عناصر الخطبة
1/وصايا لحجاج بيت الله الحرام 2/على المسلم الاجتهاد في تحقيق الإخلاص بكل عمل 3/شكر وتقدير لكل من أسهم في تيسير الحجاقتباس
إنَّ المسلمَ وهو يعيش نفحات هذا اليوم العظيم، يفرح لفرح إخوانه المسلمين بالإفاضات الروحانية التي أفاضها الله -تبارَك وتعالى- على أهل الموقف، وصولهم لبيت الله الحرام لأداء طواف الإفاضة، في أمن ورخاء وصحة، لم يشغلهم شاغل، ولم يلههم عملُ مُخادِعٍ، ولم يكدِّر صفوَ إقامتِهم مُكدِّرٌ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره وأستهديه، وأؤمن به ولا أكفره وأعادي مَنْ يَكفُرُه، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا.
أما بعدُ: فاتقوا الله -عبادَ اللهِ-؛ فإن التقوى هي مِلَاكُ الأمورِ وأساسُها، وراقِبوه؛ فإنَّه يعلم ما أخفيتُم وما أعلنتُم، وأفرِدُوا بالتوحيد والعبادة الواحدَ المعبودَ؛ فالدعاء لله وحده، والذكر والتوجه له وحدَه لا شريكَ له، وزكُّوا نفوسَكم بالتوبة وطَهِّرُوها، واشكروه على ما جمع لكم في هذا اليوم الأشرف بين عيد الأسبوع وعيد العام؛ إنهما يومان كريمان، وموسمان عظيمان؛ يوم الجمعة وهو اليوم الأزهر، ويوم عيد النحر وهو يوم الحج الأكبر على الصحيح؛ وسمي بذلك لكثرة أعمال الحج فيه، من الرمي والذبح، والحلق وطواف الإفاضة.
ضيوفَ الرحمنِ، حُجَّاجَ بيتِ اللهِ الحرامِ: عليكم بالهدوء والسَّكِينَة، وليكن حجُّكم وفقَ الأنظمة والتعليمات، وعليكم بالرفق واللين، والتوسعة على الناس، وتجنبوا الجلبة والإضرار.
أُمَّةَ الإسلامِ: في هذا اليوم العظيم، خطب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خطبةً فتَح اللهُ لها أسماعَ الناس، حتى سمعه جميعُ أهل مِنًى في منازلهم، وممَّا قاله -عليه الصلاة والسلام-: "اعْبَدُوا رَبَّكُمْ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ، تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ"، وبيَّن حرمةَ يوم النحر وفضلَه عند الله -جل وعلا-، وحرمة مكة على جميع البلاد، فاحذر -أيها المسلمُ- أن تسيئ الأدبَ في هذا البلد المقدَّس، احذر إيذاء المسلمين بأي نوع من الأذى، وتأدب مع إخوانك المسلمين، حجاج بيته الحرام، فلا تزعجهم بكثرة الصخب، ورفع الأصوات، وشدة المزاحمة والتشويش عليهم في التجمعات، والتكتل في الطرقات، والهتافات الكاذبة، والدعايات المزيَّفة؛ فإن هذه الأمور من الأذية، وقد حرم الله أذية المؤمنين بقوله -سبحانه-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)[الْأَحْزَابِ: 58]، فلا تقعوا في الإثم وأنتم لا تشعرون، ولا تبطلوا أعمالكم وأنتم لا تعلمون، ولا تدنسوا عيدكم باجتراح الآثام.
ألَا وإنَّه يَجدُر بالمسلم في هذا اليوم الأغرِّ أن يتنبَّه لشيء مهم؛ هو الإخلاص في التقرب إلى الله -عز وجل-، مبتعدًا عن الرياء والمباهاة، فاتقِ اللهَ -أيها المسلمُ-، وأخلِصْ لله، تَنَلْ ثوابَه ورضاه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ في أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ في يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[الْبَقَرَةِ: 203].
بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من البيان، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي شرَّف بيتَه الحرامَ، وجعَلَه مأوَى أفئدةِ أهلِ الإيمانِ، أحمده -سبحانه- على إنعامه، وأشكره على إحسانه، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِكَ ورسولِكَ محمد، وعلى آله وأصحابه.
أما بعدُ: فإنَّ المسلمَ وهو يعيش نفحات هذا اليوم العظيم، يفرح لفرح إخوانه المسلمين بالإفاضات الروحانية التي أفاضها الله -تبارَك وتعالى- على أهل الموقف، وصولهم لبيت الله الحرام لأداء طواف الإفاضة، في أمن ورخاء وصحة، لم يشغلهم شاغل، ولم يلههم عملُ مُخادِعٍ، ولم يكدِّر صفوَ إقامتِهم مُكدِّرٌ، فنتوجَّه إلى المولى العلي القدير بالحمد والشكر والثناء، على ما أنعم وتفضَّل، ونسأله -تبارك وتعالى- أن يعين المسؤولين عن الحج، ويوفقهم لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وتسهيل مناسكهم في يسر وسهولة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، نصرهما الله وحكومتهما الرشيدة، فقد استنفرت جميع قطاعات الدولة، لخدمة حجاج بيت الله الحرام، فجزاهم الله خيرًا عن الإسلام والمسلمين.
ألَا وصلُّوا وسلِّموا على البشير النذير، والسراج المنير، فقد أمرنا الله -تبارك وتعالى- في كتابه الكريم، فقال جل من قائل عليمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك نبينا محمد، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، وارض اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبي بكر وعثمان وعلي، وعن بقية الصحابة أجمعين، وزوجاته أمهات المؤمنين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهمَّ ارضَ عَنَّا معهم بمنِّكَ وإحسانك يا أرحمَ الراحمينَ.
اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، ودَمِّر أعداءَكَ أعداءَ الدِّينِ، وانصر عبادك المؤمنين، واحم حوزة الإسلام يا ربَّ العالمينَ.
اللهمَّ آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِحْ أئمتَنا وولاةَ أمورنا، وأيِّدْ بالعز والتمكين والنصر المبين، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، اللهمَّ احفظهما في صحة كاملة، وعافية شاملة، واجزهما عن الحرمين الشريفين ومقدسات الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأوفاه، اللهمَّ وفق جميع قادة المسلمين، واهدهم لما فيه الخير لدينهم وأوطانهم، اللهمَّ احفظ جنودنا، واحم حدودنا، وثغورنا، واحفظ رجال أمننا، يا ربَّ العالمينَ.
اللهمَّ أنج المستضعَفين من المسلمين في فلسطين، اللهمَّ اشدد وطأتك على اليهود الغاصبين، اللهمَّ إنَّا نسألك فرحة تغمر قلوبنا بتحرير المسجد الأقصى من أيدي الصهاينة الغاصبين، وفرحة بانتصار المسلمين في كل مكان على أعدائهم الظالمين.
اللهمَّ سلم الحجاج ويسر لهم حجهم، واجعل حجهم مقبولًا، وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا، وردهم إلى ديارهم سالمينَ غانمينَ.
اللهمَّ إنَّا نستغفرك إنك كنت غفَّارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهمَّ أغثنا، اللهمَّ إنَّا خلق من خلقك، فلا تمنع عَنَّا بذنوبنا فضلك.
عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يَزِدْكُمْ، ولذكرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعونَ.
التعليقات