كبار السن (موافقة للتعميم + مختصرة ومشكولة)

صالح عبد الرحمن
1447/03/11 - 2025/09/03 22:27PM

خطبة عن كبار السن (موافقة للتعميم + مختصرة ومشكولة)

الخطبة الأولى:

الحمد لله الولي الحميد ، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العرش المجيد، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه ومن تبعهم بإحسان على يوم الدين  .. 

أما بعد ..

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}

  توسَّلَ زكريا عليهِ السَّلامُ بِكِبَرِ سِنِّهِ عندما أرادَ الولدَ، وكَانَ قد بلغَ من الكِبَرِ عِتيَّاً، وامرأتُهُ عاقرٌ لا تَصلحُ للوِلادةِ، حِينَ: (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا)؟، ذلكَ لأنَّ الطَّلبَ يُشبُهُ الخَيالَ والمُستحيلَ، فيَحتاجُ أن يتَوسَّلَ بشيءٍ إلى اللهِ جَليلٌ، فذكرَ قبلَ دُعائهِ أنَّه قد وَهنَ عظمُهُ في عبادتِه، وشَابَ رأسُه في طاعتِه، ومن كانَ كذلكَ فهو عندَ اللهِ حبيبٌ، وإجابةُ دُعائهِ من اللهِ قَريبٌ.

الشيبٌ نورٌ الشيبُ بهاءٌ طوى مراحلَ الشباب ، وأنفقَ من عمره بغير حساب.. وفي الحديث «مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ» أخرجه الترمذي والنسائي.

في الشيب استحكامُ الوقارِ وتناهي الجلال .. رَأَى إِبْرَاهِيمُ الشَّيْبَ بعارضيه ، فَقَالَ: يَا رَبِّ مَا هَذَا؟ فَقَالَ اللَّهُ: وَقَارٌ يَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: رَبِّ زِدْنِي وَقَارًا ".

الشيبُ نور يُورِّثه تعاقُبُ الليالي والأيام، ووقار تُلبّسُه مدةُ العمرِ ومُضيُ الدهرِ. 

الشيب زُبدةٌ مخَضَتها الأيام ، وفضةٌ سبكتها الأعوام.. وما خيرُ ليلٍ ليس فيه نجوم ..

المشيب مَيسمُ التجربة ، وشاهد الحنكة فللشيخِ الرأي، فالشيخ يقول عن عيانٍ، والشاب يقولُ عن سماعٍ .  

الشيبُ حِليةُ العقلِ وشيمةُ الروح ، ورداءُ العلمِ والأدب ..

الشيبُ زهرةُ الحنكة ومقدِّمةُ العفة ، والمشيب ثمرة الهدى ولباس التقوى ..

وللكبارِ وقارٌ إذا جلسوا ، وبهاءُ إذا نطقوا ، وسكينةُ إذا سكتوا .. وهذا أدبٌ يعرفه الشبابُ إذا عَقَلوا..

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «َلَيْسَ منَا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ شرَف كَبِيرِنَا».

وقال النبي r : «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ ؟ » ومن إجلال الله إجلالَ من شاب رأسُه ولحيتِه في التوحيد .

وقال أحد السلف لابنه وقّر الكبار ، فهم مواطن الوقار ومعادن الآثار ورواة الأخبار وحفظة الأسرار. إن رأوك في قبيح منعوك، أو جميل أيّدوك.

وجاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيخ وشاب، فتكلم الشاب قبل أن يتكلم الشيخ، فقال عليه الصلاة والسلام: «كبّر كبّر» .

ومرّ الحسنُ بفتيان فقال: شوبوا مجلِسَكم بشيخ..

وكِبرُ السنِ ليس نقصاً ، بل يزيدُ الإنسانَ  كرامةً وإكراماً ومهابة. 

نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبسنة سيد المرسلين، واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربكم لغفور شكور ..

 

الخطبة الثانية : 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه والتابعين.. أما بعد .

وأَحقُ من يُجلُّ ويُقدّر ، ويُكْرم ويوقر ، هو ذاك الشيخ الذي شابت لحيتُه في تربيتك وتغذيتك ، ورقَ عظمُه نصباً في الحياة من اجلك ..

تَحَمَّلْ عن أبيكَ الثِقَلَ يوماً ... فإن الشيخَ قد ضَعُفَتْ قُواهُ.

  وتلك الأم التي وهن جسمُها من حملك وخدمتك، وضعفت قواها في رعايتك وسهرها عليك ..

العيشُ ماضٍ، فأكرمْ والديكَ به  ... والأُمُّ أولى بإِكرامٍ وإِحسانِ

 وحسبُها الحملُ والإِرضاع تُدمِنه ...  أمران بالفضلِ نالا كلَّ إِنسانِ

الأبوانِ عينانِ في رأس الأبناء والبنات ، الوالدان العظيمان هما أولى من في هذه الحياة في التوقير والاحسانِ ، والوفاء والإكرام {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}

وقال سبحانه (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)

ويليهمْ بالتقدير والاجلال الأقارب والأرحام والإخوان والأخوات.

قالت عَائِشَةٌ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ كَانَ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ r كَلَامًا وَلَا حَدِيثًا وَلَا جِلْسَةً مِنْ ابنته فَاطِمَةَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى rإِذَا رَآهَا قَدْ أَقْبَلَتْ رَحَّبَ بِهَا ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا حَتَّى يُجْلِسَهَا فِي مَكَانِهِ. وَكَانَتْ إِذَا أَتَاهَا النَّبِيُّ r رَحَّبَتْ بِهِ ثُمَّ قَامَتْ إِلَيْهِ فَقَبَّلَتْهُ. 

اللهم اجعلنا ممن طال عُمُرَه وحسُن عملُه.

المشاهدات 384 | التعليقات 0