سلسلة الخلفاء الراشدين: عمر بن الخطاب - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2025-11-27 - 1447/06/06
التصنيفات:

اقتباس

إنه عمر الذي اجتمعت فيه الفضائل والمآثر والمواهب؛ فهو عمر الفاروق، وهو عمر الملهم، وهو عمر مفزع الشيطان، وهو عمر الشديد في الحق، الرفيق بالمساكين، وهو عمر ذو الكرامات، وهو عمر أمير المؤمنين...

حديثنا عن من؟... حديثنا عن عمر، وما أدرك من هو عمر؟... حديثنا عمن دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك؛ بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب" وكان أحبهما إليه عمر"(رواه الترمذي، وصححه الألباني).

 

إنه عمر الذي اجتمعت فيه الفضائل والمآثر والمواهب؛ فهو عمر الفاروق، وهو عمر الملهم، وهو عمر مفزع الشيطان، وهو عمر الشديد في الحق، الرفيق بالمساكين، وهو عمر ذو الكرامات، وهو عمر أمير المؤمنين...

 

فأما أنه الفاروق:

فعن ابن شهاب الزهري: "أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يدعى الفاروق؛ لأنه فرق بين الحق والباطل، وأعلن بالإسلام والناس يخفونه"(المجالسة، للدينوري).

 

ويشهد بذلك عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- فيقول: "ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر"(رواه البخاري)، وفي لفظ: "إن إسلام عمر كان عزًا، وإن هجرته كانت فتحًا ونصرًا، وإن إمارته كانت رحمة، والله ما استطعنا أن نصلي حول الكعبة ظاهرين حتى أسلم عمر"(فضائل الصحابة، لأحمد بن حنبل).

 

***

 

وأما أنه الملهم:

فقد نص على ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه فقال: "إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب"(رواه البخاري)، قال الخطابي: "المحدث الملهم الذي يلقي الشيء في روعه فكأنه قد حدث به، يظن فيصيب، ويخطر الشيء بباله فيكون، وهي منزلة جليلة من منازل الأولياء"، وقيل: "المحدث هو من يجري الصواب على لسانه"، وقيل: "من تكلمه الملائكة".. وقال ابن وهب: "ملهمون"( عمدة القاري، للعيني).

 

وإن قال قائل: إن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن كان في أمتي هذه منهم" شك لا قطع، فقد أجاب بدر الدين العيني قائلًا: "قال -صلى الله عليه وسلم- ذلك على سبيل التوقع، وقد وقع ذلك بحمد الله -تعالى-"( عمدة القاري، للعيني).

 

والدليل أنه وقع وتحقق ما رواه أبو ذر -رضي الله عنه- قائلًا: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به"(رواه أبو داود، وصححه الألباني).

 

وكذلك شهادة ابن مسعود -رضي الله عنه- حين قال: "وإني لأحسب أن بين عيني عمر ملكين يسددانه"(فضائل الصحابة، لأحمد بن حنبل).

 

والوقائع والحوادث التي وافق فيها الفاروقُ عمرُ الوحيَ لهي دليل عملي على ذلك، يقول الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "وافقت ربي في ثلاث: فقلت يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)[البقرة: 125] وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغيرة عليه، فقلت لهن: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ)[التحريم: 5]، فنزلت هذه الآية"(متفق عليه).

 

والحق أنها أكثر من ثلاث بكثير؛ فعن الشعبي قال: ذكر عند عليٍّ قول عمر: "قد ألقي في روعي أنكم إذا لقيتم العدو هزمتموهم"، فقال عليٌّ: "ما كنا نبعد أن السكينة تنطق بلسان عمر، وأن في القرآن لرأيًا من رأي عمر"(تاريخ دمشق، لابن عساكر).

 

***

 

وأما أنه مفزع الشيطان:

فقد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك"(متفق عليه)، قال النووي: "وهذا الحديث محمول على ظاهره أن الشيطان متى رأى عمر سالكًا فجًا هرب هيبة من عمر، وفارق ذلك الفج وذهب في فج آخر لشدة خوفه من بأس عمر أن يفعل فيه شيئًا"(شرح النووي على مسلم)، ويتم ابن مسعود الشهادة فيقول: "وإني لأحسب أن الشيطان يفرقه"(فضائل الصحابة، لأحمد بن حنبل)، يعني: يخافه ويفزع منه.

