أزواجُك بالجنةِ

راشد بن عبد الرحمن البداح
1447/02/13 - 2025/08/07 05:51AM

4
أزواجُكَ بالجنةِ ( راشد البداح – الزلفي ) 14 صفر 1447هـ
إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدُهُ ونستعينُهُ، ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِأنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِهِ اللهُ فلا مُضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْفلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ. أما بعدُ: فاتَّقُوا {اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.

تخيَّلْ أجملَ موقفٍ سيَمُرُّ بكَ، تخيَّلْ أولَ لحظاتِكَ حينَ تدخلُ مع بابِ الجنةِ، ثم ترحِّبُ بكَ الملائكةُ وتسلِّمُ عليكَ، ثم تأويْ إلى قصرِكَ في الجنةِ، وقد زالَ عنكَ تعبُ الدنيا ومرضُها وفقرُها وهمومُها وحزنُها وخوفُها، ثم تنظرُ من شُرفةِ قصرِكَ، وتحتَهُ الأشجارُ والثمارُوالأنهارُ والأطيارُ، وأنت متكئٌ على الأرائكِ، وبجانبِكَ زوجاتُكَوأهلُكَ، وخَدَمُكَ الغلمانُ، ينتظرونَ منكَ إشارةً تطلبُهمْ، وتتنقَّلُ بين قصورِكَ العالياتِ الكثيراتِ المزخرفاتِ: {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} طِباقٌ فوقَ طِباقٍ، وتستمتعُ أنْ تزورَ كلَّ قريبٍ لكَ قد ماتَ قبلَكَ.

إنه نعيمٌ منوَّعٌ من المأكولِ والمشروبِ، والمنظورِ والمسموعِ، والملبوسِوالمركوبِ والمنكوحِ، والمأنوسِ والمصحوبِ.

{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا}. فالنعيمُ سائرُ ما يُتنعَّمُ به، والمُلكُ الكبيرُ أعظمُ من مُلكِ كلِّ ملوكِ الدنيا.

فلنعِشِ الآنَ نعيمًا واحدًا يسيراً، ضِمنَ نعيمٍ واسعٍ كبيرٍ، ألا وهوَزوجاتُ أهلِ الجنةِ من نساءِ الدنيا الصالحاتِ، اللاتي هنَّ أجملُ من الحُورِ العِينِ، أما الحورُ (فقدْ وصفَهُنَّ اللهُ -سبحانَهُ- بأنهن: ("حُورٌ عِينٌ": بِيضٌ واسعةُ الْعُيُونِ، مع شدةِ سوادِها، وصفاءِبياضِها، وطولِ أهدابِها وسوادِها "كَأَنَّهُنَّ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ". {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} فخُذْ من اللؤلؤِ صفاءَ لونهِ ونعومةَ مَلمسهِ، وخُذْ من البَيضِ اعتدالَ بياضهِ ونقاوتهِ. (كواعبُ قد تكعَّبَ ثديُها واستدارَ، ولم يتدلَّ إلى أسفلَ. خيراتٌ حسانٌ؛ كمُلَ خَلْقُها وخُلُقُها، {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} طهُرَتْ ظواهرُهُنَّ من الحيضِ والبولِ والغائطِ، وطهُرَتْبواطنُهُنَّ من الغلِّ والغيرةِ وأذَى الأزواجِ.. مقصوراتٌ من التبرجِ لغيرِأزواجِهنَّ، لا يخرُجنَ من منازلِهمْ، كلُّ واحدةٍ قد قصَرَتْ طَرفَها على زوجِها من محبتِها له ورضاها بهِ)().

جمالٌ باهرٌ، ونعيمٌ ظاهرٌ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلأَتْهُ رِيحًا.

