ولهن مثل الذي عليهن 21/6/1447

أحمد عبدالعزيز الشاوي
1447/06/20 - 2025/12/11 17:09PM

الحمد لله العزيز الأكرم علم الإنسان ما لم يعلم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنعم وتكرم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الذي بشر وأنذر وبلّغ وعلّم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون، فتقوى الله سبب كل نجاة، وهي السبيل لتفريج الكروب والفوز بالمطلوب.

تسن النظم والتشريعات بشأنها ، وتعقد المؤتمرات والمؤامرات لأجلها ، وترتفع الأصوات مطالبة بحقها ومازادوها إلا وهما على وهن وظلما إلى ظلم .. ويبقى تشريع العزيز الحميد الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير .. يبقى هو الحصن الحصين والملاذ المكين لها على مر الأجيال وتوالي العصور

لاتستطيع كل النظم والدساتير البشرية أن تفي ولو بمعشار ماجاء عن رب العالمين وما سار عليه سيد المرسلين

أين تشريعات البشر عن قول رب البشر ( ولهن مثل الذي عليهم بالمعروف ) وأين الأنظمة البشرية عن قول خير البرية ( النساء شقائق الرجال ، وأحرج حق الضعيفين المرأة واليتيم )

في ظل الإسلام وشريعته الخالدة تعيش المرأة أما محفوفة بالحب والرعاية والتكريم والإجلال ففي شرع الله ( أمك ثم أمك ثم أمك ) وَقَالَ ابنُ عَبَاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما: (إِنِّي لاأَعْلَمُ عملا أَقْرَبَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ‌بِرِّ ‌الْوَالِدَةِ)، فِي بَطنِهَا خُلِقتَ، وِمن صَدرِها رَضَعتَ، وفي حِجرِها تَرَعرَعتَ، مَن أنتَ لولا رِعَايَتُهَا وتَربيَّتُها الصَّالحةُ؟، وكَيفَ تَكُونُ لولا أَدعيَّتُها المُباركةُ؟، ولِذَلكَ كَانَ وَاجِبَاً عَليكَ أن تُحسِنَ إليها وتَكرِمَها وتَحميَها، فالزم رجليها فثم الجنة، إنَّها الأمُّ، إنَّها المَرأةُ.

فأين مانراه في شرع الله من حفاوة بالأم ورعاية وتقدير وصلة وبر ولو كانت كافرة مع التشنيع على أهل العقوق مما نراه في حياة التائهين الضائعين الذين يرمون بأمهاتهم في الملاجيء ودور العجزة لايعرفونهم إلا في عيد الأم ، ولايعرفون لهن مكانة ولا قدرا ثم ينعقون : أين حقوق المرأة في الإسلام

في ظل الإسلام تعيش المرأة زوجة كريمة تنعم بالرعاية وتتحصن بالقوامة

أَكرَمَ الإسلام المَرأَةَ فَأَوجَبَ لَهَا المَهرَ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ الزَّوَاجَ بِهَا، (وَآتُوا النِّسَاءَ ‌صَدُقَاتِهِنَّ نِحلَةً

أَكرَمَ الإِسلامُ المَرأَةَ فَلَم يُوجِبْ عَلَيهَا أَن تَكُدّ كَدَّ الرِّجَالِ، وَتَعمَلَ خَارِجَ البَيتِ، بَل حَفِظَ حَقَّهَا فِي القَرَارِ وَالسَّكِينَةِ، وَأَوجَبَ عَلَى زَوجِهَا النَّفَقَةَ عَلَيهَا، لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ ‌مِن ‌سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيهِ رِزقُهُ فَليُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ.
 أَكرَمَ الإِسلامُ المَرأَةَ فَأَمَرَ الأَزوَاجَ بِمُعَاشَرَةِ نِسَائِهِم بِحُسنِ المُعَامَلَةِ وَالصُّحبَةِ، وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعرُوفِ.

 أَكرَمَ الإِسلامُ المَرأَةَ فَجَعَلَ خَيرَ الأَزوَاجِ مَن كَانَ خَيرًا لامرأته: فَفِي الحَدِيثِ قَالَ ﷺ:  خَيرُكُم خَيرُكُم لِأَهلِهِ، وَأَنَا خَيرُكُم لأهلي وفي الحديث الآخر قَالَ ﷺ :لَقَد طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشكُونَ أَزوَاجَهُنّ، لَيسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُم).
 أَكرَمَ الإسلام المَرأَةَ فَمَنَعَ الزَّوجَ مِن تَعلِيقِ المَرأَةِ أَو إِمسَاكِهَا لِلإِضرَارِ بِهَا، فَحَدّدَ الطلاق الرَّجعِيّ بِمرّتَينِ، ثُمَّ إِمَّا إِمسَاكٌ بِمَعرُوفٍ أَو تَسرِيحٌ بِإِحسَانٍ، (الطلاق ‌مَرَّتَانِ فَإِمسَاكٌ بِمَعرُوفٍ أَو تَسرِيحٌ بِإِحسَانٍ )

لقد وضع الرسول ﷺ الميزان الحق الذي تقاس به فضيلة الرجل وخيريته وهو حسن المعاشرة لأهله ومصاحبته إياهم وبمقدار ما يرتفع هذا المستوى من الحسن بمقدار ما يرتفع عنصر الخير فيه.

كان ينظر إلى المرأة باعتبارها عنصراً بشرياً له كرامته وحقوقه، وله طبائعه وخصائصه التي يجب أن تراعى وتقدر عند حدوث ما يعكر صفو الحياة الزوجية ولذا قال: «استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه إن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً».

وحين ينظر الزوج إلى زوجته بهذا المنظار الجميل يزول عن طريق الحياة الزوجية كل ما يشوبها من أشواك وعثرات.

وفي ظل الإسلام تعيش المرأة بنتا كريمة معززة في ظل أسرة تحفظ لها كرامتها وعفتها ومكانتها فجَعَلَ فِي تَربِيَةِ البَنَاتِ أَجرًا عَظِيمًا، قَالَ ﷺ :مَنْ عَالَ جَارِيَتَينِ حَتَّى تَبلُغَا جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَينِ، وَضَمَّ إِصبَعَيهِ

وقال: "من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن، وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته - أي طاقته وقدرته - كن له حجاباً من النار".

حث صلى الله عليه وسلم على مساواة البنات بالأبناء في العطية ومشاعر الحب وفي الهدايا والهبات وفي التثقيف وطلب العلم وفي المعاملة سواء حتى في القبلة سواء بسواء

روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة

لم يقتصر الإسلام على إكرام البنت في بقائها وحظ حياتها الجسدية فحسب بل إن الإسلام اعتنى بحياتها السلوكية والفكرية وحث على تأديبها وتعليمها أمور دينها ودنياها قولا وعملا وفي البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من كانت له جارية فعلمها وأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها كان له أجران ، فإذا كان هذا الأجر في شأن أمة مملوكة فكيف بالبنت والأخت الحرة

كان صلى الله عليه وسلم يكرم بناته ويمنحهن الحب والتقدير فكان إذا دخلت عليه فاطمة رضي الله عنها قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه ، ويقول عنها : فاطمة بضعة مني يريبني مارابها ويؤذيني ماآذاها

في شريعة الإسلام تعيش المرأة في كرامة واحتفاء فلايجوز عضلها بكل صور العضل

العضل: بمنع الفتاة من الزواج طمعاً في مالها، أو وظيفتها أو انتقاماً من أمها، أو استسلاماً لكيد زوجة ثانية.

العضل: بمنع الفتاة الصغيرة من الزواج انتظاراً لأختها الكبرى التي لم يأتها رزقها.

العضل: بإجبار الفتاة على ابن عمها وحجرها على قريبها استجابة للعادات والتقاليد البائدة.

العضل: بتزويج الفتاة بمن لا يكافئها عمراً أو ديناً أو نسباً تلبية لمطامع دنيوية وإرضاء لنزوات شيطانية.

العضل: بترك الفتاة التي لم يتقدم لها من يخطبها فتمر عليها السنون ويتقدم بها العمر ووليها لا يحرك ساكناً ولا يعرضها على من يرضى دينه وخلقه أنفة وكبرياء واستحياء.

العضل: برد الخطاب الأكفاء بفرض شروط تعجيزية من مهور غالية ومطالب خيالية.

العضل بكل صوره ومبرراته وأد للآمال والطموحات، وقتل للحقوق والتطلعات، إنه حرمان لحق من الحقوق الشرعية التي كفلها هذا الدين العظيم لتلك المرأة الضعيفة التي استرعى الله عز وجل الأولياء على حقوقها ليقوموا بصيانتها والحفاظ عليها وتأديتها على الوجه الذي يرضيه عز وجل.

كرم الإسلام المرأة فمنحها حقها في الميراث ( وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ) وحقها في العمل عند الحاجة ووفق الضوابط الشرعية والآداب المرعية ، ( قالتا لانسقي حتى يصدر الرعاء وابونا شيخ كبير

تلك عي المرأة في ظل الإسلام فإن رأيت شيئا من العقوق وبخس الحقوق فذلك من صنع المخلوق ومن آثار البعد عن الدين وهجر سنة سيد المرسلين والتعلق بالعادات المقيتة والتقاليد الهزيلة ودين الله منها براء ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون

أقول هذا القول ....

الخطبة الثانية .. أما بعد :

إذا كان ديننا قد منح المرأة حقها بألا تظلم ولاتهضم وأن لها مثل الذي عليها بالمعروف وأنها مثل الرجل في التعامل وفي العمل والجزاء ( من عمل صالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) ( فاستجاب لهم ربهم أني لاأضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ) وأنها كالرجل في التعامل مع حدود الله وأحكامه فمن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين

فإنه مع ذلك ينبغي تجريد مفهوم حقوق المرأة عما يعتريه من مفاهيم خاطئة وتلبيسات مصادمة

إن حق المرأة افي المسلم مثل الرجل لايجوز أن يتجاوز حدود الله وشريعته وماكفلته الشريعة

إن حق المرأة ليس بأن تتعدى حدود الله وتتبرج كيف شاءت وتختلط مع من شاءت وتركب مع من شاءت وتسافر كيف أرادت

ليست حقوق المرأة بأن تتبرأ من قوامة الرجل وتتخلى عن ولايته وتنازع الرجل صلاحيته ودوره وتكون منافسا له في كل ماهو من خصائصه

إن المرأة بحكم خلقتها وطبيعة تكوينها وعاطفتها لايصح أن تكون صنو الرجل في كل شي فللرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن

إن أعظم تكريم للمرأة هو حفظ دينها وحشمتها وحيائها وقرارها ولهذا شرعت النفقة لتستغني المرأة عن إذلال نفسها بالخروج وتبعات السعي والعمل

إن على المرأة المسلمة التي تخاف الله وترجو ثوابه وتخشى عقابه أن تدرك أن من ينادون بحريتها لايَعتِرفونَ بِطَبِيعَةِ الأُنثَى وَحُقُوقِهَا كَأُنثَى، لأنَّهم يُرِيدُونَهَا ذَكَراً، وَاللهُ يَقُولُ: (‌وَلَيْسَ ‌الذَّكَرُ كَالْأُنْثى)، فَكُتِبَ عَلِيهَا التَّعَبُ وَالشَّقَاءُ، وقُضِيَ عَليها بالنَّصَبِ والعَنَاءِ، وَأَخّذتْ دَورَ الرَّجلِ، وَقَد قَالَ تَعالى: (فَقُلْنا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ ‌فَتَشْقى) تَشَقَى أَنتَ يَا آدَمُ لأنَّكُم أَنتُم الرِّجَالُ، وتَرتَاحُ حَوَاءُ مِنَ التَّعَبِ وَالكَدِّ وَالأَعمَالِ.

والمُصِيبَةُ الأُخرَى لِلحَرَكَاتِ النَّسَويَّةِ أنَّها اختَرَعَتْ عَدَاوَةً بِينَ الرَّجُلِ وَالمَرأَةِ، وَاستَطَاعَتْ أَن تَنتَزعَ المَرأةَ مِن يَدِ مَن يَصُونُها ويَحمِيهَا إلى مَكَانٍ مُنعَزلٍ وَحِيدَةً، فَرِيسَةً لُكلِّ نَفسٍ آثِمَةٍ مَرِيدَةٍ، وَانظُرُوهَا في الغَربِ جَمالٌ يُعرَضُ عَلى غِلافِ المَجَلاتِ، ومَفَاتِنُ تُستَخَدمُ في الإعلاناتِ، وَسِلعَةٌ يُسَاوَمُ عَليها في المَلاهِي والبَارَاتِ، ثُمَّ يأتونَ بِكُلِّ وَقَاحَةٍ مَعلُومَةٍ، ويَقولونَ: المَرأةُ في بلادِ الإسلامِ مَظلومةٌ، فسُبحانَكَ هذا بُهتانٌ عَظيمٌ، فَاعرِفُوا لِلمَرأةِ حَقَّهَا العَظِيمَ، واحفَظُوهَا مِن كُلِّ مُعتَدٍ أَثِيمٍ. ولاتغتروا بالمظاهر الزائفة للمرأة المتحررة ، فأيُّ حضارةٍ هذه التي حرَّرتْ جسدَ المرأةِ وجمالَها، ولم تُحرِّرْ عقلَها ولا روحَها، بل أرجعوها إلى جاهليةِ التَّبرجِ؛ ولم تتعاملْ معها كمخلوقٍ كرَّمَه اللهُ -تعالى- بالحِشمةِ والسِّترِ والعفافِ، بل نزعوا لباسَها عنها باسمِ الموضةِ الأزياءِ والأناقةِ؛ كفعلِ إبليسِ الخبيث (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا )

 فكيفَ لعاقلٍ أن يُقارنَ بينَ ما أرادَه اللهِ -تعالى- للمرأةِ، وبينَ ما يريده هؤلاءِ لها، (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ

إنه دين الله وتشريع رب العالمين ولايظلم ربك أحدا ، إنها الشريعة لم تضع على الناس قيودا وإنما وضعت حدودا تضبط أفعال الناس وانفعالاتهم ، ولولاها لصارت الأمور انفلاتا وفوضى فتبارك الله رب العالمين

اللهم صل وسلم ...

 

 

 

المرفقات

1765462191_ولهن مثل الذي عليهن.doc

المشاهدات 302 | التعليقات 0