 

***

 

وهو عمر المقر بالفضل لأهله:

فمع وافر فضله وجليل مكانته، إلا أنه يعرف أن مقامه بعد أبي بكر لا يقدِّم نفسه عليه أبدًا، فتسمعه يحكي بلسانه فيقول: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نتصدق فوافق ذلك عندي مالًا، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أبقيت لأهلك؟"، قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: "يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟"، قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شيء أبدًا(رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

 

ويحكي الحسن أن أبا موسى الأشعري قال مرة: "إن عمر بن الخطاب كان إسلامه عزًا، وكانت إمارته فتحًا، وكان بين عينيه ملك يسدده، وكان الفاروق فرق بين الحق والباطل، ونزل القرآن بتصديق رأيه"، فقال رجل من بني سليم، يقال له حرمي: كان أبو بكر خيرًا منه، فأعاد أبو موسى القول، فقال السلمي مثل مقالته ثلاثًا، فلما قفلوا صار إلى عمر فقص عليه القصة، فقال عمر: "ليلة من أبي بكر خير من عمر الدهر كله، وليوم من أبي بكر خير من عمر الدهر كله؛ أما يومه فيوم ارتدت العرب، وأما ليلته فليلة الغار، حين وقى النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه"(فضائل الصحابة، لأحمد بن حنبل)، وصدق ابن عباس حين قال: "لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل"(تاريخ بغداد، للخطيب).

 

***

 

وإنه عمر ذو الكرامات:

فعن ولده ابن عمر أن عمر -رضي الله عنه- خطب يومًا بالمدينة فقال: "يا سارية بن زنيم الجبل، من استرعى الذئب فقد ظلم"، قال: فقيل له: تذكر سارية وسارية بالعراق؟ فقال الناس لعلي: أما سمعت عمر يقول: يا سارية وهو يخطب على المنبر، فقال: "ويحكم دعوا عمر فإنه ما دخل في شيء إلا خرج منه"، فلم يلبث إلا يسيرًا حتى قدم سارية فقال: "سمعت صوت عمر فصعدت الجبل"(كرامات الأولياء للالكائي، وذكره الألباني في الصحيحة).

 

ولقد كان الفاروق عمر حصنًا للإسلام والمسلمين، فلما مات عمر انثلم ذلك الحصن، قال ذلك عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- ونص كلامه كالتالي: "إن كان عمر حصنًا حصينًا يُدخل الإسلام فيه ولا يُخرج منه، فلما أصيب عمر انثلم الحصن؛ فالإسلام يُخرج منه، ولا يُدخل فيه"(الحاكم).

 

وعند الطبراني عن زيد بن وهب قال: تمارى رجلان في آية من القرآن فأتيا عبد الله بن مسعود فقال أحدهما: أقرأنيها أبو عمرة، وقال الآخر: أقرأنيها عمر، فلما ذكر عمر بكى عبد الله، وهو قائم، ومسح عينيه، ونفض يده في الحصا، ثم قال: "لهي أبين من طريق السيلحين"، ثم قال: "اقرأها كما أقرأكها عمر، إن أهل بيت من المسلمين لم يدخلهم حزن على عمر يوم أصيب لأهل سوء، عمر كان أتقانا، وأقرأنا لكتاب الله"(الطبراني في الكبير).

 

وإني والله لأود أن أقولها كما قالها ابن مسعود: "وايم الله لو أعلم كلبًا يحب عمر لأحببته"، أو كما قال: "وددت أني خادم لمثل عمر حتى أموت"(الطبراني في الكبير)... فارض اللهم عن سادتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الصحابة أجمعين...

 

ولست وحدي من يود أن يقول ذلك، بل ها هم خطباؤنا الأخيار قد قالوا في خطبهم التالية أكثر مما قلتُ وأبلغ وأفصح، فإليكم طرفًا منها:

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
الخطبة الثامنة:
الخطبة التاسعة:
الخطبة العاشرة:
الخطبة الحادية عشر:
العنوان
بين يدي الفاروق 2024/10/17 1997 702 16
بين يدي الفاروق

1/شخصية فريدة وسيرة مذهلة عجيبة 2/من فضائل الفاروق عمر رضي الله عنه 3/إسلام عمر وعبوديته وتضحياته 4/خلافته وجهاده وفتوحاته 5/أبرز مشاهد العظمة في سيرة الفاروق 6/استشهاد عمر رضي الله عنه.

المرفقات

بين يدي الفاروق.doc

بين يدي الفاروق.pdf

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life