الامتحان الأخير

مركز حصين للدراسات والبحوث

2025-05-16 - 1446/11/18 2025-05-27 - 1446/11/29
عناصر الخطبة
1/ آخر فتنة تعرض على المؤمن. 2/ الإيمان ثبات المؤمن عند سؤال الفتان. 3/ العمل الصالح جليس المؤمن. 4/ نومة العروس أم المعيشة الضنك؟

اقتباس

أتدري أيُّ فتنةٍ تلكَ؟ إنَّهُ الامتحانُ الأخيرُ، قال فيه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “وَهِيَ آخِرُ فِتْنَةٍ تُعْرَضُ عَلَى الْمُؤْمِنِ” رواه أحمد. سوف يُـمتحَنِ الكافرُ والمنافقُ والمؤمنُ والرَّجلُ السُّوءُ، كلٌّ يُسألُ هذهِ الأسئلةِ...

الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

 

الحمدُ للهِ الذي برحمتِهِ حبَّبَ لأوليائِهِ الإيمانَ، وثبَّتَهُم بهِ أمامَ الفِتنِ وجحافلِ الكُفرانِ، وأضلَّ بعدلِهِ المبطلينَ، فباؤوا بالخُسرانِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعدُ: فاتَّقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- حقَّ التَّقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

 

عبادَ الله: مرَّ سلمانُ الفارسيُّ -رضيَ اللهُ عنه- على جماعةٍ من المرابطين على ثَغْرٍ من ثُغورِ الإسلامِ، يَدفعونَ عنهُ وعن أهلِهِ جهادًا في سبيلِ اللهِ، وكأنَّهُ شقَّ عليهم ما هُم فيهِ مِنَ التَّعبِ، فبشَّرهم بعظيمِ البُشرى من قولِ سيِّدِ الأنبياءِ والمجاهدينَ نبيِّنا محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: “رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ” رواه مسلم.

 

ألا ما أعظمَ الرِّباطَ، وما أجملَ أن يموتَ المسلمُ شهيدًا أو مرابطًا في سبيلِ اللهِ.

 

كيفَ لا، والشَّهيدُ والمرابطُ يأمنانِ الفَتّانَ؟

 

سأل رجلٌ نبيَّنا -صلى الله عليه وسلم- فقال: “يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيدَ؟” قَالَ: “كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً”. رواه النسائي.

 

أتدري أيُّ فتنةٍ تلكَ؟ إنَّهُ الامتحانُ الأخيرُ، قال فيه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “وَهِيَ آخِرُ فِتْنَةٍ تُعْرَضُ عَلَى الْمُؤْمِنِ” رواه أحمد.

 

سوف يُـمتحَنِ الكافرُ والمنافقُ والمؤمنُ والرَّجلُ السُّوءُ، كلٌّ يُسألُ هذهِ الأسئلةِ، والمثبَّتُ مَن ثبَّتَهُ اللهُ.

 

ولذا كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: “اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ”. رواه أبو داود.

 

عن أيِّ شيء ستُسأَل؟ ومَن السّائل؟ وبِمَ ستجيبُ يا عبد الله؟!

 

أمّا السّائلُ فاثنان، وهُما كما أخبرنا نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم-: “مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ -يعني شديدَا السَّواد-، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ، وَلِلْآخَرِ: النَّكِيرُ” رواه الترمذي.

 

فيا تُرى كيف حالُ قلبِكَ حينئذٍ، أفزِعٌ هو أم مطمئنٌّ؟

 

أمّا المؤمنُ، فإنّه يجلسُ غيرَ فزِعٍ ولا مشعوفٍ، هكذا بشَّرنا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه ابنُ ماجهِ.

 

وأمّا السؤالُ، فبيَّنهُ لنا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وهو أنَّ العبدَ المؤمنَ في قبرِهِ “يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-”.

 

هكذا تُسألُ، عن ربِّكَ، ودينِكَ، ونبيِّكَ، ليس هذا فحسبُ، بل تُسألُ عن جوابِكَ كيفَ عرفتَهُ، وأيُّ شيءٍ أعلمَكَ بهِ؟

 

سوفَ يقولانِ لك: وَمَا يُدْرِيكَ؟

 

أما المؤمنُ الموقن، فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ، يقول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَصَدَّقْنَاهُ” رواه ابن ماجه.

 

ذلك المؤمن، الذي كان عُنوانُ حياتهِ قولَه -تعالى-: (‌أَغَيْرَ ‌اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام: 164].

 

لم يكنْ لهُ ربٌّ إلا اللهُ، شهِدَ بقلبِهِ ولسانِهِ، وبرهَنَ على ذلك عمَلُهُ أنَّهُ ليس لهُ ربٌّ خلقَهُ ورزقَهُ ودبَّرَ أمرَهُ إلا اللهُ، ليس لهُ إلهٌ يأتمِرُ بأمرِهِ ويخضَعُ لهُ ويعبدُهُ وحدَهُ إلا اللهُ، آمنَ بالإسلامِ دينًا ومنهجًا، استسلمَ لجميع أحكامِهِ، دونَ اعتراضٍ أو انتقاءٍ، آمنَ بالأنبياءِ والمرسَلينَ وخاتَمِهِم محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، ليس لهُ متبوعٌ غيرُهُ، علِمَ ذلكَ بالبراهينِ، قرأَ القرآنَ فرأى آياتِهِ وبراهينَهُ ساطعةً شاهدةً، فأقرَّ عن علمٍ ويقينٍ، فثبَّتَهُ اللهُ بإيمانِهِ.

 

أوَلم تسمعْ قولَ الله -تعالى-: (‌يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) [إبراهيم: 27].

 

يقولُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “المُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي القَبْرِ: يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ”، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) رواه البخاري ومسلم.

 

إنَّهُ اليقينُ الجازمُ، بلا ريبٍ ولا شكٍّ، ولذا يَرُدُّ عليهِ الملكانِ قائلَيْنِ: “عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ” رواه ابن ماجه.

 

وأمّا الكافرُ والمنافِقُ والرَّجلُ السُّوءُ، فيُجلِسُ الملَكانِ أحدَهُم خائفًا مرعوبًا، وأيُّ طُمَأنينةٍ وسكينةٍ لمثلِ هذا، وهو لم يطمئنَّ باللهِ، وإنّما كانَ من الذينَ رضُوا بالحياةِ الدُّنيا واطمأنُّوا بها؟! يقولُ -صلى الله عليه وسلم-: “وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي قَبْرِهِ، فَزِعًا مَشْعُوفًا” رواه ابن ماجه.

 

أتُراهُ يُجيبُ؟ أتُراهُ يثبُتُ؟ وأَنَّى لهُ الثَّباتُ وهو لم يُؤمِنْ ولم يستقِمْ؟ يسأله الملَكان: “مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي”. رواه أبو داود، يقول: “كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ!” رواه البخاري ومسلم.

 

أتدري لماذا لم يدرِ؟ ولماذا رَسَبَ في الامتحانِ؟

 

إنَّه الإيمانُ الكاذب، الشَّكُّ والرَّيبُ، النِّفاقُ والخِداع، التَّقلُّبُ في حَيرةٍ بين أفكارِ المغضوبِ عليهم والضّالّين. ولذا تقول له الملائكة: “عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ -تعالى-” رواه ابن ماجه.

 

أيُّها المؤمنُ: الذي عمِلَ الصّالحاتِ، واستقامَ على طاعةِ ربِّهِ ومولاهُ: أبشِر، فإنَّ عملَكَ الصّالحَ سيكونُ جليسَكَ ومؤنِسَكَ، سيُحيطُ بكَ من كلِّ جانبٍ، يدفعُ عنكَ السُّوءَ.

 

أوَلم تَسمعْ قولَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ إِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا، كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَتِ الزَّكَاةُ عَنْ شِمَالِهِ، وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ! ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ، فَيَقُولُ الصِّيَامُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ! ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ، فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ! ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ! فَتَقُولُ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ” رواه ابن حبان.

 

هذه الطاعاتُ تتمثَّلُ لصاحِبها في صورةِ رجلٍ حَسَن الْوَجْهِ طَيِّب الرِّيحِ حَسَنِ الثِّيَابِ، يقولُ له: “أَبْشِرْ بِكَرَامَةٍ مِنْ اللَّهِ وَنَعِيمٍ مُقِيمٍ، أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، كُنْتَ وَاللَّهِ سَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا”. رواه أحمد.

 

هل أنتَ كذلكَ يا عبدَ اللهِ؟! سريعٌ في طاعةِ اللهِ، بطيءٌ عن معصيةِ اللهِ؟!

 

إيّاك أن تكونَ الآخَرَ، ذاك الذي يَأْتِيهِ آتٍ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ يقول له: “أَبْشِرْ بِهَوَانٍ مِنَ اللَّهِ وَعَذَابٍ مُقِيمٍ، أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، كُنْتَ بَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ سَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا”. رواه أحمد.

 

باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وبعدُ:

 

هل سمعتمْ عن نومةِ العَروسِ الهانئِ؟

 

إنَّهُ المؤمنُ الموقِنُ الذي ثبَّتَهُ اللهُ بإيمانِهِ، وآنسَهُ ربُّهُ بعملِهِ الصّالحِ، أخبرَنا عن حالِهِ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ بعدما يُثبِّتُهُ اللهُ بالقولِ الثّابتِ، فقال: “فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ قَدْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ”، قَالَ: “فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْتَحُ لَهُ فِيهَا مَدَّ بَصَرِهِ”. رواه أبو داود.

 

أتَرى القبرَ الموحشَ المُظلِمَ، كلُّ ظَلامِهِ سيزولُ، يقول -صلى الله عليه وسلم-: “ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ؟ فَيَقُولَانِ: نَمْ كَنَوْمَةِ العَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ” رواه الترمذي.

 

وأمّا الكافرُ والمنافقُ والرَّجلُ السُّوءُ، فقد أخبرَنا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ بعدَما يُضلُّهُ اللهُ عن الجوابِ بظُلمِهِ ونفاقِهِ، قال: “فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ. قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا” رواه أبو داود.

 

ثمّ ماذا؟ قال: “ثم يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ”. رواه البخاري ومسلم.

 

ليس هذا فحسبُ، بل “يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، فَتِلْكَ الْمَعِيشَةُ الضَّنْكَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 124]” رواه ابن حبان.

 

يا عبادَ اللهِ: إنَّ القبرَ أوَّلُ منازلِ الآخرةِ، فلِهذا الامتحانِ أعدُّوا.

 

يقول البراء بنُ عازِب -رضي الله عنه-، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي جِنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ: “يَا إِخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا”. رواه ابن ماجه.

 

اللهمَّ اجعلْ قبورَنا من خيرِ منازلِنا، ونجِّنا برحمتِكَ من فتنةِ القبرِ وعذابِهِ، اللهمَّ وثبِّتنا بالقولِ الثّابتِ عندَ السُّؤالِ، اللهمَّ إنَّا نعوذُ بعزَّتِكَ لا إلهَ إلا أنتَ أن تُضِلَّنا، أنتَ الحيُّ الذي لا يموتُ، والجنُّ والإنسُ يموتون.

 

اللهمَّ انصرِ الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ، وأهلِكِ اليهودَ المجرمينَ، اللهمَّ وأنزلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونجِّ عبادَكَ المستضعفينَ، وارفعْ رايةَ الدينِ، بقوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.

 

اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

المرفقات

الامتحان الأخير.doc

الامتحان الأخير.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات