عناصر الخطبة
1/ الله السميع. 2/ الإله الحق يسمع ويجيب. 3/ الآثار الإيمانية لمن آمن بعظيم سمع الله.اقتباس
الله هو السَّميعُ، الذي وسِعَ سمعُه الأصواتَ، يَسمَعُ كُلَّ خلقِه في آنٍ واحِدٍ، يَسمعُ السِّرَّ والنَّجوى وما هو أخفى، يَسمعُ ضجيجَ الأصواتِ، باختلافِ اللُّغاتِ، على تفنُّنِ الحاجاتِ، لا يَشغلُه سَمعٌ عن سمعٍ...
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ الذي وسِعَ سمعُهُ الأصواتَ، يُجيبُ الدَّعَواتِ، ويَكشِفُ الكُرُباتِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- حقَّ التَّقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
عبادَ الله: بينما النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- جالسٌ في بيتِه مع عائشةَ -رضيَ اللهُ عنها-؛ إذ جاءت امرأةٌ تشتكي زوجَها الذي ظاهَرَ منها -أي قال لها: أنتِ عليَّ كظهرِ أُمِّي!-، وعائشةُ في ناحيةٍ من الحُجرةِ تسمعُ بعضَ كلامِها، ويخفى عليها بعضُهُ، تقول المرأة: “يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَكَلَ شَبَابِي وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي، حَتَّى إِذَا كَبِرَتْ سِنِّي وَانْقَطَعَ لَهُ وَلَدِي ظَاهَرَ مِنِّي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ”.
وما هيَ إلا لحَظاتٌ، حتى نَزَلَ جبريلُ -عليهِ السلامُ- بالوحيِ، فتلا قولَ اللهِ -تعالى-: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة: 1]، وهنا تعجَّبت عائشة -رضي الله عنها- فقالت: “تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ شَيْءٍ! إِنِّي لَأَسْمَعُ كَلَامَ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُهُ، وَهِيَ تَشْتَكِي زَوْجَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-”.
الله هو السَّميعُ، الذي وسِعَ سمعُه الأصواتَ، يَسمَعُ كُلَّ خلقِه في آنٍ واحِدٍ، يَسمعُ السِّرَّ والنَّجوى وما هو أخفى، يَسمعُ ضجيجَ الأصواتِ، باختلافِ اللُّغاتِ، على تفنُّنِ الحاجاتِ، لا يَشغلُه سَمعٌ عن سمعٍ، ولا يَختلِطُ عليه صوتٌ بصوتٍ.
أحاطَ سمعُه بكلِّ شيءٍ، يَسمعُ دبيبَ النَّملةِ السَّوداءِ، على الصَّخرةِ الملساءِ، في اللَّيلةِ الظلماءِ.
ما من مخلوقٍ إلا يُسبِّحُ بحمدِه، الملائكةُ والإنسُ والجنُّ والطَّيرُ والوَحْشُ، حتى تلك الصُّخورُ والحصى، يَسمعُ تسبيحَها بقُدرتِه.
إنه السَّميعُ لأنَّه الإلهُ الحقُّ؛ إذ كيف يكونُ الإلهُ أصمَّ لا يَسمَعُ؟
الملِكُ الحقُّ يصفُ نفسَه فيقول: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: 11].
وأمّا ما سواهُ من الأندادِ الباطلةِ، فهُم كما قالَ الملِكُ -سُبحانَه-: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر: 13-14].
ألم يقُمْ إبراهيمُ -عليه السلام- أمامَ أبيهِ الذي يَعبُدُ الأوثانَ قائلًا له: (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا) [مريم: 42]، وقال لقومِه المشركينَ باللهِ، يَعيبُ أصنامَهمْ: (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ) [الشعراء: 72]؟
عبدَ الله: إنّ العبدَ المؤمنَ باللهِ السَّميعِ الذي وسِعَ سمعُهُ الأصواتَ يطمئنُّ قلبُهُ فلا يتوكَّلُ إلّا على اللهِ.
أولم تسمعْ قولَه -تعالى-: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [العنكبوت: 60].
ها هو ربُّ العالمين يأمرُ موسى وأخاهُ هارونَ عليهما السلامُ بالذَّهابِ إلى فرعونَ، فيتسلَّلُ إليهما شيءٌ من الخوفِ من طُغيانِ فرعونَ، فيقولان: (رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) [طه: 43-46].
هكذا الطُّمَأنينة: (لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى).
يخرجُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائفِ يدعو أهلَها إلى التَّوحيدِ، فيَعْتَدُونَ عليه في أشدِّ يومٍ مرَّ عليه، فإذا بجبريلَ -عليه السلام- يناديهِ قائلًا: “إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ”، قال -صلى الله عليه وسلم-: “فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟”، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا”(رواه البخاري ومسلم).
إنه الإيمانُ باللهِ وأسمائِهِ وصفاتِهِ الذي يجعلُ المؤمنَ يَمضي في إقامةِ دينِ اللهِ متوكّلًا على ربِّهِ الذي قال: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [الشعراء: 217-220].
إنَّ العبدَ المؤمنَ بعظيمِ سَمعِ اللهِ يُحسِنُ طاعةَ ربِّهِ، الذي يسمَعُ السِّرَّ والنَّجوى، ويكتفي بسمعِ اللهِ له؛ فلا يضرُّه أسَمِعَ الناسُ به أم صَمُّوا عنه، فكفَى باللهِ سميعًا عليمًا.
أنتَ -أيُّها المصلِّي- عندمَا تقومُ بين يدَي ربِّكَ، تؤمِنُ أنَّك تُناجيهِ، فيسمَعُكَ ويرُدُّ عليك؛ فما أعظمَ الأُنسَ بربِّ العالمينْ، قال -تعالى- في الحديث الإلهي: “قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، قَالَ اللهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، قَالَ اللهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)، قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ”(رواه مسلم).
المؤمنُ بسمعِ اللهِ يوقِنُ أنّ اللهَ سمِعَهُ وأجابَه، يقولُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذْ قَالَ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُولُوا: آمِينَ، يُجِبْكُمُ اللهُ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ يَسْمَعُ اللهُ لَكُمْ؛ فإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ -صلى الله عليه وسلم-: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ”(رواه مسلم).
المؤمنُ بعظيمِ سمعِ اللهِ لا يضرُّه أسَمِعَ الناسُ طاعتَه أم لم يسمعوا، بل يكفِيه أنَّ اللهَ سمِع.
لقد توعَّدَ اللهُ أولئكَ الذين يريدونَ إسماعَ النّاسِ طاعاتِهم، يقولُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ”(رواه البخاري ومسلم).
المؤمنُ بعظيمِ سَمعِ اللهِ يَدعو ربَّه تضرُّعًا وخُفيَة، مُوقنًا أنَّ اللهَ سميعٌ قريبٌ مُجيب، لا تحتاجُ أن تَصرُخَ ليَسمَعَ صوتَك؛ فمتى ناجيتَه أجابَك.
ها هوَ النّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في بعضِ أسفارهِ يسمعُ أصحابهُ يرفعونَ أصواتهم بالتَّهليلِ والتَّكبيرِ فيقولُ لهم: “أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ فإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا، وَهُوَ مَعَكُمْ”(رواه البخاري ومسلم).
سمعَ اللهُ نداءَ زكريّا -عليهِ السلامُ- لهُ معَ خفائهِ، قال -سبحانه-: (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) [مريم: 2-4].
سمعَ يوسفَ -عليهِ السلامُ- وهوَ يدعوهُ أنْ يصرِفَ عنهُ كيدَ النِّسوةِ، فاستجابَ لهُ؛ لأنَّهُ السَّميعُ العليمُ، فقال: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [يوسف: 33-34].
سمعَ نبيَّهُ يونسَ -عليهِ السلامُ- يُناديهِ في الظُّلماتِ قائلًا: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 87-88].
وأنتَ -عبدَ الله- تُحيطُ بكَ الشَّياطينُ، ولا نَجاةَ لكَ من نَزَغاتِهِم إلّا أنْ تَستعيذَ باللهِ السَّميعِ العَليمِ، قال -سبحانه-: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [فصلت: 36].
ثِقْ أنَّكَ إنْ عُذْتَ بهِ فسيكفيكَ؛ لأنَّهُ السَّميعُ العَليمُ القائلُ: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة: 137].
باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وبعدُ:
إنَّ المؤمنَ بعظيمِ سمعِ اللهِ يتَّقي اللهَ فيما يقولُ، ويوقِنُ أنَّ اللهَ يسمعُ قولَه ويُحاسبُهُ عليه.
انظُرْ إلى آيةِ الطَّلاقِ كيف ختَمها اللهُ بقولهِ: (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 227].
كمْ مِنْ رجلٍ يُطلِّقُ امرأتَهُ ثم ينكرُ وهو يعلم، فكيفَ بهِ إذا سألهُ اللهُ السَّميعُ العليمُ؟
المؤمنُ بعظيمِ سمعِ اللهِ يستحيي أنْ يسمعَ اللهُ منهُ ما لا يُرضيهِ، يعلمُ أنَّ اللهَ يسمعُ ويرى فلا يَنطِقُ إلا بخيرٍ.
ألم يسمعِ العبدُ الذي ينطقُ بما يُسخِطُ اللهَ قولَه -تعالى-: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) [الزخرف: 80]؟ يقولُ عبدُ الله بن مسعود -رضي الله عنه-: “اجْتَمَعَ عِنْدَ البَيْتِ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ - أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ - كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَالَ الآخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا وَلاَ يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا، وَقَالَ الآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ) [فصلت: 22]”(رواه البخاري ومسلم).
اللهمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ، وأهلِكِ الكفَرةَ المجرمين، اللهمَّ وأنزلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.
اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمَن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم