نعمة نجاح موسم الحج

محمد بن سليمان المهوس

2025-06-13 - 1446/12/17 2025-06-12 - 1446/12/16
عناصر الخطبة
1/ تذكر وشكر النعم 2/ دور المملكة العربية السعودية في نجاح موسم الحج 3/ فوائد الالتزام بالتعليمات الخاصة بالحج

اقتباس

وَدَّعَ الْعَالَمُ الإِسْلامِيُّ عَشْرَ أَيَّامٍ مُبَارَكَاتٍ؛ وَالَّتِي فِيهَا فَرِيضَةُ الْحَجِّ؛ الْفَرِيضَةُ الَّتِي عَظُمَتْ فِي مَنَاسِكِهَا، وَجَلَّتْ فِي مَظَاهِرِهَا، وَعَمَّتْ فِي ثِمَارِهَا، وَسَمَتْ فِي سَمَاحَتِهَا وَيُسْرِهَا.

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لا تُعَدُّ، وَعَلَى إِحْسَانِهِ الَّذِي لا يُحَدُّ، صَاحِبِ الْفَضْلِ الْعَظِيمِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، عظُمَ شَأْنُهُ وَعَزَّ سُلْطَانُهُ، وَعَمَّ فَضْلُهُ وَتَوَالَى إِحْسَانُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً تَنْفَعُ قَائِلَهَا يَوْمَ لا يَنْفَعُ ذَا مَالٍ مَالُهُ, وَلا ذَا أَعْوَانِ أَعْوَانُهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ المُطَهَّرُ سِرُّهُ وَإِعْلانُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَسَلَّم تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَدَّعَ الْعَالَمُ الإِسْلامِيُّ عَشْرَ أَيَّامٍ مُبَارَكَاتٍ؛ وَالَّتِي فِيهَا فَرِيضَةُ الْحَجِّ؛ الْفَرِيضَةُ الَّتِي عَظُمَتْ فِي مَنَاسِكِهَا، وَجَلَّتْ فِي مَظَاهِرِهَا، وَعَمَّتْ فِي ثِمَارِهَا، وَسَمَتْ فِي سَمَاحَتِهَا وَيُسْرِهَا.

 

الْفَرِيضَةُ الَّتِي تَضَمَّنَتْ مِنَ الْمَصَالِحِ مَا لاَ يُحْصِيهِ الْمُحْصُونَ، وَلاَ يَعُدُّهُ الْعَادُّونَ. تَضَمَّنَتْ مِنَ الْمَقَاصِدِ أَسْمَاهَا، وَمِنَ الْحِكَمِ أَعْلاَهَا، وَمِنَ الْمَنَافِعِ أَعْظَمَهَا وَأَزْكَاهَا.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: حَرِيٌّ بِالْمُسْلِمِ أَنْ يَتَذَكَّرَ مِنَّةَ اللَّهِ عَلَيْهِ بِالنِّعَمِ الَّتِي لاَ تُحْصَى لِيَجْتَهِدَ فِي شُكْرِ الْمُنْعِمِ الْمُتَفَضِّلِ عَلَيْهَا؛ فَنِعَمُ اللَّهِ عَلَيْنَا كَثِيرَةٌ لاَ نَسْتَطِيعُ لَهَا عَدًّا وَلاَ حَصْرًا؛ قَالَ تَعَالَى: (وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم: 34].

 

وَشُكْرُ النِّعَمِ يَتَضَمَّنُ خُضُوعَ الشَّاكِرِ لِلْمَشْكُورِ، وَهُوَ اللَّهُ جَلَّ فِي عُلاَهُ، وَحُبَّهُ لَهُ، وَاعْتِرَافَهُ بِنِعْمَتِهِ، وَثَنَاءَهُ عَلَيْهِ بِهَا، وَاسْتِعْمَالَهَا فِيمَا يُحِبُّ خَالِقُهُ.

 

قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].

 

عَبَادُ اللَّهِ: مِنَ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ الشُّكْرَ مَا تَحَقَّقَ مِنْ نَجَاحٍ بَاهِرٍ لِحَجِّ هَذَا الْعَامِ؛ حَيْثُ أَدَّى الْمُسْلِمُونَ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ فِي سَلاَمَةٍ فِي أَبْدَانِهِمْ، وَرَاحَةٍ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ وَرَخَاءٍ مَعَ هَذَا الرُّكْنِ الْعَظِيمِ فِي بِلاَدِ الْخَيْرِ وَالْعَطَاءِ؛ وَهَذَا كُلُّهُ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَوَّلاً الْقَائِلُ: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) [النحل: 53].

 

ثُمَّ بِفَضْلِ مَا تُولِيهِ حُكُومَةُ الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ مِنْ رِعَايَةٍ خَاصَّةٍ، وَعِنَايَةٍ تَامَّةٍ فِي خِدْمَةِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَقَاصِدِيهَا مِنْ ضُيُوفِ الرَّحْمَنِ. وَلَقَدْ كَانَ يُقَالُ لِمَنْ يَذْهَبُ لِلْحَجِّ قَبْلَ الْحُكْمِ السُّعُودِيِّ: «الذَّاهِبُ لِلْحَجِّ مَفْقُودٌ، وَالْعَائِدُ مَوْلُودٌ» ثُمَّ تَمَكَّنَتِ الْمَمْلَكَةُ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ تَغْيِيرِ هَذِهِ الْمَقُولَةِ الشَّائِعَةِ إِلَى حَاجٍّ يُسْتَقْبَلُ وَيُوَدَّعُ بِالْوُرُودِ، فِي ظِلِّ أَمْنٍ وَأَمَانٍ يَسُودُ، فِي بِلاَدِ آلِ سُعُودٍ، بِخِدْمَةٍ لِضُيُوفِ الرَّحْمَنِ لَيْسَ لَهَا حُدُودٌ، (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: عَلَّمَنَا نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ لِلَّهِ تَعَالَى يَكُونُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمِنْ لَوَازِمِ شُكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْ يَشْكُرَ الإِنْسَانُ غَيْرَهُ إذَا قَدَّمَ إلَيْهِ مَعْرُوفًا؛ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-قَالَ: «لاَ يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ» [صححه الألباني].

 

وَمِنْ لَوَازِمِ هَذَا الشُّكْرِ: التَّحَدُّثُ بِمُنْجَزَاتِ الدَّوْلَةِ، وَتَذْكِيرُ الأَوْلاَدِ وَالأَحْبَابِ بِهَا، وَالْفَخْرُ بِهَا، وَالثَّنَاءُ الصَّادِقُ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ صِدْقُ الدُّعَاءِ لِخَادِمِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَوَلِيِّ عَهْدِهِ الأَمِينِ؛ وَهَذَا مَا دَرَجَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ السَّلَفِ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَمُعْتَقَدَاتِهِمْ.

 

اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ:

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنَ الآثَارِ الْحَمِيدَةِ فِي مَوْسِمِ حَجِّ هَذَا الْعَامِ: الْتِزَامَ ضُيُوفِ الرَّحْمَنِ بِاسْتِخْرَاجِ تَصْرِيحِ الْحَجِّ، وَتَقَيُّدَهُمْ بِالأَنْظِمَةِ وَالتَّعْلِيمَاتِ امْتِثَالاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) [النساء: 59].

 

حَيْثَ ظَهَرَ أَثَرُ ذَلِكَ فِي سَلامَةِ صِحَّتِهِمْ وَأَرْوَاحِهِمْ، وَسَلاسَةِ تَنَقُّلِهِمْ بَيْنَ الْمَشَاعِرِ، وَأَدَائِهِمُ الْمَنَاسِكَ بِكُلِّ يُسْرٍ وَطُمَأْنِينَةٍ؛ جَعَلَ اللهُ ذَلِكَ فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِمْ.

 

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

 

وَقَالَ ‏-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رواه مسلم]

 

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

 

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَ الدِّينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ.

اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَ الْحُجَّاجِ حَجَّهُمْ، وَاجْعَلْ حَجَّهُمْ مَبْرُورًا وَسَعْيَهُمْ مَشْكُورًا، وَذَنْبَهُمْ مَغْفُورًا، اللَّهُمَّ وَمَنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ عِبَادِكَ اللَّهُمَّ نَسْأَلُكَ أَنْ تُيَسِّرَ لَهُ الْحَجَّ الأَعْوَامَ الْقَادِمَةَ بِمَنِّكَ وَفَضْلِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَأَمِّنْ حُدُودَنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَجَمِيعَ وُلاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ

المرفقات

نعمة نجاح موسم الحج.doc

نعمة نجاح موسم الحج.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات