التنافُس على الدنيا

سليمان بن خالد الحربي
1446/07/14 - 2025/01/14 20:52PM

 

الخُطْبة الأُولَى:
إنَّ الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونَعُوذ بالله من شُرُور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صَلَّى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، ومَنْ سارَ على نَهْجِه واقْتَفَى أَثَرَهُ إلى يوم الدين، وسَلم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ:

فأُوصِيكم ونَفْسِي بتَقْوَى الله جل وعلا، {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:30].

مَعْشَرَ الإِخْوة: التنافُس على الدنيا أَصْل حَذَّرَ منه رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- ، وقد أصْبَحْنا -فيما بين أنفسنا- في سِباق مَحْمُوم، مَنْ يَمْلِك بيتًا أَجْمَل؟ ومَن رَصِيدُه أكْثَرُ؟ ومَن مَلْبَسُه أحسنُ؟ ومَن سيارته أَفْضَلُ؟ أَصْبَحَ كثيرٌ منا يتنافس على الدنيا مثل الإدمان، ولَيْتَهُ ينتهي! فمُتَعُ الدنيا جَمَالُها بحِرْمَانِها، فإذا مَلَكْتَها زَهِدْتَ فيها.

كَمْ مِنْ رَجُلٍ محْرُوم يتمَنَّى مَرْكَبًا، فإذا مَلَكَهُ سَقَطَ مِن عَيْنِه، وأصبحَ شَغُوفًا بغيره المحرومِ منه، وهكذا؛ فالحرمان هو مَنْ جَمَّلَ هذه المتَعَ، وقد حَذَّرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من التنافس على الدنيا، وحَذَّرَ من أن تكون الدنيا معيارَنا، فقد جاء في الصحيحين من حديث عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ»([1])، فكيف وقد أَدَّى التنافسُ على الدنيا إلى وقوع كثير منا في الحرام؟! فمِنَ الناس مَنْ يَكْذِب في بَيْعه وشِرائه، ومنهم من يَحْتِكُر الاحتكارَ المحَرَّم، ومنهم مَنْ يأكل الرِّبا، ومنهم من ملأ قلبَه الحسدُ، ونَسِيَ كثيرٌ من الناس -أو تناسَوا- المنافسةَ على الخير والطاعة، تناسَوْا دارَ القرار، تناسَوُا النعيمَ المقيمَ الحقيقيَّ.

فكَمْ مِن الناس يَرَى مَنْ فَتَحَ الله عليه بالخير والصلاح، أو مَنْ فَتَحَ الله عليه بالعِلم أو البر ولا يُحَرِّكُ ذلك فيه شيئًا؛ بل لا يُحَدِّث نَفْسَه أن يكون مثلَه أو أحسن منه، أَمَّا إذا رَأَى أهلَ الرياسة أو المال تَحَرَّكَتْ في نَفْسِه (لو)، وتَمَنَّى على الله الأماني.

