دوامُ الطاعةِ

محمد محمد
1446/12/15 - 2025/06/11 22:15PM

دوامُ الطاعةِ-17-12-1446هـ-مستفادة من خطبة أحدِ الشيوخِ

الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:

تَتَابَعُ مَوَاسِمُ الطَّاعَاتِ عَلَى عِبَادِ اللهِ، لِيَنَالُوا مِنهَا مَا يَنَالُونَ مِنَ الحَسَنَاتِ، يَأتي رَمَضَانُ، ثُمَّ سِتُّ شَوَّالٍ، وَتَدخُلُ عَشرُ ذِي الحَجَّةِ وَفِيهَا يَومُ النَّحرِ، ثُمَّ تَتلُو يَومَ النَّحرِ أَيَّامُ التَّشرِيقِ، يَصُومُ المُسلِمُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَقُومُونَ، وَيُزَكُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَيَبذُلُونَ، وَيَحُجُّ مِنهُم مَن يَحُجُّ، وَيُضَحِّي مَن يُضَحِّي، وَيَذكُرُونَ اللهَ وَيُكَبِّرُونَ وَيَدعُونَ، وَيُقَدِّمُونَ مَا يُقَدِّمُونَ، مُخْلِصينَ في كُلِّ ذَلِكَ للهِ-تَعَالى-وَحدَهُ، وَمُتَبِعينَ لِرَسُولِهِ-عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-، فَهَل يَتَوَقَّفُونَ بَعدَ ذَلِكَ حَتَّى يَدخُلَ رَمَضَانُ القَادِمُ؟! هَل يَنطَلِقُونَ في دُنيَاهُم وَيَسبَحُونَ في بُحُورِ الغَفلَةِ؟!

الفُتُورُ مِن طَبِيعَةِ البَشَرِ، وَقَد يَضعُفُ مِنَ النَّاسِ مَن يَضعُفُ، وَيَتَرَاجَعُ مَن يَتَرَاجَعُ.

أَمَّا الـمُؤمِنُ فلهُ وِجْهِةٌ أخرى، وَشُعُورٌ مُغَايِرٌ، وَتَفكِيرٌ مُخَالِفٌ، الـمُؤمِنُ كُلُّ حَيَاتِهِ مَوسِمٌ لِلعِبَادَةِ، وَكُلُّ فُرصَةٍ تَتَيَسَرُ لَهُ مَكسَبٌ للطَّاعَةِ، وَبَينَ يَدَيهِ مِنَ الـمَوَاسِمِ الـمُؤَقَّتَةِ وَالـمَفتُوحَةِ مَا يـُمكِنُهُ بِاستِثمَارِهَا أَنْ يَربَحَ الكثيرَ من الحَسَنَاتِ، وَيَنَالَ رَفِيعَ الدَّرَجَاتِ، وَتُكَفَّرَ بـها السَّيِّئَاتُ، وَيُنْتَشَلَ بـِهِا مِنَ الدَّرَكَاتِ.

فَالصَّلَوَاتُ الخَمسُ مَوَاسِمُ مُتَكَرِّرَةٌ في اليَومِ وَاللَّيلَةِ، وَمَحَطَّاتُ تَزَوُّدٍ لا يَتَجَاوَزُها.

وَنَوَافِلُ الصَّلَوَاتِ كَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَصَلاةِ الضُّحَى وَقِيَامِ اللَّيلِ وَالوِترِ.

وَنَوَافِلُ الصِّيَامِ كَالأَيَّامِ البِيضِ، وَالاثنَينِ وَالخَمِيسِ، وَيَومِ عَاشُورَاءَ، كُلُّهَا مَنَابِعُ لِلتَّرَوِّي.

وَالصَّدَقَاتُ بَابٌ وَاسِعٌ مَفتُوحٌ عَلَى مِصرَاعَيهِ، لا يُغلَقُ لفقرٍ، وَلا لضِيقِ حَالٍ.

وَقِرَاءَةُ القُرآنِ وَالذِّكرُ نَهرٌ عَذبٌ، يَرِدُهُ العَبدُ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى جَنبٍ.

وَالاستِغفَارُ مـَمْحَاةٌ لِلذُّنُوبِ وَنَقَاءٌ وَصَفَاءٌ.

وَبِرُّ الوَالِدَينِ، وَصِلَةُ الأَرحَامِ، وَإِكرَامُ الجِيرَانِ، وَحُسنُ الأَخلاقِ، وَطِيبُ التَّعَامُلِ، وَالإِحسَانُ إِلى الخَلقِ، وَقَضَاءُ حَاجَاتِهِم، وَتَفرِيجُ كُرُبَاتِهِم، وَإِيصَالُ البِرِّ، وَكَفُّ الأَذَى، وَالبَشَاشَةُ وَالبِشرُ وَطَلاقَةُ الوَجهِ، وَرَدُّ السَّلامِ، وَإِجَابَةُ الدَّعوَةِ، وَزِيَارَةُ الإِخوَةِ، وَعِيَادَةُ الـمَرضَى، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَتَشمِيتُ العَاطِسِ، وَكَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ لِجَبرِ خَاطِرٍ.

وَعِمَارَةُ بُيُوتِ اللهِ حِسِّيًّا وَمَعنَوِيًّا وَتَنظِيفُهَا وَتَطيِيبُهَا وَالعِنَايَةُ بِهَا.

وَالـمُسَاهَمَةُ في بَرَامِجِ الدَّعوَةِ وَالخَيرِ وَدَعمُ مَشرُوعَاتِ البِرِّ.

وَالأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ.

كُلُّ هَذِهِ وَأَمثَالُهَا أَبوَابٌ لِلخَيرِ، وَفُرَصٌ للتَّزَوُّدِ.

وليسَ بَينَ العَبدِ وَبيَن أَن يَنَالَ الأُجُورَ وَيَكتَسِبَ الحَسَنَاتِ، إِلاَّ نِيَّةٌ صَالِحَةٌ، وَعَزمٌ وَجِدُّ، وَاحتِسَابُ أَجرٍ، وَاغتِنَامُ عُمُرٍ، وَإحسانُ عَمَلٍ، وَمُحَاسَبَةُ نَفسٍ، وَإِعَادَةُ نَظَرٍ في قَادِمٍ وَمَقدُومٍ عَلَيهِ؛ مِن قَبرٍ وَحَشرٍ وَحِسَابٍ، وَثَوَابٍ في جَنَّةٍ، وَعِقَابٍ في نَارٍ.

"مَن عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفسِهِ"، "وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللهِ هُوَ خَيرًا وَأَعظَمَ أَجرًا".

فالحذرَ الحذرَ من التَّسوِيفِ وَالتَّأجِيلِ، وَالـمُمَاطَلَةِ وَالتَّلَفُّتِ، وَالجُبنِ وَالبُخلِ، وَالكَسَلِ وَالتَّرَدُّدِ، فما أجملَ الإقدامَ والبذلَ والعطاءَ، والتعاونَ والـمُساهمةَ والـمُـشاركةَ! فَكُلُّ عَمَلِ خَيرٍ صَغُرَ أَو كَبُرَ فَهُوَ بِأَجرِهِ.

"وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ".

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ".

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ*وَجَاهِدُوا في اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجتَبَاكُم وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسلِمِينَ مِن قَبلُ وَفي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيكُم وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَولاكُم فَنِعمَ المَولى وَنِعمَ النَّصِيرُ".

أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فالـمُؤمِنُ في حَيَاتِهِ مُسَافِرٌ إِلى رَبِّهِ، لا يَصِلُ إِلى مَحَطَّةٍ فَيَتَوَقَّفُ فِيهَا، إِلاَّ وَقفَةَ مُسَافِرٍ لِرَاحَةٍ يَسِيرَةٍ، وَتَزَوُّدٍ لإِتـمَامِ سَفَرِهِ، فلَيسَ في الدُّنيَا تَوَقُّفٌ أَبَدًا، وَلَيسَ لِعَمَلِ الـمُؤمِنِ نـِهَايَةٌ دُونَ المَوتِ، قَالَ-سُبحَانَهُ-: "وَاعبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقِينُ"، وَقَالَ-تَعَالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تـَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسلِمُونَ"، وَمِن رَحمَةِ اللهِ بعبدهِ الـمسلمِ أنْ جعلَ النِّيَّةَ الطَّيِّبَةَ، وَاحتِسَابَ الأَجرِ في كُلِّ خَطوَةٍ يَخطُوهَا، فهِيَ لَهُ أَجرٌ وثوابٌ، حَتَّى وَإِن كَانَت مِن أَعمَالِ الدُّنيَا، أَو حَاجَاتِ النَّاسِ اليَسِيرَةِ الَّتي تَنفَعُهُم، أَوْ شَهَوَاتِ النُّفُوسِ الَّتي أَحَلَّهَا اللهِ، فَإِنَّ لِلعَبدِ في إِتيَانـِهَا أَجرًا إِذَا استَغنَى بِهَا عَنِ الحَرَامِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ-جِماعِ زوجتِهِ-صَدَقَةٌ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكونُ له فِيهَا أَجْرٌ؟ قالَ: أَرَأَيْتُمْ لو وَضَعَهَا في حَرَامٍ، أَكانَ عليه فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلَالِ كانَ له أَجْرٌ"، وقالَ النبيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "وَإِنَّكَ لَن تُنفِقَ نَفَقَةً تَبتَغِي بِهَا وَجهَ اللهِ إِلاَّ أُجِرتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجعَلُ في في-فَمِ-امرَأَتِكَ" وَقَالَ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "تَبَسُّمُكَ في وَجهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمرُكَ بِالمَعرُوفِ وَنَهيُكَ عَنِ المُنكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرشَادُكَ الرَّجُلَ-التائِهَ-في أَرضِ الضَّلالِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ البَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الحَجَرَ وَالشَّوكَةَ وَالعَظمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفرَاغُكَ مِن دَلوِكَ في دَلوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ".

اللَّهمَّ لكَ الحمدُ، وإِليكَ الـمُشتكى، وأَنتَ الـمُستَعانُ، وبِكَ الـمُستغاثُ، وعليكَ التُكْلان، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بكَ.

اللَّهمَّ إنِّا نسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمدُ، وأَنَّا نَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، الْأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، المنَّانُ، بديعُ السَّمواتِ والأرضِ، ياذا الجلالِ والإِكرامِ، يا حيُّ يا قيُّومُ.

اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، ووفقهمْ لرضاكَ، ونَصرِ دِينِكَ، وإعلاءِ كَلمتِكَ.

اللَّهُمَّ انصرْ جنودَنا الـمُرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.

اللَّهُمَّ أَلِّفْ بينَ قلوبِ الـمُسلمينَ، وأصلحْ بينهم.

اللَّهُمَّ الطفْ بنا وبالـمِسلمينَ على كُلِّ حالٍ، وبَلِّغْنا وإياهُم من الخيرِ والفرجِ والنصرِ منتهى الآمالِ.

اللَّهُمَّ أحسنْتَ خَلْقَنا فَحَسِّنْ أخلاقَنا.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا ولوالدِينا وأهلِنا والـمُسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ، والهُدى والسَّدادَ، والبركةَ والتوفيقَ، وَصَلَاحَ الدِّينِ والدُنيا والآخرةِ.

اللَّهُمَّ يا شافي اِشْفِنا وأهلَنا والـمسلمينَ والـمسالِمين.

اللَّهُمَّ (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).

اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالـمينَ.

المرفقات

1749669335_دوامُ الطاعةِ-17-12-1446هـ-مستفادة من خطبة أحدِ الشيوخِ.docx

1749669335_دوامُ الطاعةِ-17-12-1446هـ-مستفادة من خطبة أحدِ الشيوخِ.pdf

المشاهدات 210 | التعليقات 0