من خصائص الأشهر الحرم

الشيخ عايد بن علي القزلان التميمي

2025-05-02 - 1446/11/04 2025-05-20 - 1446/11/22
عناصر الخطبة
1/النهي عن الظلم في الأشهر الحرم 2/من صور الظلم 3/من أنواع الظلم وصوره 4/من أضرار الظلم

اقتباس

وَإِنَّ لُزُومَ التَّقْوَى وَالبُعْدَ عَمَّا يُغْضِبُ اللهَ، وَإِخْلَاصَ العَمَلِ لَهُ، كَفِيلٌ -بِإِذْنِ اللهِ- لِلْوِقَايَةِ مِنْ فِتْنَةِ الـمَسِيحِ الدَّجَّالِ، كَمَا يَنْبَغِي الإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الفِتْنَةِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا، وَعَدَمُ نِسْيَانِهَا وَالغَفْلَةِ عَنْهَا؛ فَقَدْ جَاءَ فِي الأَثَرِ أَنَّ عَلَامَةَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ نِسْيَانُ ذِكْرِهِ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الْحَمْدُ للهِ، نَحْمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71]، أما بعد:

 

فيا أيها المؤمنون: قال الله -تعالى-: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)[التوبة: 36]، والأشهر الحرم ذُو القَعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ، الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ.

 

عباد الله: ومن خصائص الأشهر الحرم:

أن الذنوب فيها أعظم من غيرها؛ قَالَ ابن كثير -رحمه الله- في قوله -تعالى-: (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)، أي: في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها.

 

ومن خصائص الأشهر الحُرم: أن الظلم في الأشهر الحرم أعظمُ خَطِيئةً وَوِزْرًا من الظُّلْمِ فيما سِواها، وإن كان الظُّلمُ على كل حال عظيمًا، ولكن الله يُعَظِّم من أمرِه ما يشاء.

 

ومن خصائص الأشهر الُحرم: أن عُمرات النبي -صلى الله عليه وسلم- كنّ في شهر ذي القَعْدَة؛ قَالَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلَّهُنَّ فِي ذِي القَعْدَةِ، إِلَّا الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ"(متفق عليه).

 

وقد استحب بعض العلماء أن يعتمر الإنسان في أشهر الحج؛ اقتداء برسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.

 

ومن خصائص الأشهر الحرم: أن فيها عشر ذي الحجة التي أقسم الله بها في كتابه، وفيها يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم القر، وأيام التشريق، وهي من أعظم الأيام عند الله، وعيد أهل الإسلام، وفيها شهر المُحَرّم، الذي حثنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- على صيامه، وفيه يوم عاشوراء.

 

عباد الله: واعلموا إن ظُلم النّفس مُحَرَّماً في كل حِين وفي الأشهر الحُرُم أشَدّ حُرْمَة، ومن صُورِ الظُّلْمِ التي يقع فيها الناس كثيرة جدًّا، فأعظمها وأكبرها وأشدها عذابًا ونَكالاً الشرك بالله؛ قَالَ -تعالى- على لسان لقمان: (يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لقمان: 13].

 

ومن الظلم: الذنوب والمعاصي عمومًا؛ فإنها ظُلْمِ العبد لِنَفْسِه؛ قَالَ -تعالى-: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)[الطلاق: 1].

 

فاحذروا -عباد الله- الظُّلمَ، فإنّ الله ليس بغافلٍ عما تَعملون، وهو محرّمٌ ولو كان المظلوم كافراً؛ قَالَ الله -تعالى-: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ)[إبراهيم: 42 - 43]

 

عباد الله: إن قول الله -تبارك وتعالى-: (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) واجبٌ على كل مسلم أن يجعله نُصب عينيه عند دخول الأشهر الحرم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، ويكون في هذه الأشهر أشد جُرْمًا وأعظم إثما.

 

ولنتقِ الله -جل وعلا- ولنعظِّم ما عظمه الله -تعالى- من أمكنة أو أزمنة؛ متقربين لله -تبارك وتعالى- بهذا التعظيم.

 

أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الذي حرَّم الظلم على نفسه، وجعله محرمًا بين العباد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:

 

فيا أيها المسلمون: إنّ الظُّلْمَ عَاقِبته أليمة، وقد توعّد الله أهله بالعذاب والنكال الشديد، فقال -تعالى-: (وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا)[الفرقان: 37]، وقال -تعالى-:  (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)[آل عمران: 57]، ويقول سبحانه: (أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)[هود: 18]، وقال: (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)[الأنعام: 21].

 

وقد حذّر الله من الظلم، فقال في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلم على نفسي وجعلتُه بينكم محرّمًا فلا تظالموا"(رواه مسلم)، وحذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من دعوة المظلوم فقال: "واتَّقِ دَعْوَة المَظْلُوم؛ فإنّه ليسَ بينها وبين الله حِجَاب"(رواه البخاري ومسلم).

 

فاتّقوا الله -عبادَ الله-، واحذَروا مظالمَ العباد، وتحلّلوها فيما بينَكم، فعن أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ كَانتْ عِنْدَه مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ فَلْيتَحَلَّلْه ِمِنْه الْيَوْمَ؛ قَبْلَ أَلَّا يكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمتِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سيِّئَاتِ صاحِبِهِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ"(رواه البخاري).

 

عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله.

المرفقات

من خصائص الأشهر الحرم.doc

من خصائص الأشهر الحرم.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات