الحلال بركة والحرام هلَكة

د. محمود بن أحمد الدوسري
1447/04/10 - 2025/10/02 05:43AM

الحلال بركة والحرام هلَكة

د. محمود بن أحمد الدوسري

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا([1]) لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الْأَرْضَ، وَلَمْ أَبْتَعْ([2]) مِنْكَ الذَّهَبَ. وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْأَرْضُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا. فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟([3]) قَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلَامٌ. وَقَالَ الْآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ. قَالَ: أَنْكِحُوا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ، وَتَصَدَّقَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهُنَا؛ لَا بُدَّ مِنْ حَكَمٍ يَقْضِي؛ مَنْ يَسْتَحِقُّ جَرَّةَ الذَّهَبِ، فَاتَّجَهَا إِلَى حَكَمٍ، وَعَرَضَا عَلَيْهِ الْقَضِيَّةَ، وَتَحَيَّرَ الْحَكَمُ! لِكُلٍّ مِنَ الْخَصْمَيْنِ وِجْهَةُ نَظَرٍ، وَهُمَا مَشْكُورَانِ عَلَى إِيثَارِهِمَا، وَوَرَعِهِمَا، وَبَالِغِ أَمَانَتِهِمَا، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ اسْتَحَقَّ التَّقْدِيرَ وَالْجَزَاءَ. فَمَاذَا يَفْعَلُ هَذَا الْحَكَمُ؟ أَيَقْسِمُ الذَّهَبَ بَيْنَهُمَا؟ وَمَا حَيْثِيَّاتُ هَذَا الْحُكْمِ؟

إِذَنْ فَلْيَلْجَأْ إِلَى وَسِيلَةٍ يُكَافَأُ بِهَا الرَّجُلَانِ عَلَى وَرَعِهِمَا، بِطَرِيقٍ غَيْرِ مُبَاشِرٍ؛ فَسَأَلَهُمَا عَنْ أَوْلَادِهِمَا، فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا عِنْدَهُ غُلَامٌ، وَوَجَدَ الْآخَرَ عِنْدَهُ جَارِيَةٌ، فَطَلَبَ مِنْهُمَا أَنْ يُزَوِّجَا الْغُلَامَ لِلْجَارِيَةِ، وَأَنْ يُصْرَفَ مِنَ الْمَالِ عَلَى الْعُرْسِ، وَأَنْ يُعْطَى الْعَرُوسَانِ مَا يَبْقَى يُنْفِقَانِ مِنْهُ حَيَاتَهُمَا، وَأَوْصَاهُمَا أَيْضًا بِالصَّدَقَةِ مِنَ الْمَالِ([4]).

وَالسُّؤَالُ هُنَا: مَاذَا يَفْعَلُ مَنْ وَجَدَ مَالًا مَدْفُونًا كَهَذَا؟

وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمَالَ الْمَدْفُونَ لَهُ حَالَتَانِ:

الْحَالَةُ الْأُولَى: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ دُفِنَ حَدِيثًا، وَيُمْكِنُ مَعْرِفَةُ أَصْحَابِهِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ اللُّقَطَةِ، يَجِبُ تَعْرِيفُهَا، وَالْبَحْثُ عَنْ أَصْحَابِهَا عَامًا كَامِلًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا مَلَكَهَا مَنْ وَجَدَهَا، عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا إِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَهَذَا مَا يَمِيلُ إِلَيْهِ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ، حَيْثُ قَالَ: (الظَّاهِرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ وَجَدَهُ...؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنِ الْأَرْضِ، فَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهَا، فَيَكُونُ مِلْكًا لِوَاجِدِهِ، كَمَا لَوْ وَجَدَ فِيهَا كَمْأَةً أَوْ شَيْئًا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ)([5]).

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ دُفِنَ مِنْ زَمَنٍ بَعِيدٍ - كَالْآثَارِ الْمَدْفُونَةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ([6])؛ فَهُوَ رِكَازٌ، يُخْرَجُ مِنْهُ الْخُمُسُ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي الرِّكَازِ: الْخُمُسُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (اتَّفَقُوا: عَلَى أَنَّ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ؛ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالرِّكَازُ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ؛ هُوَ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ([7])، وَهِيَ الْكُنُوزُ الْمَدْفُونَةُ فِي الْأَرْضِ)([8]).

       وَهُنَا سُؤَالٌ آخَرُ: أَيُّ الرَّجُلَيْنِ أَكْثَرُ أَمَانَةً؟ الْبَائِعُ؟ أَمِ الْمُشْتَرِي؟

وَجَوَابُهُ: كِلَاهُمَا أَمِينٌ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ – كَمَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ قَبْلُ - فِي أَيِّ الرَّجُلَيْنِ أَكْثَرُ أَمَانَةً؟ وَجَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَكْثُرُ تَمَارِينَا وَمُنَازَعَتُنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌أَيُّهُمَا ‌أَكْثَرُ ‌أَمَانَةً»([9]).

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ:

1- بَلَغَتِ الْأَمَانَةُ وَالْوَرَعُ عِنْدَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْأُمَمِ الْغَابِرَةِ مَبْلَغًا عَجِيبًا([10]).

2- هَذَا نَوْعٌ نَادِرٌ مِنَ الْبَشَرِ: فَتَأَمَّلْ فِي صَلَاحِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، وَوَرَعِهِمَا وَعِفَّتِهِمَا وَزُهْدِهِمَا فِي هَذَا الْكَنْزِ النَّفِيسِ الَّذِي يَتَمَثَّلُ فِي تَدَافُعِهِمَا لَهُ، وَالتَّخَلُّصِ مِنْهُ([11]).

3- بَنُو إِسْرَائِيلَ كَانَ فِيهِمْ أَخْيَارٌ: قَالَ تَعَالَى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: 113، 114].

4- لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْوَرَعَ وَالتَّقْوَى فِي أَسْبَابِهِمَا بِغَيْرِ حُدُودٍ: مِنْ غَيْرِ التَّشَبُّثِ بِالتَّأْوِيلِ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَهُ ذَلِكَ. وَمِنْ نَمَاذِجِ الْوَرَعِ:

أ- قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «تَرَكْنَا ‌تِسْعَةَ ‌أَعْشَارِ ‌الْحَلَالِ؛ مَخَافَةَ الرِّبَا»([12]).

ب- قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «تَمَامُ التَّقْوَى: أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ الْعَبْدُ حَتَّى يَتَّقِيَهُ فِي مِثْقَالِ ذَرَّةٍ، حَتَّى يَتْرُكَ بَعْضَ مَا يَرَى أَنَّهُ ‌حَلَالٌ، ‌خَشْيَةَ ‌أَنْ ‌يَكُونَ حَرَامًا، يَكُونُ حِجَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَامِ»([13]).

ج- عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْمٍ: «أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الصَّالِحَاتِ أَتَاهَا نَعْيُ زَوْجِهَا وَهِيَ تَعْجِنُ، فَرَفَعَتْ يَدَيْهَا مِنَ الْعَجِينِ، وَقَالَتْ: هَذَا ‌طَعَامٌ ‌قَدْ ‌صَارَ ‌لَنَا ‌فِيهِ شَرِيكٌ»([14]). وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَذَا الْعَجِينَ صَارَ إِلَى الْمِيرَاثِ، وَهَذَا بَابٌ دَقِيقٌ مِنْ أَبْوَابِ الْوَرَعِ وَالتَّقْوَى.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ أَيْضًا:

5- يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ: وَبَوَّبَ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" بِقَوْلِهِ: (بَابُ اسْتِحْبَابِ إِصْلَاحِ الْحَاكِمِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ)([15]). قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ: بِأَنَّهُ ‌لَمْ ‌يَصْدُرْ ‌مِنْهُ ‌حُكْمٌ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا؛ لِمَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ حُكْمَ الْمَالِ الْمَذْكُورِ حُكْمُ الْمَالِ الضَّائِعِ، فَرَأَى أَنَّهُمَا أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمَا؛ لِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ وَرَعِهِمَا، وَحُسْنِ حَالِهِمَا، وَارْتَجَى مِنْ طِيبِ نَسْلِهِمَا، وَصَلَاحِ ذُرِّيَّتِهِمَا)([16]).

6- الْمُعَامَلَةُ بَيْنَ النَّاسِ تَقُومُ عَلَى التَّرَاضِي بَيْنَهُمْ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الْحِلُّ.

7- هَذِهِ رِسَالَةٌ إِلَى مَنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فِي الْعَقَارِ، وَغَيْرِهِ: بِأَنَّ عَاقِبَةَ الصِّدْقِ، وَالْأَمَانَةِ، وَالْوَرَعِ، وَحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ، تَرْجِعُ بِالْخَيْرِ عَلَى أَصْحَابِهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى يُجَازِيهِمْ عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْعُقْبَى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الْقَصَصِ: 83].

8- الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا، وَالرَّغْبَةُ فِي الْآخِرَةِ، وَالْحَذَرُ مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ: وَهَذَا هُوَ عَيْنُ التَّقْوَى؛ لِأَنَّ الْمَعْهُودَ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَخْتَصِمُوا مِنْ أَجْلِ الْمَالِ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ.

