خطبة عن : أولياء الله ...

خطبة : عن أولياء الله [حديث من عادى لي ولياً]    كتبها : خالد بن خضران العتيبي  الجمش- الدوادمي.
 

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

عبادَ الله إن من أنفع الأمور للمسلم أن يكثر النظر في أحاديثِ النبي صلى الله عليه وسلم ففيها الخيرُ العظيم للعبدِ في دنياه وآخرتِه .

ولعنا في هذه الخُطبة أن نقف مع حديثٍ عظيمٍ من أحاديثِ النبي صلى الله عليه وسلم ونأخذُ منه الفوائدَ والأحكام .

جاء في صحيح البخاري  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ .

عبادَ الله أولُ فائدةٍ نأخذها من هذا الحديث عِظم منزلة الأولياء عند الله وأولياء الله هم عباده المتقون الصالحون وكلما كان العبدُ أقوى إيماناً وأكثر تقوى كلما كان أقرب وأحب إلى الله سبحانه وتعالى يقول تعالى ( (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ - الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ)

فالفاسق والمبتدع والكافر ليسوا أولياء لله سبحانه وتعالى بل الولي هو المؤمن التقي لربه سبحانه وتعالى .

وأولياء الله الواجب علينا محبتهم في الله وعدم أذيتهم ولذلك جاء الوعيد الشديد على من يؤذي المؤمنين الأتقياء ويعاديهم ففي هذا الحديث القدسي يقول تعالى : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ .

والله سبحانه وتعالى إذا حارب أحداً هلك والعياذ بالله .

وهؤلاء الأولياء أنقسم الناس فيهم إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : قسم غلو في أولياء الله سبحانه وتعالى ورفعوهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله سبحانه وتعالى  فيدعونهم من دون الله ويستغيثون بهم من دون الله  حتى جعلهم بعض الغلاة من المتصوفة يتصرفون في الكون والعياذ بالله وقد رأينا ما حدث قبل أيام في بعض الدول عند قبر من يُسمى ( البدوي) من شركٍ أكبر فتسمع الرجل والمرأة يقولون مدد مدد يا بدوي ويتبركون به ويستغيثون به فحتى لو كان ( البدوي ) ولياً لا يجوز أن ندعوه ونستغيث به من دون الله ونصرف له العبادة فهذا كله من الشرك الأكبر والله سبحانه وتعالى يقول ( {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)}  وكل مخلوق هو دون الله الأنبياء الأولياء الملائكة الجن كل الخلق دون دون الله لا يجوز صرف العبادة لهم فهذا من الشرك الأكبر وانتبه يا عبدَ الله لا يخدعوك ويقولون هذا توسل ربنا يقول ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ) سماه شركاً .

فالعبد إنما يدعو ربه سبحانه ويصرف له العبادة والواجب الإنكار على هؤلاء المشركين ونصيحتهم ونشر التوحيد فالجهل بالتوحيد وبالقرآن والسنة والإعراض عنهما يؤدي إلى هذه الظلمات والعياذ بالله .

والقسم الثاني : قسم فرط في حق الأولياء فعاداهم وآذاهم بفعله وبقوله فتجد أنه يستهزئ بالعلماء وبأهل الخير والصلاح والتقى وهذا من تسلط الشيطان عليه بسبب بعده عن الله فالإنسان كلما ابتعد عن الله كلما نفر من أهل الخير والصلاح والتقى .

والقسم الثالث : أنزلوا الأولياء منزلتهم التي أنزلها الله سبحانه فهو يحبونهم ويقدرونهم ولكن لا تحملهم محبتهم لهم أن يرفعوهم فوق منزلتهم ، فهو وسط بين الفريقين بين من غلى وبين من فرط وجفا  ، فهذا القسم هو الذي وافق الصواب  .

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

عبادَ الله نستفيد من هذا الحديث أهمية المحافظة على الفرائض يعني الواجبات وأهمية الاكثار من النوافل والاستمرار على ذلك فالعبد الذي يؤدي الفرائض ويحافظ عليها ومن أعظم ذلك الصلاة في وقتها ويكثر من النوافل كقراءة القرآن والمحافظة على السنن الرواتب وقيام الليل والوتر وصلاة الضحى والصدقات وصيام النافلة وغير ذلك من الأعمال الصالحة ينال الثمرات العظيمة :

ومن ذلك : محبةُ الله سبحانه وتعالى ولذلك قال في هذا الحديث ( حتى أحبه ) والله إذا أحب العبد وفقه في سمعه فلا يسمع ما يغضب الله ووفقه في بصره فلا ينظر إلى ما حرم الله ووفقه في يده فلا يمدها على شيء يغضب الله ووفقه في خطواته فتجد أنه لا يذهب إلى الأماكن المحرمة التي يجتمع فيها أهل الباطل وتحصل فيها المنكرات بل يذهب بخطواته إلى ما يرضي الله كالمساجد وصلة الأرحام وغير ذلك من أعمال الخير ولذلك يقوله في هذا الحديث القدسي ( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا )

ومن الثمرات التي يحصلها إجابة الدعاء فالعبد المؤمن التقي الذي يكثر من الخير إجابة دعوته أقرب من غيره يقول أبو ذر : يكفي من الدعاء مع البر [أي كثيرة الخير] ما يكفي الطعام من الملح .

فلنحرص عبادَ الله على تطبيق هذا الحديث ففيه الخيرُ العظيم .

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم إنَّا نسألك لإخواننا المسلمين في كل مكان فرجاً قريباً اللهم علينا بأعداء هذا الدين إنك أنت القوي العزيز عباد الله صلوا على من أمرك الله بالصلاة عليه فقال ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صل على محمد اللهم ارضَ عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين .

عبادَ الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فأذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المرفقات

1761222289_خطبة من عادى لي ولياً.docx

المشاهدات 177 | التعليقات 0