رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
الشيخ د طلال بن فواز الحسان
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ الَّذي وسِعَتْ رحمتُهُ كلَّ شيءٍ، وأحاطَ علمُهُ بكلِّ شيءٍ، أحمدُهُ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلّى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبِهِ وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعدُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
حين تشتدُّ الأزماتُ، وتضيقُ الحِيَلُ، وتُغلَقُ الأبوابُ، يبقى بابٌ واحدٌ لا يُغلَقُ، إنَّه بابُ السماءِ.
هناك في كهفٍ صغيرٍ، وفي أحداثٍ مرعبةٍ تجلَّت عظمةُ التوكُّلِ وصدقُ الإنابةِ وبراعةُ الدعاءِ وحسنُ التفويضِ. إنَّها قصةُ أولئك الفتيةِ الذين آمنوا بربِّهم فزادَهُم هُدى، وقد جاء في بعضِ الآثارِ أنَّ هؤلاء الفتيةَ كانوا من أبناءِ الملوكِ والأكابرِ في مدينتِهم، فليسوا من الفقراءِ أو الطبقةِ الكادحةِ، لكنَّهم آثروا الدينَ على زُخرفِ الدنيا، واختاروا طريقَ الإيمانِ، ولَمّا خافوا على إيمانِهم من الفتنةِ؛ آثروا الفرارَ بدينِهم إلى كهفٍ ضيّقٍ على زينةِ الدنيا واتّساعِها، فكان الكهفُ جُنَّةً من الفتنِ، وملاذًا من الطغيانِ، وميدانًا لإظهارِ قدرةِ اللهِ.
ففي مشهدٍ مهيبٍ من مشاهدِ القرآنِ، قصَّ اللهُ علينا خبرَ هؤلاءِ الفتيةِ إذ أوَوا إلى كهفِهم، لم يُودِعْ في القصّةِ إحداثيّاتِ المكانِ، ولا سجّلَ أسماءَ الوجوهِ، ولا رسمَ ملامحَ الحادثةِ بالتفصيلِ، لكنَّه أثبتَ جملةً واحدةً كانت هي سرَّ التحوّلِ الأعظمِ في مصيرِهم، وهذه الجملةُ هي دعوتُهم الخالدةُ: ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾. لقد اختصرَ الوحيُ جوهرَ القصّةِ في دعوةٍ، لأنَّ الدعاءَ كان هو المِعْوَلَ الذي حفرَ مجرى الأحداثِ، والمفتاحَ الذي غيّرَ مسارَ السُّننِ، والحصنَ الذي حفظَ أجسادَهم وأرواحَهم على مدى ثلاثِمئةِ سنةٍ وازدادوا تسعًا. إنَّ الدعاءَ ليس هامشًا في دفترِ الحياةِ، بل هو صميمُها، به يُستفتحُ الفجرُ، وبه يُختتمُ الليلُ، وهو الجسرُ الذي ينقلُ العبدَ من ضيقِ الأسبابِ إلى سَعَةِ مسببِها، ومن وهنِ القوى إلى مددِ السماءِ. نعم، لقد نطقتْ قلوبُهم قبلَ ألسنتِهم بهذا الدعاءِ العظيمِ، الذي جمعَ لهم بين خيريِ الدنيا والآخرةِ، بين طلبِ الرحمةِ والهدايةِ والرشد، بين اللجوءِ إلى اللهِ والتسليمِ لأمرِه.
فهؤلاء الفتيةُ لَمّا خافوا على دينِهم من الفتنةِ، تركوا الأهلَ والمالَ والجاهَ، واختاروا طريقَ الإيمانِ، ولم يجدوا ملجأً إلّا الكهفَ، لكنَّهم عرفوا أين يكونُ المخرجُ، ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾. فاستجابَ اللهُ لهذا الدعاءِ العظيمِ، فجعلَ لهم الكهفَ مأوًى، وضربَ على آذانِهم سنينَ عددًا، وحفظَهم من أعينِ الناسِ، وجعلَهم آيةً على قدرتِه، فأصبحوا من فتيةٍ مستضعفينَ إلى آيةٍ عظيمةٍ تُتلى إلى يومِ الدينِ.
أجل، إنَّ من أعظمِ التوفيقِ أن يُلهمَكَ اللهُ الدعوةَ التي أنتَ محتاجٌ إليها، وبها صلاحُ حالِك، ولذا كان من توفيقِ اللهِ لهؤلاءِ الفتيةِ أن ألهمَهم هذه الدعوةَ الجامعةَ؛ فهم كانوا في حالةٍ من انقطاعٍ عن جميعِ الأسبابِ، وفي مكانٍ لا يعلمونَ ما سيصيرُ حالُهم فيه، وفي مضايقَ كثيرةٍ من الخوفِ من قومِهم، والبعدِ عن أهلِهم، والوحشةِ في كهفِهم بلا طعامٍ ولا شرابٍ ولا فِراشٍ ولا لحافٍ، مع كونِهم فتيةً في مقتبلِ أعمارِهم، لم تعركْهم التجاربُ والأسفارُ وبلايا الحياةِ ومصاعبُها، وقد خرجوا في عجلةٍ من أمرِهم حتى لم يأخذوا زادًا يكفيهم ولو لبضعةِ أيامٍ، فلجؤوا إلى ربِّهم، وسألوه هذه الدعوةَ الجامعةَ: ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾. ولنا مع هذا الدعاءِ العظيمِ وقفاتٌ:
إنَّ هذا الدعاءَ الجامعَ، قصيرٌ في مبناه، عظيمٌ في معناه، وكم نحتاجُ هذا الدعاءَ في زمنِ الفتنِ والأزماتِ.
﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾ أي من عندِكَ، لا بعملِنا، ولا بأسبابِنا، ولا بزكائِنا أو ذكائِنا، بل بمحضِ فضلٍ منك يا ربّ، نريدُ رحمةً خاصّةً.
عبادَ اللهِ: كم نحن بحاجةٍ إلى رحمةٍ من عندِ اللهِ، رحمةٍ تهدي القلوبَ، وتفتحُ أبوابَ الفرجِ في وجوهِ المهمومينَ والمظلومينَ، وتخرجُنا من الظلماتِ إلى النورِ، ومن اليأسِ إلى الأملِ. وهذه الرحمةُ لا يُنالُها إلّا من صدقَ في اللجوءِ إلى اللهِ، وأحسنَ الافتقارَ بين يديه. فهم لم يسألوا طعامًا يسدُّ جوعَهم، ولا مأوًى ترتاحُ فيه أبدانُهم، بل رفعوا أكفَّ الضراعةِ وسألوا ربَّهم الرحمةَ. أتدرونَ لِمَ؟ لأنَّ الرحمةَ هي أوسعُ أبوابِ الخيرِ، فإذا نزلتِ انفرجتِ الكروبُ، واندفعتِ الشرورُ، واطمأنّتِ النفوسُ، وتيسّرتِ السبلُ، وبها يُغفرُ الذنبُ، وينزلُ الأمنُ، ويُرفعُ البلاءُ. فهي كلمةٌ جامعةٌ لكلِّ ما يحتاجُه العبدُ من نصرٍ وتمكينٍ ومغفرةٍ وهدايةٍ وتوفيقٍ وحمايةٍ من الفتنِ وتثبيتٍ على الحقِّ، فلا تزالُ الرحمةُ مع العبدِ حتى يدخلَ بها أعاليَ الجنانِ، وينجوَ بها من النارِ، فهي أعظمُ مطلوبٍ. ومن أعظمِ ما يسألُه العبدُ ربَّهُ؛ قال اللهُ تعالى: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾. وكم في هذه الدعوةِ العظيمةِ من كمالِ التفويضِ والتسليمِ وغايةِ الافتقارِ فقالوا: ﴿وَهَيِّئْ لَنَا﴾ أي نريدُكَ أنتَ يا ربَّنا تتولّى تهيئتَنا، فلم يرسموا خارطةَ الفرجِ لربِّهم، ولم يقترحوا الخياراتِ، بل تفويضٌ تامٌّ لربِّ العالمينَ.
ويدخلُ في هذه الكلمةِ على قِصَرِ حروفِها سؤالُ اللهِ الإعدادَ والتيسيرَ والإصلاحَ والصنعَ والتجهيزَ وتولّي الأمرِ كلِّه.
﴿مِنْ أَمْرِنَا﴾ أي: جميعُ أمرِنا في دينِنا ودنيانا، في ثباتِنا وهدايتِنا، في خوفِنا وجوعِنا، في وحشتِنا وغربتِنا وتفاصيلِ قصّتِنا. فأجابَ اللهُ سؤالَهم بإعدادٍ ربّانيٍّ عجيبٍ، تكاملتْ فيه أسبابُ السمواتِ والأرضِ والشمسِ والظلالِ والحيوانِ والزمانِ والمكانِ، حتى مشهدِ الكلبِ وبسطِ يديه، في جمالِ التهيئةِ الربّانيةِ البديعِ الذي يأسرُ القلوبَ. وأجسادُهم التي أسلموا تهيئتَها لربِّهم هيّأها أعظمَ تهيئةٍ وأكملَها وأنامَها وقلَبَها، وانتظمتْ كلُّها في هيئةٍ ربّانيةٍ لتجيبَ دعوةَ الفتيةِ، ولَمّا كانت دعوتُهم أن يُهيّئَ لهم، وصفَ اللهُ الهيئةَ وأفاضَ القرآنُ العظيمُ في تفاصيلِها ووصفِها وجمالِها وإحكامِها، ونبّهَ إلى النظرِ إليها: ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَّزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ﴾.
﴿وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾، وبعد أن سألَ الفتيةُ ربَّهم الرحمةَ، سألوه الرشدَ، ويالهُ من سؤالٍ جليلٍ، يدلُّ على فقهٍ عظيمٍ. فهم بأمسِّ الحاجةِ إلى الرشدِ، لأنَّ الرشدَ هو جماعُ الخيرِ كلِّه، به يُهتدى للقولِ السديدِ والفعلِ الرشيدِ. الرشدُ هو الهدايةُ التامّةُ، وإصابةُ وجهِ الحقيقةِ، وضدُّه الغيُّ، قال اللهُ تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾. الرشدُ هو السدادُ، والسيرُ في الاتجاهِ الصحيحِ، هو أن يُحبّبَ اللهُ إليكَ الإيمانَ، ويزيّنهُ في قلبِكَ، ويُكرّهَ إليكَ الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ. الرشدُ هو أن يُيسّركَ اللهُ لليُسرى، ويُجنّبَكَ العُسرى. الرشدُ هو حُسنُ التصرّفِ في الأشياءِ، وسدادُ المسلكِ فيما تصبو إليه. فإذا أرشدَكَ اللهُ فقد أُوتيتَ خيرًا عظيمًا، وبورك لكَ في مسيرِكَ وخُطواتِكَ، فبالرشدِ تختصرُ المراحلَ وتطوي المسافاتِ في السيرِ إلى اللهِ. ومن أعظمِ النِّعمِ أن يكونَ اللهُ لكَ وليًّا مرشدًا، ويُهيِّئَ لكَ أسبابَ الرشدِ. فإذا هيّأ اللهُ للعبدِ أسبابَ الرشدِ فقد مهّدَ له سبيلَ الوصولِ إلى النجاحِ الدنيويِّ والفلاحِ الأُخرويِّ.
والرشدُ هو مطلوبُ الأنبياءِ، وهو الذي جعلَ موسى عليهِ السّلامُ لا يبرحُ حتى يبلغَ مجمعَ البحرينِ أو يمضيَ حقبًا، ولَمّا لقيَ الخضرَ كان أوّلُ طلبِه: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾.
وقالَ اللهُ جلَّ وعلا لنبيِّه ﷺ مُلقّنًا لهُ هذه الدعوةَ: ﴿وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا﴾.
وكانَ النبيُّ ﷺ يُكثِرُ من سؤالِ اللهِ الرشدَ، فكانَ من دعائِه: «اللَّهُمَّ إنّي أسألكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ»، وكان يقولُ: «اللَّهُمَّ قِني شرَّ نفسي، واعزِمْ لي على أَرْشَدِ أمري». ووصّى بها أحدَ أصحابِه بقولهِ: «قُلِ: اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي».
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعَني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، أقولُ ما سمعتم، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ وحدَه، والصلاةُ والسلامُ على من لا نبيَّ بعدَه. أمّا بعدُ:
أيّها المسلمونَ: هذا الدعاءُ ليس للفتيةِ وحدَهم، بل هو لكلِّ مؤمنٍ يخافُ على دينِه، ويخشى الفتنةَ على نفسِه وأهلِه. فكم نحن بحاجةٍ إلى هذا الدعاءِ في هذا الزمنِ الذي كثُرتْ فيه الفتنُ والمغرياتُ، وفُتِحتْ على المسلمينَ أبوابُ الشبهاتِ، وغلبَ على الناسِ الغفلةُ والشهواتُ. ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ فمن أُوتي الرحمةَ والرشدَ؛ فقد أُوتي خيرًا كثيرًا، وفازَ بالهدايةِ والتوفيقِ، وسلِمَ من الضلالِ والزَّلَلِ.
فبالرحمةِ يُحفَظُ له دينُهُ ودنياهُ، وبالرشدِ يُسدَّدُ في أقوالِه وأعمالِه وخطواتِه. فالرشدُ هبةٌ إلهيّةٌ، لا يملكُها العبدُ بنفسِه، قالَ اللهُ تعالى: ﴿مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾.
عباد الله، اجعلوا هذا الدعاءَ دائمًا على ألسنتِكم، وردِّدوهُ من قلوبِكم، وقبلَ اتخاذِ قراراتِكم: ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾. فإنَّكم أحوجُ ما تكونونَ إليه، فأنتم بحاجةٍ إليه في تربيةِ أبنائِكم، فاسألوا اللهَ أن يرحمَهم وأن يُهيِّئَ لهم من أمرِهم رَشَدًا في حياتِهم. وفي طلبِ العلمِ، اسألوا اللهَ رحمةً يفتحُ بها عليكم، ورشدًا يثبّتُكم على الطريقِ. وفي الفتنِ والأزماتِ وانتشارِ الشهواتِ والشبهاتِ، الجؤوا إليهِ كما لجأ الفتيةُ، فتكونُ لكم العصمةُ والنجاةُ. فأكثِروا من هذا الدعاءِ، وردِّدوه في ليلكم ونهاركم: ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾. ثم صلوا وسلموا على خير البرية وأزكى البشرية، فقد أمركم الله بذلك فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
المرفقات
1761156125_��﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾�.docx
1761156125_��﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾�.pdf