالاتهم،ولا تهنئتهم ولا حضورها ولا ارسال التهاني والتبريكات،ولا تغتروا بما يفعله بعض السفهاء من توزيع الهدايا وانتشار التخفيضات على الكثير من السلع بهذه المناسبة واحذروا من فتاوى شيوخ الفتنة وشيوخ فقه التيسير والتقريب والتمييع. الاوَصَلُّوا..
المرفقات
1766054511_خُطْبَةٌ مُخْتَصَرَةٍ عَنْ شَهْرِ رَجَبٍ-تَهْنِئَةِ الْكُفَّارِ بِالْكِرِيسْمَاس.pdf