ولْنَنْظُرْ إلى هذه المقارنة التي ذَكَرَها اللهُ في كتابه في قصة قارون حينما وقَفَتْ طائفةٌ منهم أمام فِتْنَةِ الحياة الدنيا، وَقْفَةَ المأخوذِ المبْهُورِ المتهاوِي المتهافِت، ووَقَفَتْ طائفةٌ أُخْرَى تَسْتَعْلِي على هذا كُلِّه بقيمة الإيمان، والرجاء فيما عند الله، والاعتزاز بثواب الله، والتقت قيمةُ المال وقيمةُ الإيمان في الميزان، قال تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلم وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لمنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} [القصص:79، 80]، هذا هو المقياس: {ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ}، إنْ فاتَكَ شيءٌ من الدنيا فلا تَجْزَعْ، ولا تَسْخَطْ، فما أعطاكَ الله من الإيمان خَيْرٌ مِنَ المتَعِ التي أعطاك، ومِنَ المتَعِ التي مَنَعَكَ؛ لِيَتَحَرَّكْ قلبُك إذا فاتك الخيرُ، إذا فاتَتْك الطاعةُ، لِيَتَحَرَّكِ التمني عند ذِكْرِ الدار الآخِرَة، في كل زمان ومكان تَسْتَهْوِي زينةُ الأرض بعضَ القلوب، وتَبْهَرُ الذين يريدون الحياة الدنيا، ولا يتطلعون إلى ما هو أَعْلَى وأَكْرَمُ منها؛ فلا يَسْألون بأيِّ ثمن اشترى صاحب الزينة زينته، ولا بأي الوسائل نالَ ما نالَ من عرض الحياة، من مال أو منصب أو جاه. ومِنْ ثَمَّ تتهافتْ نفوسُهم وتتهاوَى، ويَسِيلُ لُعَابُهُم على ما في أيدي الممَتَّعِين؛ غيرَ ناظرين إلى ما عند الله مِنَ النعيم، ولا إلى الأُعْطِيَة الحقيقية والتي هي الإيمان، فأما المتَّصِلون بالله فلهم ميزان آخَر يُقَيِّمُ الحياةَ، وفي نفوسهم قِيَمٌ أُخْرَى غير قِيَمِ المال والزينة والمتاع. وهم أَعْلَى نَفْسًا، وأكبر قلبًا مِن أنْ يتهاوَوْا ويتصاغروا أمام قِيَمِ الأرض جميعًا. ولهم -من اسْتِعْلائهِم بالله- عاصِمٌ مِنَ التخاذُل أمام جاه العباد. وهؤلاء هم: {الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلم} العلم الصحيح الذي يُقَوِّمُون به الحياة حَقَّ التقويم.

وفي كل يوم نَرَى مَنْ يَتنازَل عن أخلاقه ومبادئه لَهْثًا وراء دنيا دنيئةٍ؛ بسبب التنافس على الدنيا واللَّهْث وراء مَلَذَّاتها وغُرُورِها، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فَاتَّقُوا الدُّنْيَا»([2]). وأخرج مسلم أيضًا عن عبد الله بن عَمْرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ، أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ؟»، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللهُ، قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، تَتَنَافَسُونَ، ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ، ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ، ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ فِي مَسَاكِينِ المهَاجِرِينَ، فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ»([3]).

ولهذا ذَكَرَ اللهُ مَتاعَ الدنيا الزائل فقال جَلَّ ذِكْرُه: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ المقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المآبِ} [آل عمران:14]، ثم قال بعد ذلك: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ }[آل عمران:15].

وقال -سبحانه تعالى-: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[طه:131]، وقال: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى:16 - 17] ، وقال: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:67]، وقال: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل:96]، وقال: {اعْلموا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الحديد:20]، وقال: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لمنِ اتَّقَى} [النساء:77].

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر:39].

بارَكَ اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني –وإياكم- بِما فيه من الآيات والذِّكْر الحَكِيم. أقُولُ ما سَمِعْتُم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخُطْبة الثانية:
الحمدُ لله على إحسانه، والشكر له على تَوْفِيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشانِه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله الداعي إلى جنته ورِضوانِه، صَلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانِه.

أمَّا بَعْدُ:

مَعْشَرَ الإِخْوَةِ: إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جَعَلَ أصلًا لا بد مِنِ استحضاره، وهو الزُّهْد في الدنيا، فهو أصل عظيم جامعٌ عَمَلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته من بعده، غَنِيِّهم وفَقِيرِهم.

وليس الزُّهد -كما يفهمه المتَعَجِّل- الخروجَ من الدنيا؛ بل هو عَدَمُ الجَزَع على ما فَقَدْتَ، وعَدَمُ الحِرْص على ما مُنِعْتَ، وعَدَم الاغترار بما مَلَكْتَ، بل يَجِبُ أن يكون قلبُك مُتَعَلِّقًا بطاعة الله، والتنافس على ذلك.

