عِنَايَةُ الإِسْلَامِ بِالْمَرْأَةِ ( مختصرة )

فهد فالح الشاكر
1447/06/20 - 2025/12/11 22:06PM
عِنَايَةُ الإِسْلَامِ بِالْمَرْأَةِ
الخُطْبَةُ الأُولَى
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَنَشْكُرُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً نَرْجُو بِهَا نَجَاةَ اليَوْمِ الْآخِرِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَعَلٰى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ؛ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الإِسْلَامَ دِينُ عَدْلٍ وَرَحْمَةٍ، دِينٌ حَفِظَ لِلإِنْسَانِ كَرَامَتَهُ، وَرَفَعَ شَأْنَ المَرْأَةِ، وَصَانَ حُقُوقَهَا، وَأَعْلَى قَدْرَهَا أُمًّا وَبِنْتًا وَزَوْجَةً وَأُخْتًا.
 عِبَادَ اللَّهِ، لَقَدْ جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ الغَرَّاءُ بِتَكْرِيمِ المَرْأَةِ تَكْرِيمًا لَمْ تَعْرِفْهُ الْبَشَرِيَّةُ فِي تَارِيخِهَا؛ فَقَدْ كَانَتْ مُهَانَةً عِنْدَ الأُمَمِ، تُبَاعُ وَتُشْتَرَى، وَتُحْرَمُ مِنَ المِيرَاثِ، وَلَا رَأْيَ لَهَا وَلَا قِيمَةَ. فَجَاءَ الإِسْلَامُ فَغَيَّرَ الصُّورَةَ، وَأَعَادَ لِلْمَرْأَةِ إِنْسَانِيَّتَهَا، وَأَثْبَتَ حَقَّهَا، وَرَفَعَ شَأْنَهَا فِي المُجْتَمَعِ.
فَجَعَلَهَا الإِسْلَامُ شَقِيقَةَ الرَّجُلِ، لَهَا مِنَ الحُقُوقِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهَا مِنَ الوَاجِبَاتِ، قَالَ تَعَالَى:
﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾.
وَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ الرِّجَالَ مَسْؤُولِينَ عَنْ رِعَايَةِ النِّسَاءِ فَقَالَ:
(اِسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا).
وَرَفَعَ الإِسْلَامُ مِنْ قَدْرِ الأُمِّ رَفْعًا عَظِيمًا، فَجَعَلَ بِرَّهَا مِنْ أَعْظَمِ القُرَبِ، وَقَدَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي البِرِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حِينَ سَأَلَهُ الرَّجُلُ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ فَقَالَ: «أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ».
وَجَعَلَ لِلْبِنْتِ قَدْرًا رَفِيعًا، فَقَالَ ﷺ:
«مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ».
وَحَفِظَ الإِسْلَامُ لِلْمَرْأَةِ حَقَّ التَّعْلِيمِ، وَحَقَّ المِلْكِيَّةِ، وَحَقَّ المِيرَاثِ، وَحَقَّ الكَرَامَةِ، وَحَقَّ المَشُورَةِ، وَفَتَحَ لَهَا أَبْوَابَ الخَيْرِ، وَجَعَلَهَا شَرِيكَةً فِي عِمَارَةِ الأَرْضِ، وَصَانَهَا مِنَ الاِبْتِذَالِ، وَأَمَرَ بِالحَيَاءِ وَالعِفَّةِ، وَجَعَلَهَا جَوْهَرَةً مَصُونَةً.
 أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ،
مَا أَحْوَجَنَا اليَوْمَ إِلَى إِبْرَازِ هَذَا الجَمَالِ الشَّرْعِيِّ، وَإِظْهَارِ هَدْيِ الإِسْلَامِ فِي التَّعَامُلِ مَعَ المَرْأَةِ بَعِيدًا عَنِ الغُلُوِّ وَالجَفَاءِ، وَعَنِ التَّشَدُّدِ وَالتَّسَيُّبِ؛ فَإِنَّ المَرْأَةَ نِصْفُ المُجْتَمَعِ، وَهِيَ تُرَبِّي النِّصْفَ الآخَرَ، وَلَا تَقُومُ الأُمَمُ إِلَّا بِصَلَاحِهَا.
عِبَادَ اللَّهِ،
إِنَّ مِنْ كَمَالِ العِنَايَةِ بِالمَرْأَةِ صِيَانَةَ حُقُوقِهَا فِي الأُسْرَةِ:
- فَحَقُّ الزَّوْجَةِ مَعَ زَوْجِهَا عِشْرَةٌ بِالمَعْرُوفِ، وَرَحْمَةٌ وَمَوَدَّةٌ وَسَكِينَةٌ.
- وَحَقُّ البِنْتِ تَرْبِيَةٌ صَالِحَةٌ، وَتَعْلِيمٌ نَافِعٌ، وَحِمَايَةٌ مِنَ الشَّرِّ.
- وَحَقُّ الأُخْتِ صِلَةٌ وَإِكْرَامٌ.
- وَحَقُّ الأُمِّ بَرٌّ وَإِحْسَانٌ مَهْمَا طَالَ العُمْرُ.
عِبَادَ اللَّهِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
 
