الصلاة وأهميتها والترغيب فيها

الشيخ سعد بن عبدالرحمن بن قاسم

2025-04-14 - 1446/10/16
التصنيفات: الصلاة
عناصر الخطبة
1/عمود الدين وركن الإسلام الأعظم 2/فضائل الصلاة 3/أهمية أداء الصلاة في وقتها 4/حديث نبوي جامع.

اقتباس

الصلاة عمود الدين وركن الإسلام الأعظم بعد الشهادتين، وميزانُ إيمانِ العبد وإخلاصِه لربه، وصلتُه به، فإذا صَلَحت صَلَح سائر عمله، وقد أمر الله بإقامتها، وأثنى على المقيمين لها في مواضع من القرآن.

الخطبةُ الأولَى:

 

الحمد لله الذي جعل لنا من طاعته ما يعين عليها، وما ينهى عن الفحشاء والمنكر، فسبحانه من إله عظيم ورب كريم، أحمده -تعالى- وأشكره، وأستغفره وأتوب إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فلا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه.

 

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماء فرأى من آيات ربه الكبرى، وفرضت عليه وعلى أمته الصلوات الخمس عند سدرة المنتهى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-، وعظموا أوامره ونواهيه واعتنوا بها، ومن أهم ذلك الصلاة، فإنها عمود الدين وركن الإسلام الأعظم بعد الشهادتين، وميزانُ إيمانِ العبد وإخلاصِه لربه، وصلتُه به، فإذا صَلَحت صَلَح سائر عمله، وقد أمر الله بإقامتها، وأثنى على المقيمين لها في مواضع من القرآن.

 

قال -تعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)[هود: ١١٤]، وقال -تعالى-: (فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)[النساء: ١٠٣]، وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ)[الشورى: ٣٨].

 

ومع الأمر بإقامتها فقد أخبر أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، قال -تعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)[العنكبوت: ٤٥]، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بُعداً؛ رُوي ذلك عن ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، وغيرهم، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رأس الأمر: الإسلام، وعموده الصلاة".

 

أيها المسلمون: تذكروا قوله -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)[البقرة: ٢٣٨]، وبادروا إليها في أوقاتها مع الجماعة في المساجد، ولا تكونوا من الذين قال الله فيهم: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)[مريم: ٥٩]، ولا من الذين قال الله فيهم: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)[النساء: ١٤٢]، بل كونوا من الذين قال الله فيهم: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)[المؤمنون: ٩].

 

 تذكروا وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند موته: "الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم"، وسئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أي العمل أحب إلى الله؟ قال "الصلاة في وقتها"، فالصلاة في وقتها مع الجماعة من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله.

 

 وهي مطهرة من الذنوب، ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كلَّ يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟" قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: "فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا".

 

وفي صحيح مسلم عن عثمان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوئها، وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرةٌ، وذلك الدهر كله".

 

عباد الله: وكما أن الصلاة تحصل بها الطهارةُ من الذنوب فهي أيضاً عون للعبد في الشدائد، وكذا الصبرُ، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[البقرة: ١٥٣].

 

فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا  حزبه أمر صلَّى، وهي أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة، روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئاً قال الرب -تبارك وتعالى-: "انظروا هل لعبدي من تطوع"؟ فيكتمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك".

 

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[المؤمنون: ١ – ١١]، بارك الله...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله مُوفِّق مَن شاء من عباده لهدايته وطاعته، فجعل صدره منشرحاً للإسلام، ومُضِلّ مَن شاء فجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء، وذلك لكمال علمه وحكمته، وكمال قدرته فسبحانه من إله عظيم، وملك كريم أحمده -تعالى- وأشكره وأستغفره وأتوب إليه.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، نبي شهد له مولاه بأنه يهدي إلى صراط مستقيم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى- واستقيموا على طاعته وتواصوا بها واحذروا من مبطلات العمل، وتذكروا -رحمكم الله- دارنا هذه بأنها دار ممر وليست بدار مستقر، بل هي دار غرور، والمتاع فيها قليل، وبعد ذلك رحيل إلى ثواب الله ورحمته أو عقابه.

 

 ولقد سأل معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عمل يُدخله الجنة ويُباعده عن النار؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبدُ الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة وتصومُ رمضان وتحجُّ البيت"، ثم قال: "ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[السجدة: ١٦ – ١٧].

 

ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعمودِه وذُروةِ سنامِه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام وعمودُه الصلاة وذروةُ سنامه الجهادُ في سبيل الله، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا، قلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"(رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).

 

اللهم اجعلنا ممن يعمل عملاً يدخله الجنة ويباعده عن النار.

 

 اللهم اجعلنا ممن يقيم أركان الإسلام، واجعلنا من المهتدين لأبواب الخير كلها، وارزقنا حفظ اللسان وفق ما شرع لنا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام ويا أرحم الراحمين.

 

(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life