من أسماء الله الحسنى القوي

عايد القزلان التميمي
1446/12/17 - 2025/06/13 14:33PM
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَوِيِّ الْمَجِيدِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَنْصِرُهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَنْذَرَ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا يَكْثُرُ وَيَزِيدُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا عِبَادَ اللَّهِ: اتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى الْقَوِيُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (( وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا )) وقال سبحانه ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز ﴾ وقال سبحانه ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾
ربُّنا القويُّ سُبحانه، فعَّالٌ لِمَا يُريد، لا يقع شيءٌ في هذا العالَمِ؛ من حركةٍ أو سُكون، أو عِزٍّ أو ذُل، أو عطاءٍ أو مَنْع إلاَّ بإذنه، يفعل ما يشاء، نافِذٌ أمْرُه في أيِّ وقتٍ شاء؛ في أرضه أو سماواته، لا قُوَّة لنا إلاَّ بِقوَّتِه وتوفيقه سُبحانه .
وَلَمَّا نَسِيَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ هَذِهِ الْحَقِيقَة ؛ اِغْتَرُّوا بِقُوَّتِهِمْ، حَتَّى نَسُوا قُوَّةَ اللهِ، وَقَدْ قَرَّرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّ الْقُوَّةَ جَمِيعًا لَهُ قَالَ اللهُ تَعَالَى ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَّمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾.
فَلَا رَادَ لِقَضَائِهِ، وَلَا غَالِبَ لِأَمَرَهِ، يُعَزُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ، فَالْعَزِيزُ مَنْ أَعَزَّهُ اللهُ، وَالذَّليلُ مَنْ أَذَلَّهُ اللهُ، وَالْمَنْصُورُ مَنْ نَصَرَهُ اللهُ، فَسُبْحَانَ اللهِ الْمَلِكِ الْقُوِّيِّ الْعَزِيزِ.
وَقَدْ أَمَرْنَا سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ بِالنَّظَرِ فِي آثَارِ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَالْاِعْتِبَارِ بِمَصَارِعِهِمْ ﴿ أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ﴾ وقال سبحانه ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾
وَتَأَمَّلُوا مَا قَصَّهُ اللَّهُ عَلَيْنَا عَنْ قَوْمِ عَاد الَّتِي طَغَتْ وَاسْتَكْبَرْت مُغْتَرِّين بِقُوَّتِهِمْ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَام الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ طُولَ أَحَدِهِمْ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا ، وَهُوَ مَا يُقَارِبُ سِتَّةَ أَمْتَار ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ:(فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) ، فماذا كان عاقبةُ أمْرِهم ، قال الله (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ )
وقال اللهُ عنهُم في سُورِة الأحْقَاف ﴿ فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴾
وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِىُّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لقَدْ كانَ يَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ))
وهو اللهُ القَويُّ العزيزُ .
عِباد الله وَنَحْنُ الْبَشَرِ ، بَلْ وَجَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ ،لِضَعْفِنَا وَعَجْزِنَا نَحْتَاج ُكَثِيرًا إلَى اسْمِ اللَّهِ الْقَوِيِّ الْعَزِيزِ فِي حَيَاتِنَا ، وَفِي قُلُوبِنَا ، وَفِي جَمِيعِ أُمُورِنَا .
وَأَنَّهُ لَا قُوَّةَ لِلْعَبْدِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ إِلَّا بِقُوَّةِ اللهِ وَتَوْفِيقِهِ، وَلَا حَوْلَ لَهُ عَلَى اجْتِنَابِ الْمَعَاصِي وَدَفْعِ الشُّرُورِ إِلَّا بِاِسْتِعَانَتِهِ بِقُوَّةِ اللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَمَنْ عَرَفَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْقُوِّيُّ لَمْ يَخْشَ قُوَّةَ أحَدٍ.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ....
الخطبة الثانية
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَوِيُّ الْعَزِيزِ؛ فَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ فَيَا عِبَادَ اللَّهِ
وَاعْلَمُوا أَنَّ اسْمَ اللَّهِ الْقَوِيِّ يَأْتِي كَثِيرًا فِي سِيَاقِ إهْلَاك الظَّالِمِين وَالطُّغَاة وَالمُسْتَكْبِرِين، لِكَيْلَا يَغْتَرّ أَحَدٌ بِقُوَّتِه، فَالْإِنْسَانُ مَهْمَا بَلَغَ مِنْ الْقُوَّةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَمَصِيرُهُ إِلَى الْهَلَاك، وَتَبْقَى قُوَّة اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا هِيَ الْبَاقِيَةُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَان.
فَمَنْ اعْتَصَمَ بِاَللَّه الْقَوِيّ فَقَدْ اعْتَصَمَ بِالرُّكْن الشَّدِيدِ، الَّذِي لَا غَالِبَ لَهُ وَلَا قَادِرَ عَلَيْهِ.
عباد الله.. لا قُوَّةَ للعبد على طاعة الله إلاَّ بِقُوَّةِ الله تعالى وتوفيقه، ولا حول له على اجتناب المعاصي ودَفْعِ شرور النفس إلاَّ بالله تعالى، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ! أَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً هِيَ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ» رواه البخاري. فلا حولَ في دَفْعِ شَرٍّ، ولا قُوَّةَ في تحصيل خَيرٍ إلاَّ بالله. ولا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلَّا بِعِصْمَتِهِ، وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَتِهِ إلَّا بِمَعُونَتِهِ وَتَوْفِيقِه ، ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾
فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاطْلُبُوا مِنْهُ الإِعَانَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وتَبَرّؤُوا مِنْ حَوْلِكُمْ وَقُوَّتِكُم، وَلُوْذُوا بِحِمَى مَنْ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
عِبَادِ اللَّهِ صَلَّوْا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّه....  
المرفقات

1749814342_مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى الْقَوِيُّ.docx

المشاهدات 40 | التعليقات 0