 
 
 
 
 
 
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، مُعِزِّ مَنْ أَطَاعَهُ، وَمُذِلِّ مَنْ عَصَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ؛ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ صَلَاحَ المَرْأَةِ صَلَاحٌ لِلْأُمَّةِ، وَأَنَّ إِهْمَالَهَا أَوْ ظُلْمَهَا أَوِ انْتِقَاصَ حَقِّهَا مُخَالَفَةٌ لِشَرْعِ اللَّهِ.
يَا عِبَادَ اللَّهِ،
إِنَّ المَرْأَةَ المُسْلِمَةَ اليَوْمَ تُوَاجِهُ تَحَدِّيَاتٍ عظيمة
من حَمَلَاتِ التَّغْرِيبِ الَّتِي تُرِيدُ سَلْخَهَا مِنْ حَيَائِهَا وَعِفَّتِهَا.
- وَمن شُبُهَاتٍ تُشَوِّهُ صُورَةَ الإِسْلَامِ فِي نَظَرِهَا.
- وَمن مَسْؤُولِيَّاتِ عَظِيمَةِ فِي تَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ، وَبِنَاءِ الأُسْرَةِ، وَتَعْزِيزِ القِيَمِ. 
فَكُونُوا عَوْنًا لِلنِّسَاءِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَادْفَعُوا عَنْهُنَّ أَسْبَابَ الفَسَادِ، وَوَجِّهُوهُنَّ إِلَى طَرِيقِ الخَيْرِ، وَاذْكُرُوا قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ:
«خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي».
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ نِسَاءَ المُسْلِمِينَ، وَاحْفَظْ لَهُنَّ كَرَامَتَهُنَّ، وَوَفِّقْهُنَّ لِطَاعَتِكَ، وَاجْعَلْهُنَّ أُمَّهَاتٍ صَالِحَاتٍ، وَبَنَاتٍ تَقِيَّاتٍ، وَزَوْجَاتٍ عَفِيفَاتٍ، وَاجْعَلْ بُيُوتَنَا عَامِرَةً بِالإِيمَانِ وَالسَّكِينَةِ.
اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي رِجَالِ المُسْلِمِينَ، وَاجْعَلْهُمْ مَفَاتِيحَ خَيْرٍ، رُفَقَاءَ رَحْمَةٍ، قَائِمِينَ بِالمَسْؤُولِيَّةِ الَّتِي أَمَرْتَهُمْ بِهَا.
اللَّهُمَّ انْصُرِ الإِسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، وَأَعْلِ رَايَةَ الحَقِّ وَالدِّينِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالمَيِّتِينَ.
اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ عَلَى مَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ نِعْمَةِ الغَيْثِ، بَعْدَ مَا قَنَطَ النَّاسُ وَيَئِسُوا؛ فَسُبْحَانَكَ تُنَزِّلُ الغَيْثَ وَتَعْلَمُ مَا فِي الصُّدُورِ.
 
اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ غَيْثًا نَافِعًا مُبَارَكًا،
اللَّهُمَّ أَحْيِ بِهِ بِلَادَنَا، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنَ الأَرْضِ مَا تُقِرُّ بِهِ أَعْيُنُنَا
اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ غَيْثًا مُتَّصِلًا لَا مَانِعَ لَهُ، تُحْيِي بِهِ القُلُوبَ، وَتُصْلِحُ بِهِ النُّفُوسَ، وَتَرْفَعُ بِهِ البَلَاءَ، وَتَدْفَعُ بِهِ الغَلَاءَ، وَتُنْزِلُ بِهِ رَحْمَاتِكَ عَلَى البِلَادِ وَالعِبَادِ
اللَّهُمَّ كَمَا فَرَّحْتَنَا بِنُزُولِ المَطَرِ، فَلا تَحْرِمْنَا فَرْحَةَ قَبُولِ الدُّعَاءِ، وَسَعَةَ الرِّزْقِ، وَطِيبَ العَيْشِ، وَدَوَامَ فَضْلِكَ
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ دَوَامَ نِعْمَتِكَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِهَا، وَنَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، وَخَيْرِ مَا تَنْزِلُ بِهِ عَلَى عِبَادِكَ مِنْ رَحْمَةٍ وَمَغْفِرَةٍ وَبَرَكَةٍ.
اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَيْنَا فُضْلَكَ، وَبَارِكْ فِي غَيْثِكَ، وَاجْعَلْهُ رَحْمَةً لِلنَّاسِ وَالزَّرْعِ وَالدَّوَابِّ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلٰى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
 
المرفقات

1765479923_ عناية الإسلام بالمرة.pdf

المشاهدات 625 | التعليقات 0