سلسلة الزمان المبارك[الصيام وأثره على الفرد والمجتمع]

سعد النمشان
1446/08/29 - 2025/02/28 17:49PM
[الصِّيام وآثاره على الفرد والمجتمع] الجمعة٩/٧
اَلْخُطْبَةُ الْأُولَى:
 اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَرَضَ مِنَ الشَّرَائِعِ مَا تَزْكُو بِهِ النُّفُوسُ، وَتَطْمَئِنُّ بِهِ الْقُلُوبُ، فَأَوْجَبَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْحَجَّ عَلَى مَنِ اِسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، لَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا شَرَعَ لِتَحْقِيقِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَنَشْهَدُ أَنَّهُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَوَعَدَ فَأَوْفَى، نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَنَسْتَعِينُ بِهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ الْوَعْدِ الْأَمِينُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِينَ، وَصَلَّى وَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ، وَصَلَّى وَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الْبَرَرَةِ، وَصَحَابَتِهِ الْكِرَامِ الْخِيَرَةِ، وَعَلَى التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.فَأوصِيكُم وَنَفْسي بِتَقَوى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, كيفَ لا نَتَوَاصَى بالتَّقوى وما شُرِعَ الصِّيامُ إلاَّ لِتَحقِيقِهِ, أَلم يَقُلِ اللهُ تَعَالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ لِلصَّوْمِ فَرْضًا وَنَفْلًا مَقَاصِدَ عِدَّةً، نَذْكُرُ مِنْهَا:
أَوَّلاً: مَقْصَدَ تَهْذِيبِ النَّفْسِ وَتَزْكِيَتِهَا بِكَرِيمِ الْخِصَالِ مِنْ جَمِيلِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، فَالصَّوْمُ يُنَمِّي فِي الْعَبْدِ مُرَاقَبَةَ الذَّاتِ وَمُحَاسَبَةَ النَّفْسِ، حَتَّى تَعْتَدِلَ فِي شَهْوَتَيْنِ قَدْ يَمِيلُ الْمَرْءُ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِيهِمَا، وَهُمَا: شَهْوَةُ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ، بِأَنْ يُوَاظِبَ الْعَبْدُ عَلَى مُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ سُبْحَــــانَهُ، وَهِيَ مُرَاقَبَةٌ يُدْرِكُ بِهَا الصَّائِمُ مِنَ الْجَزَاءِ الْأَوْفَى مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ: (يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، اَلصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا).
ثَانِيًا: مَقْصَدَ الْمُحَاسَبَةِ؛ بِتَصْفِيَةِ النَّفْسِ وَتَنْقِيَتِهَا مِنْ كُلِّ الشَّوَائِبِ الَّتِي تُؤَثِّرُ فِي قَبُولِ الْأَعْمَالِ وَتَمَامِهَا، وَهَذَا الْخُلُقُ لَا يُثْمِرُ فِي حَيَاةِ الْعَبْدِ إِلَّا بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى الذِّكْرِ، وَحُضُورِ الْقَلْبِ، بِمَا يَحْفَظُهُ وَيَقِيهِ مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ، وَوَسَاوِسِ النَّفْسِ وَإِغْرَاءِ الْهَوَى، وَالصَّوْمُ عَلَى هَذِهِ الْحَقِيقَةِ، وَبِهَذَا الْوَعْيِ الْإِيمَانِيِّ، هُوَ الَّذِي يَحْفَظُ صَاحِبَهُ مِنْ شَرِّ الْآفَاتِ وَالْأَمْرَاضِ، وَيُبْعِدُهُ عَنِ الْمَعَاصِي، وَيَكُفُّهُ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ.
ثَالِثًا: مَقْصَدَ هَجْرِ الْمَعَاصِي وَالْكَفِّ عَنِ الْحَرَامِ، وَهَذَا مَقْصَدٌ عَظِيمٌ وَغَايَةٌ كُبْرَى، بِاعْتِبَارِ الصَّوْمِ وَسِيلَةً لِلْإِمْسَاكِ عَنِ الشَّهَوَاتِ، فَمَنْ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةَ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ؛ اِسْتِجَابَةً لِلَّهِ تَعَالَى، حَرِيٌّ بِهِ أَنْ يَتْرُكَ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ كَذِبٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ وَاعْتِدَاءٍ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ؛ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الِاسْتِجَابَةِ، وَإِلَّا كَانَ صَوْمُهُ عَبَثًا لَا مَعْنَى لَهُ، كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (مَنْ لَّمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ). فَالْغَايَةُ مِنَ الصِّيَامِ بِهَذِهِ الْمَعَانِي إِذًا هِيَ: تَرْكُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَا شَكَّ - عِبَادَ اللَّهِ -، أَنَّ فِي الْتِزَامِ أَحْكَامِ الصَّوْمِ وَآدَابِهِ مِنِ اِسْتِحْضَارِ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَفِّ الْجَوَارِحِ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَالِابْتِعَادِ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ، تَأْمِينًا لِلْمُجْتَمَعِ مِنْ بَأْسِ أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَبَطْشِ أَيْدِيهِمْ، فَالْمُجْتَمِعُ الصَّائِمُ آمِنٌ بِصِيَامِهِ، مُتَضَامِنٌ بِإِحْسَانِهِ مَعَ إخْوَانِهِ.
فأَيَّامَ الصَّائِمِينَ أَيَّامٌ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ غَيْرِهَا، فَفِيهَا يَحْفَظُ الصَّائِمُ قَلْبَهُ وَبَدَنَهُ وَفِكْرَهُ حِسًّا وَمَعْنًى، حِفْظٌ يَظْهَرُ فِي الْإِمْسَاكِ عَنْ فُضُولِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَيَتَجَلَّى كَذَلِكَ فِي إِشَاعَةِ الِابْتِسَامَةِ فِي وُجُوهِ النَّاسِ، وَالرَّغْبَةِ فِي الْعَطَاءِ وَالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ، وَالْإِقْبَالِ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حِكَمِ الصِّيَامِ وَمَقَاصِدِهِ الَّتِي تُحَقِّقُ لِلنَّاسِ سَكِينَةً وَطُمَأْنِينَةً نَفْسِيَّةً، وَرُقِيًّا رُوحِيًّا، وَصِحَّةً سَلِيمَةً، وَصَفَاءً عَقْلِيًّا، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْحِكَمِ الَّتِي يَجْنِيهَا الْمُؤْمِنُونَ.  
مَعَاشِرَ الْكِرَامِ -، أَنَّ مِنْ أَهَمِّ ثَمَرَاتِ الصِّيَامِ تَرْبِيَةَ النَّفْسِ وَتَنْمِيَةَ الصِّفَاتِ الطَّيِّبَةِ فِيهَا، وَمُعَالَجَةَ أَحْوَالِهَا وَتَحْلِيَتَهَا بِالْقِيَمِ النَّبِيلَةِ وَالْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ، وَالصَّوْمُ يَحْفَظُ عَلَى النَّفْسِ صِحَّتَهَا وَسَلَامَتَهَا وَقُوَّتَهَا وَنَشَاطَهَا، خَاصَّةً عِنْدَ اقْتِرَانِهِ بِنِيَّةِ التَّعَبُّدِ وَالِاحْتِسَابِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).
فَالصِّيَامُ إِذًا عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ تَدْفَعُ الْمَفَاسِدَ وَالشَّهَوَاتِ، حَتَّى يَقْتَرِبَ الْمُؤْمِنُ فِي أَحْوَالِهِ - وَهُوَ صَائِمٌ - مِنْ أَوْصَافِ الْمَلَائِكَةِ، بِإِمْسَاكِهِ عَنْ شَهْوَتَيِ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ، وَاجْتِنَابِهِ اللَّغْوَ وَالرَّفَثَ وَقَوْلَ الزُّورِ وَسَائِرَ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي تُوقِعُ فِي الْمَهَالِكِ، وَتَكُونُ سَدًّا مَانِعًا مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرَاتِ.  
هَذِهِ بَعْضُ ثِمَارِ الصِّيَامِ وَآثَارِهِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ، اَلَّتِي يَجِبُ أَنْ نَّفْقَهَهَا كَيْ نَتَحَقَّقَهَا؛ لِمَا فِيهَا مِنْ خَيْرٍ يَعُودُ عَلَى الْفَرْدِ أَوَّلًا، وَعَلَى الْمُجْتَمَعِ ثَانِيًا، وَذَلِكَ بِالصِّيَامِ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ، وَأَكْلِ أَمْوَالِهِمْ بِالْبَاطِلِ، وَالظُّلْمِ بِكُلِّ أَنْوَاعِهِ فِي حَقِّ الْأَفْرَادِ وَفِي حَقِّ الْمُجْتَمَعِ، فَهَلْ يَا تُرَى - مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ -، نَجِدُ هَذِهِ الْآثَارَ لِعِبَادَةِ الصَّوْمِ فِي حَيَاتِنَا، أَمْ نَحْتَاجُ إِلَى مَزِيدِ جُهْدٍ وَعَمَلٍ حَتَّى يَكُونَ صِيَامُنَا صِيَامًا حَقِيقِيًّا؟، وَهَلْ يَحْفَظُنَا صَوْمُنَا مِنَ الْوُقُوعِ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ، وَمِنْ أَكْلِ أَمْوَالِهِمْ بِالْبَاطِلِ، وَمِنَ الِاسْتِخْفَافِ بِالْمَالِ الْعَامِّ، وَمِنْ إِضَاعَةِ الْوَقْتِ وَالْإِخْلَالِ بِالْوَاجِبِ، وَغَيْرِ هَذَا مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي شُرِعَتِ الْعِبَادَاتُ لِحِفْظِهَا وَرِعَايَتِهَا؟
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَهَدَانِي وَإِيَّاكُمْ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ، وَغَفَرَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، آمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَلِيِّ الصَّالِحِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى إِمَامِ الْمُتَّقِينَ، سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنِ اِقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
وَبَعْدُ، فَيَا إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: إِنَّ لِلصِّيَامِ ثِمَارًا عَظِيمَةً جَامِعَةً لِأَبْوَابِ الْخَيْرِ فِي حَيَاةِ النَّاسِ، مَانِعَةً مِنْ أَبْوَابِ الشَّرِّ، مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّاءَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ يَعْمَلُ بِهِنَّ، وَيَأْمُرُ بَنِي إسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُواْ بِهِنَّ، وَمِنْهَا: (...وَأَمَرَكُمْ بِالصِّيَامِ، فَإِنَّ مَثَلَ الصَّائِمِ، مَثَلُ رَجُلٍ مَعَهُ صُرَّةُ مِسْكٍ، فَهُوَ فِي عِصَابَةٍ لَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ مِسْكٌ غَيْرَهُ، كُلُّهُمْ يَشْتَهِي أَنْ يَجِدَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ...) اَلْحَدِيثَ.
فِي هَذَا الْحَدِيثِ، بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ مَنْزِلَةَ الصَّائِمِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ مَأْمُونُ الْجَانِبِ، مَرْجُوُّ الْفَائِدَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، لَا تَصْدُرُ مِنْهُ إِلَّا الرَّائِحَةُ الزَّكِيَّةُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَخْلَاقُ الطَّيِّبَةُ، وَالْمَكَارِمُ الْحَسَنَةُ، وَتِلْكَ هِيَ غَايَةُ الشَّرَائِعِ كُلِّهَا، وَمِنْ أَجْلِهَا بُعِثَ الْحَبِيبُ الْمُصْطَفَى ﷺ الْقَائِلُ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ).
 عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ حَالُهُ بِكُلِّ طَاعَةٍ وَعِبَادَةٍ، حَتَّى يَصِيرَ أَحْسَنَ حَالًا فِي نَفْسِهِ وَفِي مُجْتَمَعِهِ، وَالصَّوْمُ مِنْ أَعْظَمِ الْوَسَائِلِ تَرْقِيَةً لِلنَّفْسِ وَتَزْكِيَةً لَهَا، فَالْغَايَةُ مِنَ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ الِاسْتِجَابَةُ لِلَّهِ تَعَالَى بِإِخْلَاصٍ، ثُمَّ إِسْعَادُ النَّاسِ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَتَحْلِيَتُهُمْ بِجَمِيلِ الْخِصَالِ، فَكُلٌّ مِنْهَا يُرَبِّي عَلَى الطَّاعَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَحُسْنِ الْقَوْل وَجَمِيلِ الْفِعَالِ، فَيَسْعَدُ الْمُسْلِمُ بِهَا وَيُسْعِدُ غَيْرَهُ، 
 
أَلَا وَأَكْثِرُواْ مِنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى مَلَاذِ الْوَرَى فِي الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا تُحِبُّ رَبَّنَا وَتَرْضَى، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ بَاقِي الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ، وَعَنِ الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وليَّ أمرنا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا الصَّالِحَةَ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ،وَسَائِرَ بِلَادِالْـمُسْلِمِينَ، إِنَّكَ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اِللَّهُمَّ وَارْحَمِ اللَّهُمَّ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَسَائِرَ مَوْتَانَا وَمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اَللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، فَإِنَّهُ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَجَنِّبْنَا سَيِّئَهَا، فَإِنَّهُ لَا يُجَنِّبُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا صَلَاتَنَا وَصَدَقَاتِنَا وَصِيَامَنَا، وَسَائِرَ أَعْمَالِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اَللَّهُمَّ مَا كَتبتَ في أَيامِ رَمَضَانَ وَلَيالِيهِ مِنْ صِحةٍ وَسَلاَمةٍ وَسِعةَ رِزقٍ وَصَلاَحِ حالٍ ومَآلٍ فَاكْتُبْ لَنا مِنهُ أَوفْرَ الحَظِ وَالنْصيِب ، اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى طَاعَتِكَ، وَآتِنَا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، اَللَّهُمَّ ارْفَعْ دَرَجَاتِنَا، وَأَعِنَّا وَآبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَبْنَاءَنَا وَجَمِيعَ أَهْلِنَا عَلَى حُسْنِ عِبَادَتِكَ، رَبِّنَا آتِنَا مِنْ لَّدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا، رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا، رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَاعْفُ عَنَّا، وَاغْفِرْ لَنَا، وَارْحَمْنَا، أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ اَلْكَافِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
المشاهدات 228 | التعليقات 0