عناصر الخطبة
1/الابتلاء سنة الله في خلقه 2/اختلاف أحوال الناس حال الابتلاء 3/بعض آثار الصبر العظيمة 4/الحكمة من ابتلاء الله تعالى الناس بالسراء والضراء 5/الوصية بالصبر والاحتساب حال البلاءاقتباس
نزول البلايا وحلول المصائب في ساحة العبد على تنوُّعِها وتعدُّدِ دروبِها وما تَعقُبُه من آثار، وما تُحدِثُه من آلام يتنغَّص بها العيشُ، ويتكدَّر معها صفوُ الحياة -حقيقةٌ لا يمكن تغييبها، ولا مناص من الإقرار بها؛ لأنَّها سُنَّة من سنن الله في خلقه، لا يملك أحد لها تبديلًا، ولا يملك لها تحويلًا...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، يحب الصابرينَ، ويُبشِّرُهم بصلوات منه ورحمة، ويُثنِي عليهم ويصفهم بالمهتدينَ، أحمده -سبحانه-، حمدَ عباده الصابرين الشاكرين، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادة نرجو بها الفوز والنجاة يوم الدين، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، خاتم النبيين وإمام الصابرين، وقائد الغُرّ المُحجَّلين، اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِكَ ورسولِكَ محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعدُ: فاتقوا الله -عباد الله- وراقِبُوه، واعلموا أنكم ملاقوه؛ (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[النَّحْلِ: 111].
أيها المسلمون: نزول البلايا وحلول المصائب في ساحة العبد على تنوعها وتعدد دروبها وما تعقبه من آثار، وما تُحدِثُه من آلام يتنغص بها العيش، ويتكدر معها صفو الحياة -حقيقةٌ لا يمكن تغييبها، ولا مناص من الإقرار بها؛ لأنَّها سُنَّة من سنن الله في خلقه، لا يملك أحد لها تبديلًا، ولا يملك لها تحويلًا، وتتباين مواقف الناس أمامها؛ فأما أهل الجزع ومَنْ ضَعُفَ إيمانُه، واهتزَّ يقينُه فيحمله كل أولئك على مقابلة مر القضاء ومواجهة القدر، بجزع وتبرم وتسخط، تعظم به مصيبته، ويشتد عليه وقعها، فيربو ويتعاظم، فينوء بثقلها، ويعجز عن احتمالها، وقد يُسرِف على نفسه فيأتي من الأقوال والأعمال ما يزداد به رصيده من الإثم عن ربه، ويضاعف نصيبه من سخطه، دون أن يكون لهذه الأقوال والأعمال أدنى تأثير في تغيير المقدور، أو دفع المكروه، وأمَّا أولو الألباب فيقفون أمامَها موقفَ الصبر على البلاء، والرضا ودمع العين، فلا يأتون من الأقوال والأعمال إلا ما يُرضي الربَّ -سبحانه-، ويعظم الأجر ويُسَكِّن النفسَ، ويطمئنُّ به القلبُ، يدعوهم إلى ذلك ويحثُّهم عليه ما يجدونه في كتاب الله، مِنْ ذِكْر الصبر وبيان حُلْو ثمارِه وعظيمِ آثارِه، فمن ذلك الثناء على أهل الصبر ومدح الله لهم بأنهم هم الصادقون، المتقون حقًّا؛ كقوله عز اسمه: (وَالصَّابِرِينَ في الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)[الْبَقَرَةِ: 177]، وكقوله -سبحانه-: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ)[آلِ عِمْرَانَ: 17].
ومن حلو ثمار الصبر وعظيم آثاره: ما فيه من إيجاب محبة الله لأهله، ومعيته -سبحانه- لهم المعية الخاصَّة، التي تتضمَّن حفظهم ونصرهم وتأييدهم؛ كقوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 146]، وكقوله: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الْأَنْفَالِ: 46].
ومن حلو ثمار الصبر وعظيم آثاره: إخبار الله بأن الصبر خير لأصحابه؛ (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)[النَّحْلِ: 126].
ومن حلو ثمار الصبر وعظيم آثاره: إيجاب الجزاء للصابرين بغير حساب؛ (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)[الزُّمَرِ: 10]، وإيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم؛ (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النَّحْلِ: 96].
ومن حلو ثمار الصبر وعظيم آثاره: إطلاق البشرى لأهل الصبر؛ (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)[الْبَقَرَةِ: 155].
ومن حلو ثمار الصبر وعظيم آثاره: ضمان النصر الرباني والمدد الإلهي؛ (بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 125]، وفي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده، بإسناد صحيح عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في وصيته المشهورة له: "واعلم أن النصر مع الصبر".
ومن حلو ثمار الصبر وعظيم آثاره -يا عبادَ اللهِ-: إخباره -عز وجل- بأن أهل الصبر هم أهل العزائم، الذين لا تلين لهم قناة في بلوغ كل خير في الدنيا والآخرة؛ (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)[الشُّورَى: 43]، وإخباره -سبحانه- بأنَّه ما يلقى الأعمال الصالحة وجزاءها، والحظوظ إلا أهل الصبر؛ (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ)[الْقَصَصِ: 80]، وقوله أيضًا: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)[فُصِّلَتْ: 34-35]، وإخباره -جل وعلا- بأنَّه إنما ينتفع بالآيات والعبر أهل الصبر؛ كقوله: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ في ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)[إِبْرَاهِيمَ: 5]، وكقوله في شأن أهل سبأ: (فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ في ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)[سَبَأٍ: 19].
عبادَ اللهِ: إنَّ الفوزَ بالمطلوب، والظفرَ بالمحبوب، والنجاةَ من المكروب، والسلامةَ من المرهوب، ونزولَ الجنة إنما نالَه أهلُ الصبر، كما قال -سبحانه-: (وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)[الرَّعْدِ: 23-24]، والصبر يُعقِب المستمسكَ به منزلةَ الإمامة في الدين، قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "سمعتُ شيخَ الإسلامِ ابنَ تيميةَ -رحمه الله- يقول: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، ثم تلا -رحمه الله- قوله -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)[السَّجْدَةِ: 24]"، فلا عجب أن يكون للصبر تلك المنزلة العظيمة، التي عبر عنها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بقوله: "إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ألا لا إيمان لمن لا صبر له".
عبادَ اللهِ: إن المرء يُدرِك بالصبر خيرَ عيش في حياته، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "خيرُ عيشٍ أدركناهُ بالصبرِ"، والصبرُ ضياءٌ، كما وصفَه رسول الْهُدَى -صلوات الله وسلامه عليه- في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، والصبر خير وأوسع عطاء يعطاه العبد، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري، والإمام مسلم في صحيحهما، واللفظ للبخاري، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للأنصار الذين سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، قال: "قال -صلى الله عليه وسلم-: ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، ومَنْ يَسْتَغْنِ يُغنِهِ اللهُ، ومَنْ يتصبَّر يُصبِّرْه اللهُ، وما أُعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ من الصبر".
وأمرُ المؤمنِ كلُّه خيرٌ له؛ لأنَّه دائرٌ بين مقامَي الصبر والشكر، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، عن صهيب بن سنان -رضي الله عنه- أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ".
نفعني الله وإيَّاكم بهدي كتابه، وبسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولكافة المسلمين من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ولي الصابرين، أحمده -سبحانه- حمد الشاكرين، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادة نرضي بها ديان يوم الدين، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، إمام المتقين وقدوة العابدين، اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِكَ ورسولِكَ محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أمَّا بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في بسط مدلول قوله -تعالى-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)[الْبَقَرَةِ: 155]، قال -رحمه الله-: "أخبر -تعالى- أنَّه يبتلي عباده -أي: يختبرهم ويمتحنهم- كما قال -تعالى-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)[مُحَمَّدٍ: 31]، فتارةً بالسَّرَّاء، وتارةً بالضَّرَّاء، بشيء من الخوف والجوع -أي: بقليل من ذلك- ونقص من الأموال -أي: بذهاب بعضها- والأنفس كموت الأصحاب والأقارب والأحباب، والثمرات -أي: لا تغل الحدائق والمزارع كعادتها، وكل هذا وأمثاله مما يختبر الله به عباده، فمن صبر أثابه، ومن قنط أحل به عقابه؛ ولهذا قال -تعالى-: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)[الْبَقَرَةِ: 155]، ثم بَيَّنَ -تعالى- مَنِ الصابرونَ الذين شكَرَهم فقال: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)[الْبَقَرَةِ: 156]؛ أي: تسلوا بقولهم هذا عمَّا أصابهم، وعلموا أنهم ملك لله، يتصرف في عبيده فيما يشاء، وعلموا أنَّه لا يضيع لديه مثقال ذرة يوم القيامة، فأحدث لهم ذلك اعترافًا بأنهم عبيده، وأنَّهم إليه راجعون في الدنيا والآخرة، ولهذا أخبر -تعالى- عمَّا أعطاهم على ذلك فقال: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ)[الْبَقَرَةِ: 157]؛ أي: ثناء من الله -تعالى- عليهم"، وقال سعيد بن جبير -رحمه الله-: "الصلوات أمانة من العذاب، وأولئك هم المهتدون، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "نِعْمَ العِدْلانِ، ونِعْمَتِ العلاوةُ؛ (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ)[الْبَقَرَةِ: 157]، فهذانِ العِدْلانِ، (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[الْبَقَرَةِ: 157]، فهذه العِلاوة، وهي ما توضع بين العدلين، وهي زيادة في الحمل، وكذلك هؤلاء أعطوا ثوابهم وزيدوا أيضًا"(أخرجه الحاكم في المستدرك بإسناد صحيح).
فاتقوا اللهَ -عباد الله-، وكونوا من الصابرين على مُرِّ القضاء، تفوزوا بأجركم، يُوَفِّه إليكم ربُّكم يومَ القيامة بغير حساب.
وصلُّوا وسلِّمُوا على خير الورى، كما أمرَكم بذلك ربُّكم -جل وعلا- فقال قولًا كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، اللهمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنكَ حميد مجيد، اللهمَّ بارِكْ على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنكَ حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهمَّ عن خلفائه الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان وعلي، وعن سائر الآل والصحابة والتابعين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك، يا أكرم الأكرمين.
اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، واحمِ حوزةَ الدينِ، وانصُرْ عبادَكَ الموحِّدينَ، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفَهم، وأصلِح قادتَهم، واجمَعْ كلمتَهم على الحق يا ربَّ العالمينَ.
اللهمَّ آمنَّا في أوطاننا، وأصلِحْ أئمتَنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا، خادم الحرمين الشريفين، وهيِّئ له البطانة الصالحة، ووفِّقه لما تُحِبُّ وترضى، يا سميع الدعاء، اللهمَّ وفِّقه ووليَّ عهدِه إلى ما فيه كل خير عاجل للبلاد والعباد، يا ربَّ العالمينَ.
اللهمَّ أحسِن عاقبتَنا في الأمور كلها، وأجِرْنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهمَّ أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.
اللهمَّ إنَّا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكَرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهمَّ احفظ هذه البلاد حائزة كل خير، سالمة من كل شر، وسائرَ بلاد المسلمين يا ربَّ العالمينَ، اللهمَّ حرر المسجد الأقصى، اللهمَّ احفظ المسلمين في فلسطين، اللهمَّ احفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ونعوذ بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم، اللهمَّ اشف جرحاهم، واكتب أجر الشهادة لقتلاهم، واربط على قلوبهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا ربَّ العالمينَ.
اللهمَّ آت نفوسنا تقواها، وزَكِّها أنتَ خيرُ مَنْ زكَّاها، أنت وليها ومولاها، اللهمَّ أَحْسِنْ عاقبتَنا في الأمور كلها، وأَجِرْنا من خزيِ الدنيا وعذابِ الآخرةِ، اللهمَّ اكفنا أعداءك وأعداءنا بما شئت يا ربَّ العالمينَ، اللهمَّ إنَّا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا، ونعوذ بك من شرورهم، اللهمَّ اشف مرضانا، وارحم موتانا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، واختم بالصالحات أعمالنا.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]، (رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، وصلِّ اللهمَّ وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم