مهارات خطابية ١
سامي القرشي
مهارات خطابية ١
حدِّثْني بما تريد ولا تحدثني عما تريد.
يتأثر بعض الخطباء بتخصصهم الأكاديمي فيعامل الخطبة معاملة البحوث العلمية، فتجده يقدم لخطبته بعبارات من نحو: إنه لما كثر هذا الأمر وانتشر وجب علينا أن نتكلم فيه .. وما أشبه ذلك من العبارات التي تبين الدافع لاختياره موضوع خطبته، وهذا التصرف -في نظري- لا داعي له، وفيه إطالة للخطبة دون فائدة، وربما قلل من تأثيرها، وطبعها بطابع الرتابة وضعف التأثير، وهو مع ذلك يكد ذهن الخطيب ويحد من انطلاقه.
وبعضٌ آخرُ من الخطباء ربما تأثر بلغة الإعلام فتجده يقدم بين يدي موضوع خطبته بعبارات من قبيل: سيكون حديثنا هذه الجمعة عن كذا.. ويقال في هذا التصرف ما قيل في سابقه، أو بعضه.
إن من أخص خصائص الخطبة مباشرتها، والمباشرة تعني فيما تعني الدخول في الموضوع دون مقدمات طويلة تشويقية أو تسويغية
و إن أهمَ أغراض الخطبة التأثيرُ، وكلُّ تصرف يخالف الأسلوب المباشر للخطبة سيقلل من تأثيرها بلا شك.
ولذلك ننصح إخواننا الخطباء أن يقصدوا إلى موضوعاتهم بلغة مباشرة مؤثرة، فإن اللغة المباشرة أسرع إلى قلوب المستمعين، وأبلغ في التأثير عليهم، وأحرى ألا ينشغل ذهن المستمع بأمور خارجة عن مقصد الخطبة، كأن ينشغل ذهنه بسؤال: هل يستحق هذا الأمر أن يكون موضوع خطبة الجمعة؟ ومثل هذا التساؤل لا يطرأ على المستمع، ولا يشغل باله إذا باشرته بالكلام دون محاولات التسويغ، وتقديم الدوافع، ووضع العناوين، بل سيجد المستمع نفسه في موقف المتلقي المتأثر، دون حواجز ولا صوارف، وهذا معنى مباشرة الخطبة، حيث تبادر ذهنه وتباشر إحساسه.
وأحسب أنك لو استعرضت ما نُقل من خطب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأوائل خطباء المسلمين لا تجد مثل هذا التصرف فيها، وذلك لأنهم خطباء بطبيعتهم يعرفون مقاصدهم ويحسنون معالجتها ولم يتعرضوا لمؤثرات أخرى تتسلل إلى أسلوبهم الأصيل.