مظاهر ضعف الإيمان مختصرة
عبدالرحمن سليمان المصري
مظاهر ضعف الإيمان
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي أنزل كتابه هدى للمتقين ، وموعظة للمؤمنين ، وشفاء لما في صدور العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فهي وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى ﴿ ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ﴾
عباد الله: الإيمان من أعظم نعم الله على عباده ، يمن به على من يشاء ، ﴿ بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ﴾ الحجرات: 17 ، وقد تردد نداء الإيمان كثيرا في القرآن الكريم ، فكثيرا ما تجد قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا }، وذلك لعظم شأن الإيمان ، فهو سبب النجاة من عذاب الله يوم القيامة ، والخلائق كلهم هالكون ، إلا من اتصف بصفة الإيمان والعمل الصالح ، ﴿ والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ﴾.
عباد الله: إن المؤمن يزيد إيمانه ويقوى بالطاعة ، وينقص ويضعف بالمعصية ، ومن علامات ضعف الإيمان:
تضييع الصلوات والتكاسل عنها ، وأداؤها بقلب غافل لاه لا خشوع فيها ، والتفريط في نوافل الطاعات ، كالسنن الرواتب ، والوتر ، فضلا عن قراءة القرآن والذكر والدعاء ، و احتقار المعروف ، وعدم الاهتمام بفضائل الأعمال اليسيرة ، وعدم الاكتراث لدخول مواسم الخير أو فواتها ، وعدم التأثر بسماع المواعظ ، وتسويف التوبة مع معاينة الجنائز والمشاركة في حملها ودفنها ، وسرعة السقوط في المعصية إذا عرضت له ، وإطلاق البصر في المحرمات ، والغيبة والنميمة ، والشح والبخل ، وعدم الاهتمام بقضايا المسلمين ، وسوء الخلق ، وأذية الناس بغير حق بالقول والفعل ، كما يحصل من بعض سائقي السيارات ، والحسد والضغينة ، واحتقار الناس ، وكثرة المراء والجدال بالباطل ، وإطلاق اللسان في أعراض المسلمين ، وعدم التورع عن أكل الأموال من أي طريق أتت .
عباد الله: وأما أسباب ضعف الإيمان فمنها :
طول الأمل ، والغفلة عن الله والدار الآخرة ؛ قال تعالى﴿ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ﴾الحجر:3.
والمغالاة في حب الدنيا ، حتى يصبح القلب عبدا لها ، قال صلى الله عليه وسلم :" تعس عبد الدينار والدرهم " رواه البخاري.
ومن أسباب ضعف الإيمان : الإفراط في الأكل والنوم ، والسهر والكلام وكثرة الضحك ، وهجر مجالس الذكر ، التي تذكر بالله واليوم الآخر ، قال تعالى: ﴿ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ﴾، وقال صلى الله عليه وسلم : " من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة "- أي حسرة وندامة - رواه أبوداود وصححه الألباني.
ومنها: مجالسة أصدقاء السوء ، قال صلى الله عليه وسلم :" الرجل على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل" رواه أبوداود بسند حسن.
فكل ذلك مما يصيب المسلم بقسوة القلب ، والبعد عن الله جل وعلا ، قال تعالى : ﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ﴾
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد :
عباد الله: إن المؤمن متى شعر بالغفلة فسعى في علاجها ؛ ازداد إيمانه ، وقوي يقينه، وشاهد منن الله عليه، فازداد حبه لله، واللهج بذكره، وسارع إلى التوبة والأعمال الصالحة ، ليتدارك تقصيره ، قال صلى الله عليه وسلم: " إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم ، كما يخلق الثوب ، فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم " رواه الطبراني وصححه الألباني.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: من فقه العبد ؛ أن يتعاهد إيمانه وما نقص منه ، ومن فقه العبد ؛ أن يعلم أيزداد هو أم ينتقص .أ.هـ.
عباد الله: إن علاج ضعف الإيمان: بالمحافظة على الصلاة جماعة في المسجد ، والتبكير إليها، وقد سماها الله في كتابه إيمانا، فقال ﴿ وما كان الله ليضيع إيمانكم ﴾ ، أي: صلاتكم إلى بيت المقدس، فالصلاة كلها إيمان، وهي ارتباط دائم بالله تعالى .
ومنها : تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه ، وهو من أعظم أسباب زيادة الإيمان ؛ فالقران كلام الله جل جلاله ، وهو الطريق الموصل إليه ، والمعرف بأسمائه وصفاته ، قال تعالى: ﴿ إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ﴾، والإكثار من ذكر الله تعالى ؛ سبب عظيم لزيادة الإيمان ورسوخه .
ومنها: لزوم مجالس الذكر ، فهي خير المجالس وأطهرها ، قال صلى الله عليه وسلم :" إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ، قالوا: وما رياض الجنة ، قال: حلق الذكر" رواه الترمذي وحسنه الألباني .
عباد الله: ومن الأسباب التي تقوي الإيمان: الاستكثار من الأعمال الصالحة ، وملء الوقت بها، قال الله في الحديث القدسي :" وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه" رواه البخاري .
ومنها: الإكثار من ذكر الموت، والتفكر في حقارة الدنيا، والخوف من سوء الخاتمة، وزيارة القبور، قال صلى الله عليه وسلم :" كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها؛ فإنها تزهد في الدنيا، وتذكر الآخرة " رواه ابن ماجة بسند حسن.
ومن الأمور التي تجدد الإيمان وتقويه: مناجاة الله والانكسار بين يديه جل وعلا ، قال الله في الحديث القدسي : " يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني ؛ غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني؛ غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم ، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ؛ لأتيتك بقرابها مغفرة " رواه الترمذي وصححه الألباني.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، فقال تعالى: ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
المرفقات
1761240626_مظاهر ضعف الإيمان خطبة2.docx
1761240629_مظاهر ضعف الإيمان خطبة2.pdf