مكانة المرأة في الإسلام
إبراهيم بن سلطان العريفان
الحَمْدُ لِلَّهِ الوَلِيِّ الحَمِيدِ، ذِي العِزَّةِ وَالمَجْدِ وَالتَّوْحِيدِ، نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نِعَمٍ لَا تُعَدُّ، وَنُصَلِّي وَنُسَلِّمُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيْرِ مَنْ عَظَّمَ المَرْأَةَ وَرَفَعَ قَدْرَهَا، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ...
عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حِينَ خَلَقَ البَشَرِيَّةَ جَعَلَ المَرْأَةَ شَقِيقَةَ الرَّجُلِ، وَنَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ، وَكَرَّمَهَا تَكْرِيمًا يَلِيقُ بِإِنْسَانِيَّتِهَا، فَقَالَ سُبْحَانَهُ ]وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ[ وَلَمْ يَكُنْ تَكْرِيمُ المَرْأَةِ فِي الإِسْلَامِ خُطْوَةً اِجْتِمَاعِيَّةً عَابِرَةً، بَلْ كَانَ مَنْهَجًا رَبَّانِيًّا أَعَادَ لَهَا مَكَانَتَهَا بَعْدَ أَنْ ظَلَمَتْهَا الجَاهِلِيَّاتُ المُتَعَاقِبَةُ.
لَقَدْ خَاطَبَ القُرْآنُ المَرْأَةَ تَكْلِيفًا وَتَشْرِيفًا، فَمَنَحَهَا حَقَّهَا فِي العِبَادَةِ وَالمُعَامَلَةِ وَالإِرَادَةِ وَالاخْتِيَارِ، وَجَعَلَ لَهَا أَجْرًا كَأَجْرِ الرَّجُلِ ]مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[.
وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: (اِسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) وَيُعْلِنُ فِي خُطْبَةِ الوَدَاعِ أَنَّ المَرْأَةَ أَمَانَةٌ وَمَسْؤُولِيَّةٌ.
قِصَّةُ أُمِّ مُوسَى… اِمْرَأَةٌ تَهُزُّ التَّارِيخَ بِإِيمَانِهَا
تَأَمَّلُوا –رَحِمَكُمُ اللَّهُ– قِصَّةَ أُمِّ مُوسَى -اِمْرَأَةٌ تَهُزُّ التَّارِيخَ بِإِيمَانِهَا- اِمْرَأَةٌ ضَعِيفَةٌ فِي المَظْهَرِ تَتَحَدَّى جَبَرُوتَ فِرْعَوْنَ، وَلَكِنَّهَا تَحْمِلُ قَلْبًا مُضِيئًا بِالثِّقَةِ وَالتَّوَكُّلِ. أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهَا أَنْ تُلْقِيَ وَلَدَهَا فِي اليَمِّ، قَرَارٌ لَوْ وُضِعَ عَلَى جَبَلٍ لَأَنَّهَارَ، وَلَكِنَّهَا تَوَكَّلَتْ فَكَانَ ابْنُهَا نَبِيًّا يَكْسِرُ عَرْشَ الطُّغْيَانِ. هَكَذَا تُعَلِّمُنَا أَنَّ قُوَّةَ المَرْأَةِ فِي ثَبَاتِ قَلْبِهَا لَا فِي شِدَّةِ بَدَنِهَا.
خَدِيجَةُ -أَوَّلُ مَنْ آمَنَ مِنَ النِّسَاءِ، وَأَوَّلُ مَن دَعَمَ رَسُولَ اللهِ- حِينَ عَادَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ غَارِ حِرَاءَ يَرْتَجِفُ فُؤَادُهُ، لَمْ يَجِدْ حِضْنًا أَوْسَعَ وَأَرْفَقَ مِنْ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ كَلِمَتَهَا الخَالِدَةَ: كَلَّا وَاللَّهِ، لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا. كَانَتْ أَوَّلَ مُؤْمِنَةٍ، وَأَوَّلَ مَنْ بَذَلَ المَالَ لِنُصْرَةِ الدَّعْوَةِ.
أَيُّ مَكَانَةٍ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَكُونَ المَرْأَةُ أَسَاسَ نَهْضَةِ الرِّسَالَةِ؟
نِسَاءٌ حَوْلَ الرَّسُولِ -نَمَاذِجُ خَالِدَةٌ-:
أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ: يَوْمَ الهِجْرَةِ حَمَلَتِ الزَّادَ، وَسَلَكَتْ طُرُقَ الجِبَالِ، فَسَمَّاهَا النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ.
أُمُّ عُمَارَةَ نُسَيْبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ: قَاتَلَتْ يَوْمَ أُحُدٍ دِفَاعًا عَنِ الرَّسُولِ ﷺ، حَتَّى قَالَ: (مَا الْتَفَتُّ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إِلَّا وَأَنَا أَرَاهَا تُقَاتِلُ دُونِي).
هَذِهِ النَّمَاذِجُ تُثْبِتُ أَنَّ المَرْأَةَ إِذَا جَمَعَتْ بَيْنَ الإِيمَانِ وَالعَمَلِ صَنَعَتْ مَجْدًا.
أَمَّا وَاقِعُنَا اليَوْمَ.. فَإِنَّهُ مِنَ المُؤْسِفِ أَنْ نَرَى مَنْ يُنْتَقِصُ دَوْرَ المَرْأَةِ تَارَةً بِاسْمِ الحُرِّيَّةِ، وَتَارَةً بِاسْمِ التَّقَالِيدِ. وَقَدْ صَانَهَا الإِسْلَامُ أُمًّا وَزَوْجَةً وَبِنْتًا وَأُخْتًا، وَجَعَلَهَا نِصْفَ المُجْتَمَعِ.
اللَّهُمَّ أَكْرِمْ نِسَاءَنَا كَمَا أَكْرَمْتَهُنَّ فِي كِتَابِكَ، وَارْفَعْ قَدْرَهُنَّ كَمَا رَفَعْتَ شَأْنَهُنَّ فِي شَرْعِكَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْهُنَّ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِأُسَرِهِنَّ، وَمَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، وَأَسْبَابًا لِلسَّعَادَةِ، اللَّهُمَّ احْفَظْهُنَّ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَصُنْهُنَّ مِنَ الظُّلْمِ وَالْهَمِّ وَالْفِتَنِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ.
الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِينَ.
عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّ الأُمَّةَ الَّتِي تُهِينُ المَرْأَةَ إِنَّمَا تَهْدِمُ مُسْتَقْبَلَهَا، وَالأُمَّةُ الَّتِي تُكْرِمُهَا تَبْنِي نَفْسَهَا مِنْ جَدِيدٍ.
هَذَهِ قِصَّةُ أُمِّ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ -مَدْرَسَةٌ تَصْنَعُ أُمَّةً- هَذِهِ أُمُّ الشَّافِعِيِّ، أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ، لَكِنَّهَا لَمْ تَسْتَسْلِمْ، أَخَذَتْ وَلَدَهَا لِحِلَقِ العِلْمِ، وَحَفِظَتْهُ القُرْآنَ، وَقَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ، إِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَكُونَ عَالِمًا فَكُنْ مُتَعَلِّمًا، وَلَا تَكُنِ الجَاهِلَ الَّذِي لَا يَتَعَلَّمُ. فَأَنْجَبَتْ لِلْأُمَّةِ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ.
عِبَادَ اللَّهِ.. اتَّقُوا اللَّهَ فِي نِسَائِكُمْ، وَأَحْسِنُوا مُعَامَلَتَهُنَّ، وَتَذَكَّرُوا قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ).
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ نِسَاءَ المُسْلِمِينَ وَرِجَالَهُمْ، وَأَلِّفْ بَيْنَ القُلُوبِ، وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَ هَدْيِ نَبِيِّكَ ﷺ.
وَصَلَّى اللَّهُمَّ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
المرفقات
1765508043_مكانة المرأة في الإسلام.pdf
1765508052_مكانة المرأة في الإسلام.docx