الصلاة مع الجماعة

الشيخ سعد بن عبدالرحمن بن قاسم

2025-04-08 - 1446/10/10
التصنيفات: الصلاة
عناصر الخطبة
1/أفضل الطاعة بعد الشهادتين 2/فضائل الصلاة 3/ثقل الصلاة مع الجماعة من علامات النفاق 4/أهمية أداء الصلاة في جماعة.

اقتباس

يتململ إذا حضر للصلاة مع الجماعة، تراه واجم الشفتين محروم الذكر، متضايق في انتظاره للصلاة، مع قصر الزمن في حضورها، بينما هو ينبسط مع أقرانه وفي حضوره لما يهواه، وإن كان مخالفاً لشرع الله، حتى ولو طال الزمن، فلا يضجر ولا يمل.

الخطبةُ الأولَى:

 

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وجعلنا من أهله، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله؛ أحمده -سبحانه- على نعمه التي لا تُعدّ ولا تُحصى، وأشكره وقد تأذن بالزيادة للشاكرين.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: فإن الله خلق الخلق لعبادته، وأمرهم بتوحيده وطاعته، أوجب ذلك عليهم في خاصة أنفسهم، وأن يجاهدوا عليه أهلهم وأولادهم، فرأسُ الطاعة بعد الشهادتين: الصلاة التي هي عمود الدين، ورأس الأمانة، تهدي إلى الفضائل وتكفّ عن الرذائل، تذكر بالله الكريم الأكبر، وتصدّ عن الفحشاء والمنكر، مفتاحٌ لباب الرزق وتيسير الأمر، تشرح الصدر وتزيل الهم والغم.

 

 وهي من أكبر ما يستعان به على أمور الحياة وبسط الخير، وكثرة البركات، وقضاء الحاجات؛ فقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- إذا حزبهم أمر من أمور الحياة، أو وقعوا في شدة من الشدائد؛ فزعوا إلى الصلاة؛ لأن الله يقول: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)[البقرة: ٤٥].

 

 وهي خمس صلوات مفرقة بين سائر الأوقات، لئلا تطول مدةُ الغفلة بين العبد وربه، من حافظ عليها كان له عهدٌ عند الله أن يدخله الجنة، وهي أول ما فرض من العبادات، كما أنها آخر ما يفقد من دين كل إنسان، فليس بعد ذهابها إسلام ولا دين.

 

 وقد وصفها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تكفيرها للخطايا بمثابة نهر يغتسل فيه أحدنا كل يوم خمس مرات، فهل يبقى من درنه شيء؟ ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟"، قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: "فكذلك الصلوات الخمس يمح الله بهن الخطايا".

 

وعنه -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".

 

أيها المسلمون: بما إن الصلاة نعيم المؤمنين، يفرحون إذا سمعوا المنادي لها، فإنها ثقيلة على المنافقين الذين لا يرجون بفعلها ثواباً، ولا يخافون بتركها عقابا، يقول الله -تعالى-: (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ)[المائدة: ٥٨]، فنفى الله عنهم الفعل الصحيح؛ لعدم إجابتهم لنداء الصلاة، الذي هو نداء إلى الفلاح والفوز والنجاح، كما أخبر ربنا -جل وعلا-: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)[النساء: ١٤٢].

 

يتململ إذا حضر للصلاة مع الجماعة، تراه واجم الشفتين محروم الذكر، متضايق في انتظاره للصلاة، مع قصر الزمن في حضورها، بينما هو ينبسط مع أقرانه وفي حضوره لما يهواه، وإن كان مخالفاً لشرع الله، حتى ولو طال الزمن، فلا يضجر ولا يمل.

 

أيها المسلمون: إن ثقل الصلاة مع الجماعة على العبد، في رمضان أو غيره علامة من علامات النفاق؛ لما في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً".

 

عباد الله: إن المتأمل في حال المنافق وسلوكه يجد أنه ترك طريقاً يوصله إلى الجنة ونعيمها، واختار طريقاً يوصله إلى الدرك الأسفل من النار، رغب عن رضا ربه ولم يبالِ بسخطه، وأطاع شيطانه وعصى ربه، فبادروا -رحمكم الله- إلى حضور الصلاة، وأدائها مع الجماعة بخشوع؛ رغبةً فيما عند الله، وخوفاً من عقابه؛ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)[البقرة: ٢٣٨]، احذروا أن يكون أحد منا يضيع صلاته ويتبع شهواته.

 

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا * جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا)[مريم: ٥٩ – ٦١].

 

بارك الله...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الكريم الوهاب الرحيم التواب، مجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فما سأله سائل فخاب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو العظمة والكبرياء شديد العقاب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أكرم نبي أنزل عليه أشرف كتاب، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه خير من بادر إلى طاعة ربه وطاعة رسوله وما في الكتاب، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله حق تقواه، جاهدوا أنفسكم ومن ولاكم الله أمرهم على طاعة الله، تذكروا ابتلاء الله لكم ورقابته عليكم، تأملوا ما دعاكم إليه، وما حذركم منه، اعتبروا بمن مضى ممن عرفتم، وما جرى لهم من سعادة أو شقاء.

 

انظروا في حال من عاصرتم، وماذا حل بمن بغى وطغى، أقنعوا النفس حتى تذل بين يدي مولاها وتنقاد لطاعته، ابحثوا لها عن السعادة الحقيقية وقودوها إليها بحكمة وحزم وصواب.

 

اللهم اشرح صدورنا للإسلام، ووفقنا للعمل به وتجاوز عن سيئاتنا يا أرحم الراحمين.

 

(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life