9- الْأَمِينُ يَجِدُ ثَمَرَةَ أَمَانَتِهِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ: وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ؛ فَهَذَا الرَّجُلُ الْأَمِينُ كُوفِئَ بِأَمِينٍ مِثْلِهِ، ثُمَّ كُوفِئَ هَذَانِ الْأَمِينَانِ بِسَعَادَةِ أَوْلَادِهِمَا وَتَوْفِيقِهِمَا.

10- ضَرُورَةُ أَكْلِ الْحَلَالِ، وَخُطُورَةُ أَكْلِ الْحَرَامِ: فَقَلِيلٌ مِنْ حَلَالٍ يَشْكُرُهُ الْعَبْدُ، خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ حَرَامٍ أَوْ شُبْهَةٍ تُنْزَعُ بِسَبَبِهِ الْبَرَكَةُ، وَيَحِلُّ بِهِ سَخَطُ الرَّبِّ، قَالَ وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌لَوْ ‌قُمْتَ ‌مَقَامَ ‌هَذِهِ ‌السَّارِيَةِ مَا نَفَعَكَ؛ حَتَّى تَنْظُرَ مَا تُدْخِلُ بَطْنَكَ، حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ)([17]).

11- وُجُوبُ التَّحَاكُمِ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِإِزَالَةِ الْخِلَافِ بَيْنَ النَّاسِ: قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النِّسَاءِ: 59]، فَإِنِ اسْتَمَرَّ النِّزَاعُ وَجَبَ الذَّهَابُ إِلَى الْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ لِإِيجَادِ الْحُلُولِ الْمُنَاسِبَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النِّسَاءِ: 83].

12- بِالشُّكْرِ تَزْدَادُ النِّعَمُ: لِذَا حَثَّ الْقَاضِي هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَالصَّدَقَةِ؛ بِقَوْلِهِ: «وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ، وَتَصَدَّقَا»، وَاللَّهُ تَعَالَى يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ الْمُحْسِنِينَ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} [الْبَقَرَةِ: 272]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [الْبَقَرَةِ: 245]. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَلَا يُلَامُ الْإِنْسَانُ عَلَى إِمْسَاكِ كِفَايَتِهِ، وَإِنَّمَا يُلَامُ عَلَى إِمْسَاكِ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ.

([1]) العقار: الأصول في الأموال من الأرضي، وما يتصل بها، وعقر الشيء: أصله. ومنه: عَقر الأرض - بفتح العين وضمها. انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (5/178)؛ إكمال المعلم بفوائد مسلم، (5/582).
([2]) (وَلَمْ أَبْتَعْ): أي: لم أَشْتَرِ.
([3]) (أَلَكُمَا وَلَدٌ): المراد جنس الولد؛ ويستحيل أنْ يكون للرجلين جميعًا ولد واحد. والمعنى: أَلِكُلِّ منكما ولد؟ والولد يشمل الذَّكر والأُنثى.
([4]) انظر: فتح المنعم شرح صحيح مسلم، (7/50).
([5]) تعليقات ابن عثيمين على الكافي - لابن قدامة، (3/21).
([6]) جاء في الموسوعة الفقهية، (23/102): (لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ دَفِينَ أَهْل الإْسْلاَمِ لُقَطَةٌ. وَيُعْرَفُ بِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ عَلاَمَةُ الإسْلاَمِ، أَوِ اسْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أَحَدُ خُلَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ وَالٍ لَهُمْ، أَوْ آيَةٌ مِنْ قُرْآنٍ، أَوْ نَحْوُ ذلك). قال ابن القيم - في الطرق الحكمية، (ص180): (وَمَا لَا عَلَامَةَ عَلَيْهِ فَهُوَ لُقَطَةٌ، تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ).
([7]) المقصود بدفن الجاهلية: أنه دُفِنَ قبل الإسلام، سواء كان من أموال الروم، أو الفرس، أو غيرهما، ففي هذه الحال يلزم التصدق بِخُمُسِه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فِي الرِّكَازِ: الْخُمُسَ» رواه البخاري.
([8]) مجموع الفتاوى، (29/376).
([9]) فتح الباري، (6/519).
([10]) انظر: من قصص الماضين في حديث سيد المرسلين، (ص127).
([11]) انظر: منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، (4/223).
([12]) رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، (7/551)، (رقم15619).
([13]) رواه ابن المبارك في "الزهد"، (ص19).
([14]) رواه ابن أبي الدنيا، في "الورع"، (ص99)، (ص151).
([15]) صحيح مسلم، (5/133).
([16]) فتح الباري، (6/519).
([17]) رواه ابن أبي الدنيا في "الورع"، (ص88)، (ص123).

المرفقات

1759372994_الحلال بركة والحرام هلكة.docx

المشاهدات 542 | التعليقات 2

.


.