أين هؤلاء اللاهون وراءَ الدنيا مِن إرْشاد الحبيب -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- والأُمَّةِ مِن بعده حين قال: أَخَذَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمَنْكِبِي([4]) فقال: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ»، وكان ابن عمر -رضي اللهُ عنهما- يقول: (إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ المسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لمرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لموْتِكَ)([5]).

وعن سَهْل بن سَعْد السَّاعِدِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: أَتَى النبي -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلم: «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ»([6]).

قال ابن رجب -رحمه الله-: (اشْتَمَلَ هذا الحديثُ على وَصِيَّتَيْنِ عظيمتَيْن: إحداهما: الزُّهْد في الدنيا، وأَنَّه مُقْتَضٍ لمحَبَّة الله -سبحانه وتعالى- لعَبْدِه، والثانية: الزُّهْد فيما في أيْدِي الناسِ، فإنه مُقْتَضٍ لمحَبَّة الناسِ)([7]).

أَوَمَا عَلم سُكَارَى الدنيا وأُسَارَى الغفلةِ حقيقتَها، وأنها كالسراب يَتْبَعُه المسافر، يلاحقه، يجري خلفه، يَظُنُّ أنه مُدْرِكُه، وهو كلما اقترب منه ابْتَعَدَ عنه، وابتعدَ، حَتَّى يَتَوَارَى ويَغِيبَ.

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بِالسُّوقِ، دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ، وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ([8])، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ([9]) مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟»، فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟! قَالَ: «أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟»، قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، كَانَ عَيْبًا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟! فَقَالَ: «فَوَاللهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ»([10]).

نعم.. إن هذه الدنيا التي نتنافَسُ عليها في نَظَرِ الخبير بها ، في نَظَر حَبِيبِك وقدوتك، في نَظَر المعصوم المؤَيَّد بالوحي من السماء، في ميزان خليل الرحمن: أَهْوَنُ على الله مِن هَوَانِ جَدْيٍ أَسَكَّ مَقْطُوع الأُذُنَيْنِ في نَظَرِ بَنِي البشر.

روى الترمذي وصَحَّحَه، وابن ماجه من حديث سَهْل بن سعد الساعِدِيِّ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ»([11]).

وأخرج مسلم عن المستورد بن شداد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وَاللهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ -وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ- فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ؟»([12]).

وما أَعْظَمَ هذا الحديثَ لمنْ كان له قَلْبٌ! وفي الحديث الذي رواه مسلم عن أَنَس بن مَالِك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللهِ يَا رَبِّ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ»([13]).

 



([1]) أخرجه البخاري (6/84، رقم4015)، ومسلم (4/2273، رقم2961).
([2]) أخرجه مسلم (4/2098، رقم2742).
([3]) أخرجه مسلم (4/2274، رقم2962).
([4]) المنْكِب: هو مجتمع رأس العَضُد والكَتِف؛ لأنه يعتمد عليه. المصباح المنير (نكب).
([5]) أخرجه البخاري (8/89، رقم6416)، والترمذي (4/567، رقم2333)، وابن ماجه (2/1378، رقم4114).
([6]) أخرجه ابن ماجه (2/1373، رقم4102).
([7]) جامع العلوم والحكم لابن رجب (2/177).
([8]) أي: أحاطت به. انظر: النهاية في غريب الحديث (كنف).
([9]) أي: مُصْطَلم الأُذُنَيْن مقطُوعِهِما. النهاية (سكك).
([10]) أخرجه مسلم (4/2272، رقم2957).
([11]) أخرجه الترمذي وصححه (4/560، رقم2320)، وابن ماجه (2/1376، رقم4110).
([12]) أخرجه مسلم (4/2193، رقم2858).
([13]) أخرجه مسلم (4/2162، رقم2807).

المرفقات

1736877125_التنافُس على الدنيا.docx

المشاهدات 659 | التعليقات 0