شُكْرُ اللهِ تَعَالَى عَلَى تَيْسِيرِ الحَجِّ وَنَجَاحِهِ

مبارك العشوان 1
1446/12/16 - 2025/06/12 20:19PM

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ  وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى - أَيُّهَا النَّاسُ - حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

اِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَاسْعَوا فِيمَا فِيهِ رِضَاهُ.

اجْتَهِدُوا - وَفَّقَكُمُ اللهُ - فِي شُكْرِ اللهِ؛ فَقَدْ أَمَرَ بِالشُّكْرِ أنْبِيَاءَهُ وَسَائِرَ عِبَادِهِ؛ فَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } [الزمر66] وَقَالَ: { وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [البقرة 172]

أَمَرَ تَعَالَى بِالشُّكْرِ، وَوَعَدَ بِالمَزِيدِ مَنْ شَكَرَ، وَتَوَعَّدَ بِالعَذَابِ الشَّدِيدِ مَنْ كَفَرَ؛ قَالَ تَعَالَى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم 7 ]

يَقُولُ عَلِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: [إِنَّ النِّعْمَةَ مَوْصُولَةٌ بِالشُّكْرِ  وَالشُّكْرُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَزِيدِ وَهُمَا مَقْرُونَانِ فِي قَرَنٍ فَلَنْ يَنْقَطِعَ الْمَزِيدُ مِنَ اللهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الشُّكْرُ مِنَ الْعَبْدِ]

عِبَادَ اللهِ: نِعَمُ اللهِ عَلَى العِبَادِ لَا تُحْصَى، نِعَمٌ دِينِيَّةٌ، وَنِعَمٌ دُنْيَوِيَّةٌ؛ وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ تِلْكَ النِّعَمِ: أَنْ بَلَّغَنَا العَشْرَ المُبَارَكَةَ  بَلَّغَنَا يَومَ عَرَفَةَ، وَيَومَ العِيدِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ.

فَلْنَشْكُرْهُ تَعَالَى عَلَى مَا يَسَّرَ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَأَجْزَلَ وَضَاعَفَ مِنَ الحَسَنَاتِ، وَوَفَّقَ لِعَمَلِ الصَّالِحَاتِ.

عِبَادَ اللهِ: وَقَدِ اِنْتَهَى مَوْسِمُ الحَجِّ؛ فَإِنَّ مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى وَعَظِيمِ إِنْعَامِهِ؛ أَنْ يَسَّرَ لِلْحُجَاجِ حَجَّهُمْ؛ فَأَدَّوا مَنَاسِكَهُمْ فِي أَمْنٍ وَرَاحَةٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَسَلَامَةٍ؛ نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَ الحُجَّاجِ حَجَّهُمْ، وَيَجْعَلَهُ حَجًّا مَبْرُوارًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا لَنَا وَلَهُمْ.

عِبَادَ اللهِ: وَإِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَى هَذِهِ البِلَادِ، وَعَلَى وُلَاةِ أَمْرِهَا: تَوفِيقُهُ تَعَالَى لَهُمْ لِخِدْمَةِ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ  وَالعِنَايَةِ الفَائِقَةِ بِهِمَا وَبِقَاصِدِيهِمَا، وَتَسْخِيرِ الإِمْكَانَاتِ لِخِدْمَةِ الحُجَّاجِ وَسَلَامَتِهِمْ وَصِحَّةِ حَجِّهِمْ.

فَاللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيكَ.

وَاللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أَمْرِنَا، وَبَارِكْ فِي جُهُودِهِمْ، وَسَدِّدْ عَلَى طَرِيقِ الخَيرِ خُطَاهُمْ.

اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ خَيْرَ الجَزَاءَ عَلَى مَا قَدَّمُوا وَيُقَدِّمُونَ.

اللَّهُمَّ وَاجْزِ خَيْرَ الجَزَاءَ كُلَّ مَنْ سَاهَمَ فِي خِدْمَةِ الحُجَّاجِ وَتَيسِيرِ سُبُلِ الرَّاحَةِ وَالأَمْنِ وَالسَّلَامَةِ لَهُمْ.

وَكُلَّ مَنْ سَاهَمَ فِي التَّنْظِيمِ، وَكُلَّ حَاجٍّ الْتَزَمَ النِّظَامَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقِ الجَمِيعَ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى وَاحْفَظْ عَلَينَا نِعَمَكَ  وَأَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

بَارَكَ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَيَنْفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ.

 

 

 

 

الخطبة الثانية: 

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.

أَمَّا بَعْدُ: وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ المَوسِمُ العَظِيمُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ المُبَارَكَةُ؛ فَإِنَّ عَمَلَ المُؤْمِنِ لَا يَنْقَضِي بِانْقِضَائِهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر99  ]

قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: [مَا جُعِلَ لِعَمَلِ المُؤْمِنِ أَجَلٌ دُونَ المَوتِ]

وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ ) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

فَاللهَ اللهَ فِي المُدَاوَمَةِ عَلَى الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

وَأَعْظَمُ ذَلِكَ: المُحَافَظَةُ عَلَى الفَرَائِضِ، ثُمَّ التَّزَوُدُ مِنَ النَّوافِلِ؛ وَقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ  وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ...) [رَوَاهُ البُخَارِيُّ]

عِبَادَ اللهِ: وَقَدْ مَضَتْ تِلْكُمُ الأَيَّامُ؛ فإنها مَلِيئَةٌ بِالدُّرُوسِ وَالعِبَرِ؛ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا فِي حَيَاتِنَا عَظِيمُ الأَثَرِ، وَأَنْ نَأْخُذَ مِنْهَا زَادًا فِي حُبِّ الطَّاعَاتِ وَلُزُومِهَا، وَكُرْهِ المَعَاصِي وَالبُعْدِ عَنْهَا.

جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[الأحزاب 56 ]

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَئِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

https://t.me/benefits11111/2671تجدون هذه الخطبة وغيرها على قناة التليجرام ( احرص على ما ينفعك ) 

 

 

المرفقات

1749748771_شُكْرُ اللهِ تَعَالَى عَلَى تَيْسِيرِ الحَجِّ وَنَجَاحِهِ 1446.pdf

1749748782_شُكْرُ اللهِ تَعَالَى عَلَى تَيْسِيرِ الحَجِّ وَنَجَاحِهِ 1446.doc

المشاهدات 875 | التعليقات 0