من مخالفات الناس في قسمة الإرث

خطبة عن الإرث والأخطاء في قسمته        كتبها : خالد بن خضران العتيبي   الجمش – الدوادمي
الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

عبادَ الله إن من محاسنِ ديننا الإسلامي العظيم أن أعطى كل ذي حقٍ حقه ومن أمثلةِ ذلك ما جاءت به شريعةُ الإٍسلام في قسمةٍ الميراثِ فالميراث تولى الله قسمته بنفسه ففي سورة النساء ذكر الله قسمته للميراث وقال في آخر الآية ( فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً) وفي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام [إن الله قد أعطى كل ذي حقٍ حقه فلا وصيةَ لوارث)

فالله سبحانه وتعالى هو العليم الحكيم يعلم ما يصلح لعباده فقسمته للإرث مبنية على الحِكمة العظيمة ولو تركت قسمة الإرث للخلق لترتب على ذلك مفاسدُ عظيمة ومن ذلك الشحناء والبغضاء بين الورثة فكل يريد أن يكون نصيبه أكثر وربما حرموا من يستحق الإرث من الضعفاء كالمرأة والصغير.

فالواجب على المسلم أن يرضى بحكم الله سبحانه وتعالى ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)  

عبادَ الله هناكٌ مخالفاتٌ تتعلق بقسمة الإرث تحصل من بعض الناس وبعضها منتشر ربما سببه الجهل وربما سببه الطمع في المال :

فمن هذه المخالفات : تأخير قسمةِ الإرثِ فيموت الشخص وتبقى التركة سنوات لم تقسم ! مع القدرة على قسمتها وهذا التأخير له أسباب فمن هذه الأسباب بعض الورثة خاصةً الكبار من الذكور تكون لهم مصلحة في تأخير قسمة الإرث كأن يكون بعضهم يسكن في بيت الورثة أو له زراعة أو أغنام أو إبل في مزرعة الورثة فيؤخر القسمة أو تكون سيارةُ والده المتوفى معه يستعملها وأحياناً يكون الذين بيدهم الحل والربط من كبار الورثة أغنياء فيتهاونون في قسمة الورثة ويماطلون بقية الورثة خاصةً النساء وهذا يترتب عليه مفاسد كثيرة منها ظلم الورثة خاصةً النساء والأطفال وربما نزلت أسعار العقار وربما مات الورثة ولم يأخذوا حقهم ويؤدي هذا إلى قطيعة الرحم .

فالواجب قسمة الإرث مباشرة إلا لسبب لا بد فيه من التأخير .

ومن المخالفات : قسمة الإرث قبل سداد الديون التي على الميت فبعض الورثة لا يخافون الله فأول ما يموت مُورثهم وعنده مالٌ ولكن عليه ديون سواءً كانت لجهات حكومية أو لأشخاص يبادرون بسرعة لقسمة الإرث فيأتي صاحب الدين فيجد أنهم اقتسموا الورث والواجب قبل قسمة التركة النظر هل على الميت ديون فإن كان عليه ديون وترك مالاً تسدد الديون من التركة حتى لو لم يبقَ للورثة شيء وهذا والله من الظلم لأصحاب الديون ومن العقوق لهذا الميت فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : نفسُ المؤمنِ معلقةٌ بدينه حتى يُقضى عنه .

ومن المخالفات : قسمة الورث قبل إخراج الوصية للميت فالميت إذا كان أوصى في حياته بالثلث فأقل من تركته وجب تنفيذ وصيته قبل قسمة الإرث والله سبحانه وتعالى لما ذكر قسمة الإرث قال  ( مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) والدين مقدم على الوصية يسدد الدين ثم إذا بقي شيء من التركة ننظر هل أوصى فإن أوصى بالثلث فأقل لغير وارث تنفذ وصيته والله سبحانه وتعالى قدَّم الوصية على الدين في الآية لأن الدين هناك من يطالب به فيدفعه الورثة أما الوصية للميت فربما زين لهم الشيطان أن يخفوها .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا سواءً السبيل وأن يجنبنا الشح والطمع ويغنينا من واسع فضله أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب

 

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

من المخالفات عبادَ الله في قسمة الإرث حرمان بعض الورثة من الإرث لضعفهم كالنساء والأطفال والله سبحانه وتعالى قسم إرثهم وأعطاهم حقهم وهذا الذي يحرمهم من الإرث أو من بعضه حاله كحال أهل الجاهلية قبل الإسلام كانوا لا يعطون النساء شيئاً من الإرث قال تعالى (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً) (النساء : 7 )

ويعظم الأمر إذا كانوا إيتاماً يأكل أخوهم أو عمهم إرثهم فلا يعطيهم إرثهم ويخفيه عنهم قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (النساء : 10 )

وبعض الورثة يعطون النساء بعض الإرث ويأخذون الأكثر كالعقار وربما ضغطوا على النساء وخدعوهم حتى يوقعوا أوراقاً بالتنازل لهم أو الوكالات العامة حتى يتلاعبوا بالإرث ويأكلوه وهذا كل من الظلم ومن أكل المال بالباطل .

ومن الأخطاء في قسمة الإرث : اعتقاد بعض الورثة أن الميت له الربع أو الثلث فأقل وصيةً حتى لو لم يوصِ فتجد الأب مثلاً يموت فيخرج بعض الأبناء من تركته الربع في أعمال الخير مع أن الأب لم يوصِ ثم بعد ذلك يقسم التركة على الورثة وهذا خطأ لأن المال بموت الشخص ينتقل إلى ورثته فإذا أذن الورثة جميعاً وكانوا كبار ليس فيهم قاصر أي صغير فهذا شيءٌ أخرجوه هم صدقة لميتهم وأما إذا لم يرضوا فلا يجوز إخراج هذا الربع من مال الورثة .

ومن الأخطاء في قسمة الإرث : عدم قسمة الإرث قسمةً شرعية فبعض الورثة لا يرجعون للمحكمة من أجل قسمة الإرث ولا يرجعون لأهل العلم بل هم يجتهدون على جهل فيقعون في أخطاء في القسمة وطريقتها فيظلم بعضهم بعضاً .

ومن الأخطاء التي تقع في قسمة الإرث : أحياناً يكون الإرث دية كأن يُقتل أبوهم خطأ فيكون له دية وله أطفال صغار فيذهب ابنه الكبير ويتنازل عن الدية مع أن الدية حق للورثة جميعاً فما دام فيهم صغار حقهم لا يسقط يؤخذ ويحفظ لهم أما الكبار من أراد أن يتنازل عن شيء من الدية فيتنازل .

فوصيتي لكل من مات لهم شخص وهم ورثته أن يبادروا بقسمة التركة على الطريقة الشرعية فكل يعرف نصيبه وحقه حتى لا يقع ظلمٌ على أحد وحتى لا تقع العداوة والبغضاء بينهم .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحم أموات المسلمين ويتجاوز عنهم وأن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى .....

المرفقات

1735820043_من مخالفات الناس في قسمة الإرث.docx

المشاهدات 852 | التعليقات 0