فيا لذةَ الأبصــارِ إنْ هي أقْبَلتْ ..... ويا لذَّةَ الأسمــاع ِحينَ تَكَلَّمُ

فإن أردتَ سماعَ غنائِهنَّ فإنهنَّ لَيُغَنِّينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطُّ، وإِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ:

نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلا يُمِتْنَ     نَحْنُ الآمِنَاتُ فَلا يَخَفْنَ   نَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فَلا يَظْعَنَّ

أما لذةُ نكاحِهِنَّ: (فلكلٍّ منهمْ زوجتانِ.. ولكلِّ واحدٍ من السراريْزيادةٌ على الزوجتينِ على حسبِ منازلِهِمْ)(). ويُعطَى في الجنةِ قوةَمئةِ رجلٍ. قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُفْضِي فِي الْغَدَاةِ الْوَاحِدَةِ إِلَى مِئَةِ عَذْرَاءَ(). وكلَّما وطِئَها عادتْ بِكرًا كما كانتْ بلا تَوَالُدٍ. عَروبٌ جمعَتْ إلى حلاوةِ الصورةِ حُسنَ التبعلِبحلاوةِ منطقِها وحُسنِ حركاتِها. لا يَمَلُّها ولا تَمَلُّهُ، كُلما جاءَواحدةً قالتْ: واللهِ ما في الجنةِ شيءٌ أحبَّ إليَّ منكَ:

وجِماعُها فهو الشفاءُ لصَبــِّـها ... فالصَّبُّ منه ليسَبالضَّجِرانِ

فيَضمُّها وتَضمـُّـهُ أرأيتَ مَعـ ... ـشُوقَينِ بعدَ البُعـدِيلتقيانِ()

__________________________________________________

الحمدُ للهِ الداعي لدارِ السلامِ، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ الأنامِ. أما بعدُ:

(فإن شاقتْكَ هذهِ الصفاتُ، وأخذَتْ بقلبِكَ هذهِ المحاسنُ:

فاسْمُ بعينَيــْكَ إلى نســـوةٍ ... مُهورُهُنَّ العمــلُ الصالحُ)()

وأهلُ العفافِ لا يَستبدلونَ اللذّةَ المحرَّمةَ المُنَغَّصةَ المنقطعةَ باللذةِالكاملةِ الدائمةِ في الجنّةِ، فلا تَرْضَ لنفسِكَ بالدُّوْنِ، وارْبأْ بها عن مَوَاقِعِ الهُوْنِ، ولا تتَّبِعْ خطواتِ الشيطانِ، بدءاً من مراسلةِ البناتِ، ثم النظرِ للمتبرجاتِ، ثم العارياتِ، ثم زنا الزانياتِ، ثم ستنحَدِرُ إن لم تردعْ نفسَك، ولتَقُلْ كما قالَ يوسفُ -عليهِ السلامُ- لما قالتْ له أجملُامرأةٍ: {هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} فإن لم تَقطعْ خطواتِ الشيطانِ، فسيقعُ الفأسُ على الرأسِ. وحينَها تذكَّرْ قولَ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، وَلْيَتُبْ إِلَى اللهِ(). فإن صوَّرتَ ونشرتَ فيُخشَى عليكَ حَجْبُ التوبةِ عنكَ، ومضاعفةُ إثمِكَ كلَّما شُوهِدَ نشرُكَ وخِزْيُكَ: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}.

ومن تردَّتْ نفسُهُ مع بناتِ الليلِ فليتذكرْ يومَ عثرتِهِ بحفرتِهِ، وليخوِّفْها عذابَ الزُّناةِ في القبورِ، فقد قالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ. فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا. قُلْتُ: مَا هَؤُلاَءِ؟ قَالَ: ..فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي. متفقٌ عليهِ().

• فاللهم حصِّنْ فروجَنا، ونوِّرْ قلوبَنا، وجنِّبْنا الفواحشَ والفتنَ.
• اللهمّ إنا نسألُكَ النعيمَ المقيمَ الذي لا يَحولُ ولا يَزولُ.
• اللَّهُمَّ أحسنْ وقوفَنا بَين يَديكَ، ولا تُخزِنا يومَ العرضِ عليكَ.
• اللهم بلغْنا ما لا تبلغُهُ آمالُنا وأعمالُنا من الخيراتِ.
• اللهم آمِنَّا في أوطانِنا ودُورِنا، وأصلِحْ أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، وافرُجْلهم في المضائقِ، واكشِفْ لهم وجوهَ الحقائقِ. اللهم اجعلْهُمْ هُداةً مهتدينَ.
• اللهم افرُج لإخوانِنا بغزةَ النصرِ، واهزِمْ أعداءَنا يهودَ الغدرِ.
• اللهم صلِ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.

المرفقات

1754535098_‎⁨أزواجك بالجنة⁩.docx

1754535099_‎⁨أزواجك بالجنة⁩.pdf

المشاهدات 513 | التعليقات 0